الحناكية – محمد العوفي
يشهد الطريق الرابط بين محافظتي الحناكية والمهد، مرورًا بمركز العمق، والذي يحمل الرقم (8258) ويمتد من العلامة الكيلومترية (000+0) إلى (000+171)، كثافة مرورية متزايدة، ويُعد من الطرق الحيوية التي تسلكها المركبات العامة والشاحنات الثقيلة بشكل يومي، نظرًا لكونه شريانًا مهمًا يربط المحافظتين ويخدم التجمعات السكانية والأنشطة التنموية في تلك الجهات.
وعلى الرغم من الأهمية الحيوية لهذا الطريق، إلا أنه يشهد حوادث مأساوية متكررة، تفاقمت بشكل ملحوظ خلال العام الحالي 2025م، نتيجة مجموعة من العوامل، أبرزها: ضيق الطريق، وافتقاره إلى الإنارة الليلية، وعدم وجود سياج مانع لدخول الحيوانات السائبة. هذا الواقع المرير جعل الطريق يُصنف ضمن أخطر الطرق على مستوى منطقة المدينة المنورة، بل ويُشار إليه شعبيًا بـ”شبح الموت”.
وفي أحدث فصول المآسي، شهد الطريق خلال الأسبوعين الماضيين من شهر أبريل سلسلة من الحوادث المفجعة، أسفرت عن وفاة ستة أشخاص وإصابة آخرين، إلى جانب خسائر مادية فادحة، الأمر الذي أثار موجة من الغضب والاستياء بين الأهالي ومستخدمي الطريق، الذين أكدوا أن الحوادث أصبحت شبه يومية، وأن أرواح الأبرياء تُزهق دون حلول واضحة أو تدخلات فاعلة.
ويعود السبب الأساسي في هذه الكوارث المتكررة إلى البنية التحتية المتهالكة للطريق، وضيق مساراته، وتعرّضه الدائم لاجتياح الإبل والمواشي التي ترعى على جانبيه، في ظل غياب أي حماية أو تحكم، خصوصًا أن المنطقة المحيطة به تُعد رعوية بطبيعتها، ما يجعل الأمر أكثر خطورة، لا سيما لمرتادي الطريق ليلاً.
وقد عبّر عدد من المواطنين عن قلقهم العميق من هذا الوضع، مطالبين الجهات المختصة، وفي مقدمتها وزارة النقل والخدمات اللوجستية، والإدارة العامة للمرور، وأمانة منطقة المدينة المنورة، بالتدخل الفوري لمعالجة الأزمة، وإنقاذ الأرواح التي تُزهق تباعًا.
وأوضح المواطن عبيد الحربي، وهو قائد شاحنة يستخدم الطريق بشكل متكرر، أن المرور عبر هذا المسار يبعث على القلق والتوتر النفسي، نظرًا لاكتظاظه بالشاحنات والمركبات الصغيرة، إلى جانب المسارات الضيقة التي لا تتيح مناورات آمنة في حال الطوارئ، مضيفًا: “الأخطر من ذلك أن الطريق يخترق منطقة صحراوية رعوية، تكثر فيها الإبل والمواشي، ولا يوجد أي سياج لحماية العابرين من دخول تلك الحيوانات فجأة إلى وسط الطريق. نناشد الجهات المختصة بالنظر بعين المسؤولية لتوسعة الطريق، وتسييجه لمنع الكوارث”.
كما عبّر المواطن فرحان المطبري عن بالغ أسفه لما يشاهده من حوادث دامية على هذا الطريق، مشيرًا إلى أنه – كمستخدم دائم له – شهد شخصيًا عددًا من الحوادث التي راحت ضحيتها أسر بأكملها، إثر اصطدام مركبات صغيرة بشاحنات ضخمة، مما يتسبب في مشاهد مأساوية يصعب نسيانها. وأضاف: “نطالب وزارة النقل بضرورة تكثيف الجهود، ومعالجة هذا الطريق الذي أصبح مقبرة مفتوحة”.
وفي إطار المبادرات المجتمعية، قدّم المواطن فهد الحربي مقترحًا عمليًا إلى وزارة النقل، يقضي بتوسعة الطريق ولو بعدة أمتار على جانبيه، وزرعه بأعمدة إنارة تعمل بالطاقة الشمسية أو الكهرباء، خاصة أن الطريق يحاذيه خط ناقل للطاقة الكهربائية بين المحافظتين، مما يسهل تنفيذ مشروع الإضاءة دون عوائق كبيرة. وأوضح أن هذه الحلول – حتى وإن كانت مؤقتة – قادرة على تقليل الخطر بشكل كبير، وإنقاذ الأرواح إلى حين تنفيذ مشروع إعادة تأهيل شامل.
من جانبه، ناشد المواطن سعود الجهني صاحب السمو الملكي أمير منطقة المدينة المنورة، بالتوجيه الكريم لمعالجة وضع الطريق بشكل عاجل، واعتباره أولوية قصوى في مشاريع البنية التحتية، مؤكدًا أن ما يحدث على هذا الطريق يُعد مجزرة جماعية يجب ألا تستمر، خاصة في ظل ما توليه القيادة الرشيدة من اهتمام بسلامة المواطن والمقيم.
وبين مطالبات التوسعة، وتركيب الإنارة، وإقامة السياج، يبقى طريق الحناكية – المهد بحاجة ماسة إلى تحرك عاجل وشامل من الجهات المختصة، لوضع حد لنزيف الأرواح، وتحقيق السلامة المرورية التي تنشدها رؤية المملكة 2030