Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
/
/
فاطمة الدوسري: أكتب لأُعبّر عن الإنسان.. و البيئة الريفية منحتني العمق

فاطمة الدوسري: أكتب لأُعبّر عن الإنسان.. و البيئة الريفية منحتني العمق

Picture of حوار: محمد سعد آل ماضي

حوار: محمد سعد آل ماضي

 

في المشهد الثقافي السعودي، تقف بعض الأسماء النسائية شاهدة على التحول المجتمعي والإبداعي في المملكة، ومن بينها الكاتبة فاطمة بنت عبدالله ابن مبارك الدوسري، التي جمعت بين الحس الأدبي، والتجربة التربوية، والرؤية المجتمعية. لم تكن بداياتها سهلة، فقد كتبت من منطقة ريفية محدودة الإمكانات، حيث لم تكن الصحف تصل، ولا وسائل النشر متاحة كما اليوم. ورغم ذلك، تمكنت من صناعة صوتها بثبات، حتى أصبح اسمها اليوم حاضرًا في الصحف، والمجلات، والمنتديات الثقافية، بل ووصلت بعض أعمالها إلى الترجمة ضمن مشاريع وطنية.

فاطمة الدوسري لم تكتب من برج عاجي، بل من واقعها المهني والتعليمي والاجتماعي، ولامست الإنسان في قضاياه اليومية بلغة راقية وواقعية، جعلتها تحظى باهتمام قرّاء من أجيال متعددة. في هذا الحوار الحصري، تروي “بنت الريف” محطاتها الأولى، وتجربتها في التعليم، وتفاصيل إنتاجها الأدبي، وموقفها من قضايا المرأة، والنشر، والهوية.

كيف كانت بدايتكِ في الكتابة الصحفية؟

كانت البداية عفوية، بدافع داخلي وحب صادق للكلمة. في عام 1406هـ، بدأت أرسل مشاركاتي إلى جريدة الجزيرة، وفيما بعد إلى الرياض، وتنوعت تلك النصوص بين القصة والخاطرة والمقال. ثم جاءني تكليف من الأستاذ محمد العتيق بتحرير صفحة “فتاة الجزيرة”، والتي أصبحت فيما بعد “شؤون عائلية”، حيث كتبت إلى جانب أسماء بارزة كفاطمة العتيبي وناهد باشطح.

اعلان

لكن مع مرور الوقت، واجهت صعوبات كثيرة في الاستمرار، أهمها صعوبة التواصل في رنية آنذاك، حيث لم تكن الصحف تصلنا بانتظام، وكان التواصل محصورًا بالبريد. وهذا ما جعلني أكتفي بالمشاركات غير المنتظمة دون الارتباط بالتحرير الدائم.

ما أبرز التحديات التي واجهتكِ في تلك المرحلة؟

كانت المرحلة مليئة بالعوائق، خصوصًا أنني أعمل بالتعليم، ولا يوجد وقت كافٍ للمتابعة المستمرة. بالإضافة إلى البعد الجغرافي، وصعوبة الحصول على الصحف، وقلة النوافذ المتاحة للكاتبات من خارج المدن الكبرى.

لكن الدعم الأسري، وخصوصًا من والدي، لعب دورًا كبيرًا في منحي الثقة للاستمرار. أفتخر أنني كتبت باسمي الصريح منذ البداية، بعد أن طلب مني والدي ذلك، وواجه ضغوطات من بعض أبناء المجتمع الذين طلبوا منه منعي من النشر، فكان صلبًا ومؤمنًا بقدرتي على التعبير، وأقنعهم، حتى أصبح بعضهم لاحقًا من المؤيدين لمسيرتي.

كيف انعكست البيئة الريفية على وعيكِ الأدبي؟

الريف لم يكن فقط خلفية مكانية، بل هو نَفَسٌ ولغة وأسلوب تفكير. هوية الكاتب تتشكل من محيطه، وأنا لا أنفصل عن هذا التكوين. البساطة، والصدق، والارتباط بالناس والبيئة والمشاعر، كلها أمور تشربتها منذ طفولتي، وتنعكس في كتاباتي، سواءً في القصص أو الروايات أو المقالات.
حتى حين انتقلت إلى الرياض عام 1410هـ، ظل الريف في لغتي ورؤيتي، ولم أفقد هذا العمق.

ما أبرز المنصات التي نشرتِ فيها؟

نشرت في صحف ومجلات عديدة مثل: الجزيرة، الرياض، اليمامة، المجلة العربية، النهضة الكويتية. ثم انتقلت إلى المنتديات الثقافية الإلكترونية، وبعدها إلى الصحف الرقمية، وحساباتي الشخصية في “إكس” و”فيسبوك”. وكنت دائمًا أكتب في مجالات القصة القصيرة، والخاطرة، والمقال الاجتماعي والنقدي.

ما الموضوعات التي تركزين عليها في كتاباتك؟

أركز على الشأن الإنساني، والأسرة، والطفل، والمجتمع بشكل عام. يهمني أن أكتب عن الناس العاديين، عن قصصهم الصامتة، ومشاعرهم المخفية، وأحداثهم اليومية. كما أتناول القضايا الفكرية بأسلوب أدبي بعيد عن المباشرة أو التلقين.

حدثينا عن الفرق بين القصة والرواية في تجربتك؟

القصة القصيرة مساحة مركزة تختزل الموقف أو الفكرة في مشهد أو لحظة، وهي تتطلب اقتصادًا لغويًا وفنيًا. أما الرواية فهي مساحة أوسع، تأخذ القارئ في رحلة طويلة مع الشخصيات، والزمان، والمكان. أعتبر الرواية تجربة مرهقة لكنها لذيذة، لأنك تعيش مع كل شخصية، وتفكر مثلها، وتختبر المواقف من منظورها.

