انصرم ثلثي الشهرالمبارك شهر رمضان الكريم أفضل الشهور عند الله ، وبقي الثلث الأخير ، وفيه الكثير من الخير ، وفي هذا الثلث الأخير مالا في ماسبقه ، وفيه القيام ، وليلة القدر يلتمسها المشمرون ، وأهل الإيمان ، والمجتهدون تلتمس هذه الليلة ، وفضائلها عن عبادة ٨٣ سنة ، وليلة القدر ليلة مباركة نزل فيها القران الكريم جملة واحدة من بيت العزة في السماء السابعة إلى السماءالدنيا في شهر رمضان في ليلة مباركة ، ومنها نزل على رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم منجماً اي مفرقاً خلال ٢٣ عاماً مسايراً الحوادث والوقائع ، ومسلياً رسول الله عما يضيق به صدره وخاطره ، وبالقرآن الكريم وفضله أكتسب بيت العزة الفضل بالحفظ فيه ، وبنزوله في الليلة المباركة يفرق فيها كل أمر حكيم ، وأكتسب ليلة القدر شرفاً وتعظيماً لها هذا ، وليلة فضيلة على سائر الليالي ، وايضاً أكتسب شهر رمضان الفضل فيه على سائر الشهور ، وسمي شهر القرآن ، والعتق من النار ، وفيه تربط الشياطين والمردة ، ونزل به جبريل عليه السلام ، فاكتسب الفضل على سائر الملائكة وتشرف بمسمى روح القدس ، وبفضل القرآن الكريم على سائر الكتب السماوية ، وصحف الأنبياء والرسل ، وسائر الذكر ، وبنزوله على نبينا ورسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بفضل القرآن الكريم ونزوله عليه كان سيد الأنبياء والرسل ، ومن الخمسة اولي العزم ، وخاتم الأنبياء والرسل عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وإلى كافة الثقلين ، وصفوة ذرية أدم عليه أفضل الصلاة والسلام ، وبفضل القران الكريم أمته خير الأمم تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وفي هذه الليلة يتحراها كل مسلم مجتهد من أول ليالي رمضان بداية ونهاية ، ويجتهد ماوسعه المجهد في العشر الأواخر ، ملتمساً ليلة القدر فيها ، وفي الوتر منها . يتحرى ويقتنص هذه الليلة لما فيها من الفضل العميم .
ياسادة غداً يوم الثلاثاء الموافق 11/4/2023 ( بأذان المغرب ) أول ليالي الثلث الأخير . تدخل ليلة 21 رمضان .. إذن كل ما فات من ثلثي رمضان شيء أخر ، والقادم شيء أخر كل الفضل فيها .
ركز أيها المسلم على الثلث الأخير من الشهر المبارك لا ينصرم دون ان تجتهد من أجل ان يكون لك نصيب من الأجور ، ودرر الحسنات .
ياسادة في هذه العجالة أمور مُختصرة وسريعة ومُحدّدة نسوقها إليكم .
ليلة القدر سُمّيت هكذا لأنها تُقدّر فيها مقادير العباد السنوية " فيها يُفرق كلّ أمر حكيم " كتب الله على الإنسان نوعين من الأقدار" أقدار أزلية وأقدار مُعلّقة " إذا كتب الله لك قدر ما للسنة القادمة المعلقة مما في أيدي الملائكة من الأقدار ، وصرت تدعو بإخلا‌ص في ليلة القدر بالتوفيق ، والسعادة والعافية ، والنجاة .. فإنّ الله عز وجل يأمر الملائكة أن يمحو الصحيفة التي كُتب فيها الشقاء ويكتبون لك ما طلبت ( يَمحُوا اللهُ مَا يشاء ويُثبِت وَعِندَهُ أُمُّ الكِتاب ) .. ليلة القدر بعبادة ٨٣ سنة ، وكسور من الشهور والأيام ( ليلة واحدة ب ٨٣ سنة عبادة ) .. الساعة في ليلة القدر ب ٨ سنين عبادة نصف الساعة باربع سنين عبادة وربع الساعة سنتين عبادة " خمسة عشر دقيقة " .. والدقيقه ب ٥٠ يوم عبادة .. وثانية واحدة من دقيقة يوم عبادة تقريباً .. أين المُشمّرون؟
ما نود ايضاحه لا يوجد دليل شرعي ثابث صحيح يجزم أو يحسم أن ليلة القدر ليلة السابع والعشرين .. كل ما تسمعه عبارة عن اجتهادات ، ونقول من بعض الفُقهاء والعلماء - يرحمهم الله - مأخوذة من بعض الآثار تتصل وتنفصل من حيث السند .. أمّا الأثر الوارد عن الصحابيّ أُبيّ ابن كعب رضي الله عنه أن ليلة ٢٧ هي ليلة القدر ، فالظاهر مقصود كلامه أنها كانت ليلة ٢٧ لتلك السنة وليست في كل السنين كما قال بعض أهل العلم وعرج عليه شيخ الإسلام أبن تيمية وتلميذه أبن القيم في أعلام الموقعين عن رب العالمين .
