على غير العادة وقبل أن تضع الحرب أوزارها في قطاع غزة , يبدو أن إسرائيل قد بدأت تخسر معركة الرأي العام العالمي (الوعي) . وفي جميع المجالات (الدبلوماسية , السياسية , الاعلامية , الرياضية , الفنية , الشعبية ..) . العديد من الدول قامت بطرد السفير الإسرائيلي , أو اضطرت إسرائيل إلى سحب سفرائها من هذه الدول خوفا عليهم من ردة الفعل الشعبية (منبوذة) . الاعلام الموجه في الدول الغربية لم يعد يملك القدرة على تضليل الشعوب وصياغة الرأي العام كما كان الحال في الماضي , وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تفرض نفسها على الاعلام الرسمي بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة (السوشيال ميديا) . لقد اضطرت العديد من الدول الغربية إزاء هذا الواقع الجديد إلى سن العديد من القوانين التعسفية على طريقة الدول النامية , ووصلت إلى حد السجن ولسنوات لكل من يتعاطف مع القضية الفلسطينية من أجل إخافة الجماهير إنه (إرهاب) الدولة, الجماهير في الغرب قالت كلمتها وخرجت بعشرات الألوف للتعبير عن وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني . بل بدأت تحاصر القيادات السياسية والاعلامية التي تقف إلى جانب إسرائيل . نجوم الفن والرياضة بدأ الكثير منهم يعبر عن رأيه ويجاهر علنا بتأييده للشعب الفلسطيني . لم يعد التهديد بالقتل وقطع الأرزاق ومعاداة السامية يخيفهم . العديد من الدول بدأت تستقبل رسميا قادة المقاومة الفلسطينية دون خوف أو وجل . الصين لأول مرة تصدر خارطة دولية لا توجد فيها دولة إسرائيل . التيك توك وتويتر برفعان الحظر عن المحتوى المؤيد للشعب الفلسطيني . المئات من المتظاهرين اليهود يقتحمون مقر الكونغرس الأمريكي احتجاجا على الدعم الأمريكي لإسرائيل . بل أصبح العديد من القادة في الدول الغربية في وضع لا يحسدون عليه حيث تطاردهم لعنات المحتجين . في داغستان الجماهير تقتحم المطار وتهاجم طائرة تقل اسرائيليين . شيطنة المقاومة وربطها بداعش والقاعدة وجز الرؤوس واغتصاب النساء وقتل الأطفال والإرهاب لم تعد تنطلي على أحد , بل أن العديد من المسؤولين في هذه الدول وعلى راسهم بايدن , بدأ يتراجع عن هذه الروايات والأكاذيب لأن السوشيال ميديا تنقل الحدث أولا بأول . الاعلام الغربي أو كما وصفه كل من الرئيس الروسي والصيني بـ (إمبراطورية الأكاذيب) بدأ يفقد مصداقيته عند الشعوب الغربية فما بالك في العالم . نظرية إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس وتصدق نفسك عفا عليها الزمن (حبل الكذب قصير) . الوحيد الذي يصدق هذه الأكاذيب هم حكام الدول الغربية والذين ينطبق عليهم قوله تعالي : إن هم كالأنعام بل أضل سبيلا . يرون المذابح والمجازر والدمار الهائل ومع ذلك لا تجد عند أي أحد منهم أي ذرة من الأخلاق أو الإنسانية , وتجدهم يلقون علينا الدروس عن حقوق الإنسان والمرأة واللوطيين والطفل وحرية التعبير وحق تقرير المصير قال حقوق قال ؟! . الحشود الغربية في المنطقة تتجاوز بكثير احتياجات دولة العدوان بمراحل , بل لا استغرب أن تكون هناك تغييرات جغرافية واختفاء دول في المنطقة , وأن إيران جزء من هذا المخطط وليس ضده كما تدعي , أما بقية الدول فهي مجرد أحجار على رقعة الشطرنج وفي موقع المفعول به (أأيقاط أمية أم نيام) . خسارة إسرائيل لمعركة الاعلام والوعي العالمية هي مقدمة وإيذان بخسارتها للحرب في عزة , والتي بدأت تباشيرها تلوح بالأفق الآن , وليس أدل على ذلك من الاستخدام المفرط للعنف ضد المدنيين (فشة الغل) , والخسائر الفادحة التي باتت تتكبدها يوميا والتي هي أضعاف ما تقوم بالإعلان عنه . وأيضا المفاوضات الجارية حول ملف الأسرى . الرأي العام الإسرائيلي لا يحتمل الخسائر الكبيرة بالأرواح , وأيضا هو هاجر إلى فلسطين المحتلة كي ينعم بالاسستقرار لا بالحرب , لأول مرة تنقلب الآية حاليا اللاجئين من إسرائيل في الداخل حوالي نصف مليون , والهجرة إلى الخارج (الترانسفير) أيضا من إسرائيل حوالي (800) ألف إسرائيلي . حقا الأيام دول , ولله الأمر من قبل ومن بعد , و (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) . أخيرا خسارة إسرائيل والغرب لمعركة طوفان الأقصى قد تكون بداية لتخلي الغرب عنها بعد ان تحولت إلى عبء عليه لا عون له .