Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
/
/
إضاءة: العام الهجري الجديد.. استلهام التاريخ والقيم

إضاءة: العام الهجري الجديد.. استلهام التاريخ والقيم

Picture of بقلم ـ إسحاق بن عبدالله السعدي

بقلم ـ إسحاق بن عبدالله السعدي

مع بـدايـة كـل عـام هجري جـديـد تتجـدد ذكرى الهجرة النبويـة الشـــــريفـة من مكـة المكرمة إلى المدينة المنورة، ذلك الحدث التاريخي المبارك الذي شـــعت أنواره وعم خيره وجاء رحمة للعالمين بما تضـمن من قيمٍ، وما رسـخ من عقائد التوحيد، والعبادة الخالصـة وأحكام الشـرع الأغر الذي أقام الميزان في الأرض تحت كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.

تتجـدد الـدروس والعبر والآيـات والمعجزات بمـا يثري الحيـاة بـالعلم والحكمـة والخبرة من منهـل الســـــيرة النبوية العـذب المبـارك، يرفدها كتاب الله المجيد، وحديث المصــطفى الكريم، ثلاثة عشــر عاماًأعقبت ذلك الحدث التاريخي المدوي في ســمع التاريخ، وما زالت أصداؤه حتى اليوم.
تصـــرم الزمان ومرت مئات الأعوام وعشـــرات العقود والهجرة النبوية تفيض بالخير وتشـع بالنور، بعد ألف وأربعمائة وسـتة وأربعين عاماًتتجدد الذكرى، وتدخل
في عام جديد لتحيي في النفوس معاني الصـبر والعزم، والطهر والنقاء، وسـعة الأفق وقوة الأخلاق، وقيم التسامح والصفح، والثقة في الله، والترفع عن المصالح الشخصية والمماحكات الآنية ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، والســعي لإنقاذ البشــرية من الجهل والظلم والأنانية.

تظل الثلاثة عشــر عاماًالتي عاشــها المصــطفى الكريم قبل هجرته
السـموات والأرض، إذ تنزل عليه القرآن الكريم في غار حراء السـامق، وقد حُرِسـَتْللمـدينـة، ومـا ســــبقهـا منـذُمولـده الميمون المبـارك حتى زمن بعثتـه المـدوي في أرجـاء الســـماءُمن مســـترقي الســـمع، هذا الحدث وما تلاه من أحداث هزت العالم بأســـره، وهزتْشــــجرةَالحيـاةِبحيويـة النبوة، وثمرات الرســـــالـة اليـانعـة المغـدقـة عبر تـاريخ الإســلام المشــرق بقيم العدل والبر والإحســان، التي انتشــرت في أرجاء المعمورة ما بلغت الشمسُوما بلغ الليل والنهار.

تنثال التوجدات بغزارة وشـجن في غرة العام الهجري الجديد، وترتسـم في الذهن الأمكنة والأزمنة؛ مدارج النبي المصطفى الكريم، وظروف النبوة ومعجزاتها ومنابر الرسول وختم الرسالة، وتنزل الرحمة ومراكز إشعاعها، ومنطلقات شيوعها في آفاق الحياة والزمن؛ يرتســــم في الذهن ذلك الجبل الأشــــم المهيب جبل النور المتســــربل
بـالجلال والطهر والنقـاء والصـــــفـاء، وهو يســـــتقبـل كلام الله وكـأنمـا يرتفع للملكوت الأعلى، يتـألق في آفـاق الرفعـة والجلال والأنوار تفيض منـه، وتشـــــع فيمـا حولـه في هـالـة قـدســـــيـة تتـدفق أنوارهـا وبركـاتهـا على الكعبـة المشـــــرفـة والمـدينـة المنورة وتنير أصـداءُ الآفاق واصــلة ما بين الأرض والســماء بله الكون كله .. يعرض للوجدان غار حراء بمهابته وشـموخه وطهره، وقد شـَرُفَبالوحي ابتداءًوتناهت إليه في الحاضـر أصـداء

البيتِ الحرام بتلاوة القرآن الكريم، وتعانقت أنواره بأنوار الكعبة المشـــرفة؛ صـــورتختزل التـاريخ في ومضـــــة، والزمـان في لحظـة، منـذُالأمر الإلهي المجيـد بـالقراءة والإشــادة بالقلم والعلم والتعليم، حتى تم الاضــطلاع بالرســالة العظمى رســالة العلم، والتعليم، والنور، والإكرام.
اكتمل البنيان الحضــــاري لأمة الإســــلام وغدت تشــــق عنان الســــماء الآيات والتكبيرات من مآذن الحرمين الشــريفين وســائر المســاجد والجوامع في شــتى البقاع والأصــقاع، حتى لا تمر لحظة من الوقت إلا والآذان يرتفع لعنان الســماء على مدار الأربع والعشرين الساعة وفق ما رصدته الدراسات والتقارير العالمية.

اعلان

وأزكاهم: المصــطفى الصــادق الأمين، نبياً مرســلا وهاديا ومبشــراً ونذيراً وســراجاًإنَّها الرســـالة الخالدة التامة الكاملة التي حمل لواءها ســـيد ولد آدم خيرُخلق اللهمنيراًورحمة للعالمين.