من المعلوم بالضرورة والثابت بالصيرورة عند جمهور أهل العلم أن ليلة القدر تتنقّل وليست ثابتة من أجل يجتهد عباد الله المخلصين في تلمسها في الشهر كله لاسيما العشر الأواخر منه ، وبالأخص الوتر منها فمثلا .. سنة تكون ٢١ ، وسنه تكون ٢٣ ، وسنة تكون ٢٥ .. وسنة أخرى ٢٧ .. وسنة أخرى ٢٩ .. وهكذا .. في الحديث " التمسوها في الأوتار "
خطأ كبير وخلل عظيم ... أن تجتهد في تلاوة القرآن والقيام ، والدعاء وأعمال الخير في الليالي الوترية فقط ، وتتراخى وتكسل وتفتر في غيرها .. فلا يصح بأي حال المغامرة والمجازفة بليلة القدر . توجد أقوال مُعتبرة عن بعض الصحابة وبعض السلف وبعض فقهاء الأمّة أن الليالي الوترية قد تكون " ٢٢ _ ٢٤_٢٦ _٢٨ - ٣٠ " لأن طريقة حساب العرب قديماً كانت مختلفة عن طريقة حسابنا اليوم .. وكذا يوجد ما يربو على خمسين قولاً في تعيين ليلة القدر . لا تسخر طاقتك ومجهودك في الانشغال بليلة القدر في أي يوم..ولا تنشغل بعلاماتها .. بل سخّر جهدك وطاقتك في أن تعمل جهد عبادتك في العشر الأواخر وكأنها آخر ليالي العمر . اجعل عملك فيهن عمل المودّع .. وليلة القدر تأتي في أي ليلة فيهن .. وكلما كنت صادقاً وجادّاً سيكن الإحساس والشعور بها صادق وجاد إن شاء الله . لو كنت ممن فرط أو ضيع من أول رمضان ...أو لم تبدأ أصلا ..فالفرصة مازالت سانحة .. يقول ابن تيمية " العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات " عواقب الأمور بنهايتها . انقذ ما يُمكن إنقاذه.قال أحد السلف " حُسن الختام خيرٌ من حماسة البدء ".. والأعمال بالخواتيم .
بالنسبة لمن يصعد الأسطح بعد الفجر ليصور الشمس محاولاً إثبات أنها كانت الليلة الفلانية ينبغي ان يكون في منأى من ذلك ، وعن هذا العمل .الحكمة من إخفاء ليلة القدر أن يجتهد عبادالله المخلصين الصادقين في العشر الأواخر كلهن .. وإلا كان الله أطلعنا عليها كما هو الحال في يوم عرفة . من الممكن رصد العلامات بعد آخر ليلة إن أمكن ذلك . من الأفضل تجهّز ورقة وقلما ويكتب فيها الحاجات والرغبات والدعوات ، ولا تُكثر .. اجعلهن خمس دعوات لتركز فيهن ... وأكثر الدعاء بهن من مغرب أول الثلث الأخير من الشهر الفضيل المبارك في كل وقت وكل أذان .. وتحرّى أوقات الإجابة وخصوصاً الثلث الأخير من الليل وقبل الإفطار وعصر الجمعة.. ولا تدعُ بلسانك فقط بل ادعُ بقلبك ، وحاول أن تبكي وأنت تطلب من ربك الكريم الرزاق الرحيم الغفور .
قال ابن عبّاس رضي الله عنه: " للعبد مع الله قدران .. قدر بالدعاء .. وقدر من غير الدعاء "
يقول أحد الصالحين ( ما أدَمت الدُّعاء في رَمضان على أمرٍ إلا وتَجلّى ظاهرًاً في شوّال ) . دع التلفاز والجوال ومواقع التواصل على الأقل من المغرب للفجر .. نظّف غرفتك وجهز مشروبك ورتّب ليلتك وقسّم وقتك ونوّع لنفسك " صلّ .. فإن تعبت فاقرأ القرآن .. فإن تعبت فسبّح .. فإن فرغت فادعُ .. فإن قرب الفجر فاستغفر الله إنه كان غفارا " المحروم والله من فرّط في ليلة القدر ليلة العزّ ليلة الكنز ليلة الفوز . يقول ابن الجوزي رحمه الله " إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفز بالسباق .. فلا تكن الخيل أفطن منك .. فإنما الأعمال بالخواتيم ..فإن لم نحسن الاستقبال ..لعلنا تحسن التوديع "
ياساده هذا الثلث الأخير من الشهر المبارك أطل فاغتنموه وشمروا عن سواعدكم وعوازمكم بالعبادة والدعاء والصدقة وتجنبوا الفواحش وقول الزور وغيرها والخوض في لجاج وتتبع العورات .