الاستشراق هو دراسة الغرب للشرق من أجل فهمه وتفسير أحواله، والاهتمام بمعارفه وعلومه وحضارته، وخدمة تراثه لجعله مقدمةً لانطلاق الغرب وتقدّمه وازدهاره. هو عبارةٌ عن حركةٍ أدبيةٍ وفنيةٍ مولعةٍ بسحر الشرق. ظهرت في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وارتبط بالبحث عن الغرابة والنبالة، والانسياق وراء العوالم الشرقية العجيبة والغريبة، و الإعجاب برجولة الإنسان الشرقي وشجاعته، والانبهار بالحضارة الشرقية في مختلف تجلياتها ومجالاتها المتنوعة والمختلفة.
هو تخصصُ العلماء الغربيين ، لذلك كان لزاماً عليهم إتقان اللغة الشرقية وإعداد دراساتٍ في مواضيع تتعلق بالشرق ومعالجة الظواهر والقضايا التي أنتجها الشرق. ولعلّ أبرز عوامل ظهور الاستشراق من الناحية الدينية هي الرغبة في فهم الإسلام والمسلمين فضلاً عن حركات التبشير والتنصير و الإصلاح الديني. وبعض العوامل كانت ترتبط بالبحث عن الرزق ولقمة العيش. لكن تبقى الدوافع الدينية هي الأبرز و تليها الدوافع الاستعمارية.
قدّم الاستشراق خدماتٍ جليلةً للحضارة العربية الإسلامية، من خلال التحقيق في نصوصها ومخطوطاتها ونشرها من جهةٍ، ودراستها وتحليلها وفهمها وتأويلها من جهةٍ أخرى، بالإضافة إلى التعريف بأعلامها وفكرها وثقافتها وعلومها أيضا.
في حين أن للاستشراق سلبيات واضحةٌ من كونه استشراقاً براغماتياً منفعياً، هدفه الأساسي العدوان على الشعوب الآمنة التي لا تريد حروباً ولا معارك ولا صراعات طاحنة. وبالتالي كان الاستشراق خدمةً للاستعمار و دعمَ الرأسمالية المتوحشة أيضاً.
لم يكن الاستشراق كله سلبياً فقد تضمّن كثيراً من الفضائل الإيجابية التي يتميّز بها الإنسان العربي المسلم، ورصد أثر الحضارة العربية المسلمة في باقي الحضارات بما فيها الحضارة الغربية نفسها.