لقد كانت أنظار العالم كله تتجه صوب تركيا لمعرفة من سيفوز في سباق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية . لقد كانت من أهم الانتخابات التي جرت في تاريخ تركيا . كان الصراع محتدما بين الحزب الحاكم (تحالف الجمهور) , وبين جميع أحزاب المعارضة (الطاولة السداسية) حتى آخر لحظة . لقد تحولت الانتخابات التركية إلى حلبة صراع للقوى العالمية . القوى الغربية بقيادة أمريكا كانت تدعم الطاولة السداسية , سياسيا واعلاميا وماديا , وهذا يمثل تدخلا سافرا في شؤون دولة أخرى مستقلة . لقد كشفت هذه الانتخابات زيف الديموقراطية الغربية , وأنها يجب أن تكون حصرا عليهم , وأن على شعوب العالم أن تظل ترزخ تحت نير الأنظمة القمعية , حتى تظل ثرواتها وقراراتها السياسية تحت رهن إشارتهم (البيت الأبيض) . وأيضا اكتشفنا زيف الاعلام الغربي والذي يدعي الحرية , وكيف وقف إلى جانب أحزاب المعارضة , بل وكان الهلال والصليب حاضرا في ذاكرة الاعلام الغربي الموجه , والذي تتم صياعته في الغرف المظلمة في أجهزة المخابرات الغربية . كان الصراع بين حزب العدالة والتنمية ( تحالف الجمهور) الذي أيقظ المارد التركي من سباته , وقاد تركيا إلى عصر النهضة في جميع المجالات , وأعاد إلى تركيا هويتها الإسلامية ومكانتها الدولية . في المقابل نجد أن أحزاب المعارضة تريد أن تعيد تركيا إلى عصر التخلف والجمود والتبعية للدول الغربية , بل وتعطيل النهضة مثل إغلاق المصانع الحديثة وإيقاف المشاريع العملاقة مثل قناة إسطنبول والمفاعل النووي والتنقيب عن النفط والعاز , والانخراط مع الغرب في الحرب الأوكرانية (حروب الوكالة) . في حرب لا ناقة ولا جمل لتركيا فيها . وتدمير الأخلاق من خلال السماح بالشذوذ والتحول الجنسي (الزنا) , ومحارية الحجاب , وتدمير الأسرة من خلال العودة إلى مخرجات مؤتمر إسطنبول , بل والأخطر من ذلك كله تقسيم تركيا إلى دويلات (حق تقرير المصير) . وإغلاق المساجد (أيا صوفيا) , ومعاهد الإئمة ودور تحفيظ القرآن الكريم . مع الاهتمام بإنتاج البطاطا والبصل . ما ذكرته ليس من بنات أفكاري بل نقلا عن تصريحاتهم الموثقة بالصوت والصورة . في المقابل نجد أن الحزب الحاكم يسعى إلى تحويل تركيا إلى دولة عظمى في جميع المجالات , وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد . الحزب الحاكم (تحالف الجمهور) فاز في أغلبية المقاعد البرلمانية (نصف انتصار) , وبعد اسبوعين سوف يتم حسم منصب الرئاسة (القوة الصلبة) . إذا نجح أردوغان في حسم السباق الرئاسي ، فهذا الفوز سوف تكون له نتائج تتجاوز الداخل التركي . سوف تكون روسيا (الرابح الأكبر) , لأن المعارضة سوف تقوم بغلق المضائق البحرية في وجه الملاحة الروسية , والذي بدوره سوف يكون بمثابة إعلان حرب ؟ّ! . بالنسبة للحزب الحاكم فسوف يستمر في إنجاز الكثير من المشاريع العملاقة التي سوف تغير وجه تركيا إلى الأبد . أعتقد أن تركيا في المرحلة القادمة سوف تدخل النادي النووي . ايضا سوف يستمر الحزب الحاكم في ترسيخ هوية تركيا الإسلامية . وسوف يولي عناية كبيرة بالاعلام والتعليم الذي تسيطر عليه الدولة العميقة حاليا (العلمانية) , وهناك نركيز على (السوشيال ميديا) . أعتقد أن أهم تغيير سوف يحدث في الداخل التركي هو تغيير الدستور والقضاء على الدولة العميقة . في الخارج الغرب بقيادة أمريكا سوف يحاول أن يستدرج تركيا إلى حرب في شرق المتوسط (النفط والغاز) . وقد بدأت أمريكا وفرنسا وبريطانيا بحشد أساطيلها وقواتها في اليونان وقبرص , في محاولة للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية التركية . الغرب لا يتعظ أبدا وكلما فشل في مؤامرة سرعان ما يعيد الكرة مرة أخرى (الخطط البديلة) , لأن الدول التي تتعرض إلى المؤامرات الغربية غالبا ما تكون عاجزة عن الرد (الردع) . السبب الرئيسي لفشل المعارضة في البرلمان يعود إلى أن الخطاب السياسي لها كان موجه إلى الخارج (الغرب) ولم يكن يعنيها رضا الشعب , وفي المقابل نجح تحالف الجمهور لأنه كان يعبر عن نبض الشارع في الميادين وباللغة التي يفهمها الشعب (الإنجازات) . هزيمة المعارضة في إنتخابات الإعادة الرئاسية سوف يطيح بجميع رموزها من المشهد السياسي . أخيرا إن من أهم أسباب عدم حسم منصب الرئاسة يعود إلى عوامل أثنية وعرقية وقومية وطائفية (الإنقسام) .