النظام في حياة الإنسان مرتبط بوجوده ويعتبر ضرورة حتمية لا يمكن الاستغناء عنه، ويمنح الفرد والمجتمع قيمة ذاتية ويعني ذلك أنك موجود في هذا الفضاء الواسع ، رغم أنه يجعل حياة الإنسان أحياناً رتيبة ومملة إلى حدٍ ما ، إلا أنه ينظم الحياة العامة والخاصة ويُضبط التعاملات بين البشر في جميع مجالات الحياة ، ويعرف الإنسان من خلاله ما له وما عليه من واجبات ، فتكون حياته منتظمة وجديرةٌ بالاهتمام و متماسكة ومتراتبة وبه يستطيع الناس تطوير ذاوتهم وأدواتهم لحياة أفضل وأجمل ، تحكمها شرائع وعبادات ، عادات وتقاليد ، أنظمة وقوانين ، فبهذه الأشياء تتحقق العدالة والاستقرار والطمائنينة و تستمر وتيرة الحياة على نظم وقوانين تضبط الجميع وتتيح لأصحاب الأفكار والإبداع و الخيال الواسع الابتكار في إدارة الوقت والعمل عليه ، فيساعد على وضع الأولويات في مكانها الصحيح والتخلص من العادات السيئة والمهدرة للوقت والطاقة ، تُنمي لديهم الإحساس بالمسؤولية و بقيمة الحياة ، وتجعل منه قوي الإرادة والعزيمة ، والاعتزاز بالنفس ، وتعزز من إمكانية الفرد والمجتمع بالقدرة على الإنجاز والإنتاج والتطور والرقي في جميع المجالات.
فلو تخيلنا حياة بلا نظام حتماً ستكون غير منتظمة وغير مستقرة، ولكانت أشبه بحياة الغابة جرائم وقتل وعبث وفساد في البر والبحر وفوضى عارمة لا تستقيم معها الحياة، ولا يُعرف لها ثبات فتنتشر بينهم الأمراض والأوبة والمجاعة والفقر والجهل فتكون حياتهم أقرب إلى حياة البهيمية.
للأسف البعض لا يستطيع العيش إلا بالعبث والفوضى والاحتيال والخداع والمراوغة فلا يردعه مخافة الله ولا حياء من الناس ، كأمثال الضفادع لا يمكن لها العيش إلا في المستنقعات فتجده يتذمر من النظام والانضباط ويتهكم بالآخرين ويكثر من الشكوى ويحتال على الأنظمة، وتجد له ملفات في كل قطاع وجهة مليئة بالمخالفات والمطالبات والتضليل والادعاءات، كل ذلك ليتجاوز تلك الأنظمة ، ثم يتبجح بها أمام الآخرين فيقص عليهم القصص ويظهر نفسه بالبطل الذي لا يشق له غبار ، ولم يدري ذلك المسكين بأنه محتال آثم لا يفرق بين حلال ولاحرام وأنه قد تدور عليه الدوائر فيحاسب على الفتيل والقطمير.
فوجود النظام أيها السادة لتسيير حياة الناس لتكون أكثر أماناً وانضباطاً وانتاجاً واستقلالية فالنظام أداة ووسيلة للوصول للغاية والهدف الذي ينشده الجميع في إقامة العدل والمساواة بين أفراد المجتمعات وبه ومن خلاله نهتم في أدق تفاصيل حياتنا مع مراعاة الفوارق بين الزمان والمكان ، وتُحفظ به الحقوق وتزدهر معه الحياة ويرسوا الجميع على برٍ من الأمان والاستقرار، فمن هنا سُنة القوانين حماية لنا من التجاوزات العشوائية ليعيش الجميع في سلام وأمن ، فالأمة المتحضرة تحترم الأنظمة والقوانين ، وتُقر بتنفيذها وأهميتها في " جودة الحياة " وأن يكون الأباء والأمهات ونخبة المجتمعات هم القدوات لأبنائهم حفظاً لكرامتهم وأمنهم وبلوغ مرامهم ، فسلوك المجتمعات هي نتاج لقيّم وأفكار يؤمنون بها ، ولأننا مسلمون فلدينا من القيم والمعتقدات في ما يجعلنا نقود الأمم من النزاع إلى الوفاق.