يشهد الملف اليمني تصاعدًا ملحوظًا على المستويين السياسي والأمني، في ظل تسارع الجهود الدولية الرامية لإحلال السلام، بالتوازي مع تهديدات خطيرة تمارسها مليشيا الحوثي الإرهابية عبر عملياتها التخريبية في البحر الأحمر واستهدافها لأمن الملاحة الدولية. وفي خضم هذه التطورات، يواصل اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نشاطًا دبلوماسيًا لافتًا في العاصمة السعودية الرياض، كان أبرز محطاته لقاؤه الأخير بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي.
لقاءات مكثفة.. وحضور جنوبي متقدم في المشهد السياسي
الزيارة التي نُشرت تفاصيلها عبر الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، تأتي ضمن سلسلة من اللقاءات التي يجريها الزُبيدي مع سفراء وممثلي الدول الكبرى والهيئات الإقليمية، في سياق تثبيت موقع الجنوب كطرف فاعل وشريك حقيقي في أي تسوية سياسية قادمة، مع تأكيد التمسك بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم وفقًا لإرادتهم الحرة.
اللواء الزُبيدي وخلال لقائه بالأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ناقش جملة من الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، وعلى رأسها تطورات الموقف الحوثي العدائي في البحر الأحمر، والمساعي الدولية لبلورة مسار تفاوضي دائم. وأكد الزُبيدي أن أي سلام شامل لن ينجح دون تمثيل الجنوب كشريك رئيسي فيه، واعتراف دولي بحقوقه المشروعة، في إشارة إلى ضرورة تجاوز المعادلات السابقة التي لم تنتج سوى الفشل وتفاقم الصراع.
تصعيد حوثي يهدد الأمن الإقليمي والدولي
في وقت تتكثف فيه التحركات السياسية، يواصل الحوثيون تنفيذ أجندة إيرانية تخريبية تستهدف أمن البحر الأحمر والممرات الدولية، وهو ما يضع أمن اليمن والمنطقة والعالم في مواجهة مباشرة مع الإرهاب الحوثي، بعد إدراج المليشيا رسميًا ضمن قوائم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة ودول عدة.
وفي هذا السياق، شدد الزُبيدي على أهمية تكثيف الدعم الإقليمي والدولي للقوى الجنوبية التي تقف على الخطوط الأمامية دفاعًا عن البحر الأحمر والموانئ الاستراتيجية، باعتبارها صمام أمان للملاحة العالمية، مؤكدًا أن استقرار الجنوب هو مفتاح حماية الأمن القومي العربي من تهديدات المليشيا المدعومة من إيران.
السلام لا يُبنى بتجاهل إرادة الشعوب
في ظل الحراك الدولي للتوصل إلى اتفاق سلام شامل، تبرز لقاءات الزُبيدي كجزء من معركة سياسية متقدمة يخوضها الجنوب من بوابة الشرعية، لتثبيت موقعه على خارطة التفاوض وصياغة المستقبل. ويرى مراقبون أن هذه اللقاءات تعكس تنامي الإدراك الإقليمي والدولي بضرورة إشراك المجلس الانتقالي الجنوبي كشريك لا غنى عنه في أي تسوية سياسية تضمن استقرار اليمن والمنطقة.
إلا أن هذا الحراك السياسي، رغم زخمه، يصطدم بواقع مأساوي تعيشه محافظات الجنوب، حيث يعاني المواطنون من انهيار العملة المحلية، انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتدهور مريع في الخدمات الأساسية، وسط غياب مؤسسي للدولة في ملفات الإعمار والتنمية.
ماذا بعد اللقاءات؟.. المواطن الجنوبي ينتظر الثمار
ما يترقبه الشارع الجنوبي اليوم ليس فقط الاعتراف السياسي بحقوقه، بل أيضًا ترجمة هذه التحركات الدبلوماسية إلى نتائج ملموسة تخفف من معاناته اليومية. المواطن في عدن والمكلا ولحج والضالع، بل وحتى في سقطرى، لم يعد يطالب بأكثر من حقه في العيش الكريم في ظل دولة تُدير شؤونه بكفاءة وتضع مصالحه فوق الحسابات السياسية الضيقة.
ويُعوّل كثيرون على أن تؤدي هذه اللقاءات إلى تسريع دعم سعودي – خليجي مباشر للبنية التحتية في الجنوب، وتمكين السلطات المحلية من إدارة شؤونها بعيدًا عن عبث القوى التي تسعى لابتلاع ثروات الجنوب وتعطيل مؤسساته.
ختامًا.. الجنوب بين السياسة والميدان
ما بين معركة دبلوماسية تخوضها قيادة المجلس الانتقالي في الرياض، ومعركة خدمية واقتصادية يعيشها المواطن في الداخل، يظل الجنوب حاضرًا بقوة على الطاولة، لكن الرهان الأكبر يبقى في ترجمة هذا الحضور إلى مشروع دولة قوية تحمي شعبها وتعيد له اعتباره في محيطه العربي والدولي.
ومع تصاعد التهديدات الحوثية، تبقى الحاجة مُلحة لتثبيت الحلفاء الحقيقيين على الأرض، وفي مقدمتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، كقوة صادقة في مواجهة الإرهاب وحاملة لمشروع الاستقرار، لا مشروع الهيمنة.