تســـــافر الروح في الزمـان المقـدس والمكـان المقـدس منـذ درج محمـد بن عبـدالله ببطحاء مكة وهاجر للمدينة ليقيم صـرح الإسلام، ومنذُنشأت بين كفيه الزكيتين النبتة المباركة نبتة الثقافة، وانطلقت بين يديه مسـيرة الحضـارة الراشـدة حضـارة الإسـلام؛ إنسـانية الخلال مدنية التقنيين والتشـريع، عالمية العلم والمعرفة. ذكرى الهجرة تزخر
بهـذه المعـاني والـدلالات، مثلهـا مثـل بســـــتـان يـانع الثمرات طيـب التربـة، تتفتق أكمـامـه بأزهى الألوان، وتعبق أزهاره ووروده بأريج الروح الشــفيفة والفكر المســتنير. يحل كـلُّعـام هجري جـديـد كمثـل الحـديقـة الغنـاء، والبســــتـان الخصــــيـب الزاخر بـالرواء
والظلال والعطاء، وكأنها مأدبة تهبط من الســـماء بالســـلوان والرضـــوان.

يأتي العام الهجري الجـديـد ليحيي في النفوس الـدروس المتنوعـة التي تغطي الجوانـب الفكريـة والعلمية والثقافية والاجتماعية والنفســـية في تكامل رشـــيق وتوازن بديع؛ مثل خالدة وقيم أصــيلة تعزز الشــعور بالوجود الخيِّر والتواصــل الحضــاري النبيل؛ تكمن في
هجرة المصـــطفى صـــلى الله عليه وســـلم: معاني الحق وقيم الخير والســـلام والقوة المعنوية المتصــلة بحقيقة الوجود ومعنى الحياة ورســالة الإنســان في الحياة، ففي كل خطوة على طريق الهجرة درس وموعظـة، وعظـة وعبرة، تصـــــدر عن قيمـة حقـة، والوجود، حفلت بها أحداث السـيرة وسـطرتها كتبها باسـتفاضـة وتفصـيل دقيق، بيد إنَّوتؤســـس لمبدأ إنســـاني نبيل، وتكشـــف عن ســـنة من ســـنن الله في النفس والكون المرتكز الأســــاس في ذلك كله، والذي هو حقيقة الهجرة وعاقبة أمرها هو: الهروب للسـلام في أرض السـلام بلغة السـلام ومن أجل الســلام، يشــهد لهذه القيمة الأصــيلة، وذلك المبدأ الإنســاني الســامي النبيل وتلك الســنة الإلهية الماضــية قول الله تعالى: (لا تحزن إن الله معنـا)؛ ثقـةًبـاͿ اللطيف الخبير، وفي قصـــــة أم معبـد وانبهـارهـا بمرور المصطفى وصــحبه بخيمتها، ووصــفها لما رأت من صــفاته والبركة التي حلّت في دارها بحضوره:
(لِيهن بني كَعْب مَكَان فَتَاتهم
ومقعدها للْمُؤْمِنين بِمَرْصَد
سلوا اختكم عَن شَاتِهَا وإناثها
فَإِنَّكُم إِن تسألوا الشَّاة تشهد
دَعَاهَا بِشَاة حَائِل فتحلبت
عَلَيْهِ صَرِيحًا صرة الشَّاة مُزْبِد
فغادرها رهنا لَدَيْهَا لحالب
يُرَدِّدهَا فِي مصدر ثمَّمورد)
وتلك الأشعار التي ترامت بها أصداء جبال مكة لتودع الطاهر المطهر.
(جزى الله رب النَّاس خير جَزَائِهِ رَفِيقَ ينِحلا خَيْمَتي أم معبد هما نزلا بِالْبرِّثمَّترحلا فأفلح من أَمْسَى رَفِيق مُحَمَّد)
كذلك ما ذكر عن حادثة ســراقة الذي أقبل بنية العدوان والطمع في حطام الدنيا، وانكسـرت أطماعه لهول ما رأى: فعاد مسـالماًمنتظراًوعد الرسـول صـلى الله عليه وسلم له بأسورتي كسرى التي تقلدها لاحقاً.
قيم تترا ومبادئ تتعانق، حتى إذا شــــارف الركب الميمون مهاجر المصــــطفى شــرع في بناء مســجد قباء، ثم المســجد النبوي الشــريف إيذاناًبتكوين مجتمع مدني زاهر، وإرساءًلقيم العمل؛ العمل المؤسسي الحضاري.
ســـــتظـل وقـائع الهجرة النبويـة وأحـداثهـا براهين حق ومعـالم هـدايـة وقيم خير وحضــــارة ، ثم إنه في كل عام هجري جديد يهل هلاله، تعبق الروح بمتعة وكالشــرفات على الفضــائل والمكارم والمحامد، ترفد الثقافة الفردية والمجتمعية؛ قيماًالـذكرى واســـــتلهـام الســـــيرة النبويـة العطرة، كـالمرافئ على بحور العلم والمعرفـة
وسلوكاًوتصقل الشاعرية بالذكريات الماجدة الخالدة.
لا غرو فـــ(للمرء في ذكرياته مجد مخلد).

شاركها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • صورة زاهر الشهري
    زاهر الشهري

    أحسنت أخي الكريم اللهم آمنا في دورنا وأصلح أءمتنا وولاة أمور...

  • صورة سمّاح الرشيدي
    سمّاح الرشيدي

    كلنا أمل في مقام وزارة النقل أن تعطي هذا الطريق حقه من التطو...

  • صورة عايد الرشيدي
    عايد الرشيدي

    بارك الله في جهودكم اخوي بشير نعم وبشدة ياليت ينظرون لوضع ال...

  • صورة Mmm
    Mmm

    ونعممم فيهم وعرفنا الملازم ماضي بحكم العمل ونعم القايد والاخ...

  • صورة

    نعم كلام الاعلامي عايض الشعلاني صحيح ونعاني دايم من انقطاع ا...

زر الذهاب إلى الأعلى