اليمن لا يعيش حربًا بين الشمال والجنوب فقط، بل بين مشروع شعب يتطلع إلى دولة، وطبقة سياسية تصرّ على البقاء في مربع الفشل. كل الشعارات الكبيرة تذوب حين تقترب من واقع الناس: غياب خدمات، تفكك أمني، وسلطة بلا سيادة.
الحوثي يتمدد ليس لأنه الأقوى، بل لأن خصومه أضعف، غارقون في انقساماتهم، يخوضون معارك جانبية ويبحثون عن مكاسب آنية. أما الجنوب، الذي طالما وُعد بـ”الدولة القادمة”، فبات رهينة صراعات داخلية بين قوى لم تنضج سياسيًا، ولم تتفق حتى على شكل علمها.
الحديث عن الانفصال أو الوحدة، بلا مشروع حقيقي، صار عبثًا إعلاميًا. ما يُدار اليوم هو تقاسم لمواقع النفوذ لا لبناء مؤسسات. في هذا السياق، ليس غريبًا أن يجد المواطن نفسه وحيدًا، محاصرًا بين جماعة دينية متطرفة، وسلطة مدنية فاشلة.
اليمن الجديد لن يُصنع في غرف مغلقة، ولا ببيانات دولية. سيولد من وعي الناس، من رفضهم لهذا العبث، ومن قدرتهم على تجاوز من صادروا صوتهم سنوات طويلة.
الزمن لا ينتظر أحدًا، والتاريخ لا يرحم من ضيّعوا فرصة التحوّل.