ما أبرز أعمالك المنشورة؟
• بيت بلا جدران – مجموعة قصص قصيرة (2020 – تكوين)
• همسات ريفية – خواطر أدبية (طبعتان: 2020 و2022)
• فقاعات ملونة – قصص قصيرة جدًا – دار ريادة
• حيموت – رواية (2022 – تكوين)
• رجل أكلته العثة – قصص رمزية (2024 – الرائدية)
• البوابة صفر – رواية (2024 – الرائدية)
• رَسْ – رواية تحت الطبع (2025 – تكوين)
• بالإضافة إلى كتابين قيد المراجعة في السيرة الذاتية:
أخو نوير، معلمي الأول وجوهرة الوطن

 

قصة “رجل أكلته العثة” لاقت تفاعلًا.. ما فكرتها؟

القصة رمزية تحاكي حال الإنسان الذي تهمله الحياة حتى يتآكل نفسيًا، تمامًا كما تأكل العثة القماش في صمت. نشرتها في عدة مجلات، وتم اختيارها من قبل هيئة الأدب والنشر ضمن مجموعة قصصية سعودية تُرجمت إلى لغات متعددة، وهو أمر أفتخر به كثيرًا.

 

كيف ترين حضور المرأة في الأدب اليوم؟

المرأة السعودية باتت أكثر وعيًا وقدرة على التعبير عن واقعها ومشاعرها، وكسرت حواجز كثيرة كانت تُعيقها سابقًا. حضورها اليوم ليس عدديًا فقط، بل نوعي أيضًا. نقرأ لها في القصة، والرواية، والمقال، والنقد، بروح ناضجة ولغة متزنة.

 

ما رأيكِ في تصنيف الأدب إلى “نسوي” و”رجالي”؟

أنا لا أؤمن بهذا التصنيف إطلاقًا. الأدب الحقيقي إنساني، يتجاوز النوع والجنس والهوية الشخصية. ما يهم هو صدق التجربة وبلاغة التعبير، سواء كتبه رجل أو امرأة.

ماذا عن تجربتك في التعليم؟

بدأت بالتدريس عام 1400هـ، ثم شغلت عدة مناصب إدارية في مدارس رنية والرياض. وفي عام 1435هـ، التحقت بهيئة تقويم التعليم كأخصائية تقويم، ثم مشرفة ضبط جودة، بعد تدريب مكثف. تقاعدت مبكرًا من التعليم، لكنني لم أتوقف عن العمل، بل تفرغت للكتابة عام 1442هـ، واستفدت من خبرتي التربوية في أغلب أعمالي الأدبية.

 

هل حصلتِ على تكريمات أو جوائز أدبية؟

نعم، فزت بالمركز الثالث في مسابقة القصة القصيرة التي نظمها نادي أبها الأدبي عام 1408هـ، وكانت من أهم المحطات التي دفعتني للاستمرار. كما حصلت على شهادة تميز من إدارة تعليم البنات بالرياض في الإدارة الذاتية عام 1435هـ، إلى جانب دروع وشهادات من مناسبات تربوية وثقافية متنوعة.

 

ما مشاريعكِ القادمة؟

أعمل حاليًا على مراجعة روايتي الجديدة رَسْ، وأراجع كتابين في أدب السيرة الذاتية، بالإضافة إلى كتابة مقالات أدبية ونقدية للنشر في المنصات الرقمية، والتفاعل المستمر مع القراء.

 

في الختام.. ما رسالتك ككاتبة؟

رسالتي أن أكتب للإنسان ومن قلب الإنسان. لا أؤمن بالكتابة للزينة أو المجاملة، بل أكتب ما أؤمن به، وما أشعر به، بلغة صادقة وحقيقية. أكتب لأن الكلمة حياة، ولأن الأدب هو مرآة المجتمع، وصوت من لا صوت له.

 

خلاصة الحوار:

من خلال هذا اللقاء، تتجلى شخصية الكاتبة فاطمة الدوسري كصوت أدبي نابع من تجربة واقعية، ومسيرة مهنية طويلة، وحسّ إنساني عميق. كتبت من ريف محدود الإمكانات، وانتقلت إلى واجهة النشر والترجمة، دون أن تتخلى عن هويتها. أدبها يجمع بين البساطة والعمق، والصدق والرمز، والتجربة الذاتية والنظرة المجتمعية.

إنها كاتبة سعودية تمثّل جيلًا من النساء اللاتي صنعن حضورًا بهدوء، وثبّتن أقدامهن بالحرف الصادق والرؤية المتزنة.

شاركها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • صورة سمّاح الرشيدي
    سمّاح الرشيدي

    كلنا أمل في مقام وزارة النقل أن تعطي هذا الطريق حقه من التطو...

  • صورة عايد الرشيدي
    عايد الرشيدي

    بارك الله في جهودكم اخوي بشير نعم وبشدة ياليت ينظرون لوضع ال...

  • صورة Mmm
    Mmm

    ونعممم فيهم وعرفنا الملازم ماضي بحكم العمل ونعم القايد والاخ...

  • صورة

    نعم كلام الاعلامي عايض الشعلاني صحيح ونعاني دايم من انقطاع ا...

  • صورة

    نعم كلام صحيح نعاني من ضعف في شبكة الاتصالات...

زر الذهاب إلى الأعلى