تسجل الخطوط السعودية في كل عام ارتفاعا ملحوظا في عدد المسافرين على متنها , كما هو الحال في العالم كله , نتيجة ارتفاع مستوى الدخل , والتطور التقني والراحة والسرعة والرفاهية التي يوفرها النقل الجوي (الأمان) . الخطوط السعودية تتعامل مع عشرات الملايين من الركاب سنويا في الداخل والخارج , وتنطلق منها عشرات الآلاف من الرحلات الجوية . في خضم ذلك تواجه الخطوط السعودية بشكل خاص , والخطوط العالمية بشكل عام , تحديات كبيرة تتمثل في الحالات الصحية الطارئة التي يتعرض لها بعض المسافرين في الأجواء , خاصة في الرحلات الدولية (النوبات القلبية , السكتات الدماغية , أمراض النساء والولادة ... إلخ ) . وكم من الحالات الصحية الطارئة التي تطلبت من قائد الطائرة العودة مجددا , أو الهبوط الاضطراري في أقرب مطار , وهذا بدوره يترتب عليه تعطيل لمصالح الكثير من المسافرين . للأسف ما زال العالم لا يعير هذه القضية أي اهتمام يذكر . فما هو موجود على الخطوط العالمية مجرد حقيبة للإسعافات الأولية , وتدريب بسيط لطاقم الطائرة للتعامل مع الحالات البسيطة , بالله عليكم هل من المعقول أن يتعامل العالم مع أكثر من ثلاثة مليارات مسافر سنويا بهذه الطريقة البدائية ؟! . وهل طاقم الطائرة الذي تم تدريبه كم يوم يعني (أي كلام) , قادرة على أن يتعامل مع حالات الولادة والجلطات والأمراض التنفسية وغيبوبة السكر , النزلات المعوية .. إلخ ؟! . البعض من هذه الحالات تحتاج إلى تحاليل وأشعة وخياطة وأجهزة قياس للحرارة والسكر والضغط .. إلخ . فما بالكم إذا كانت الرحلات الجوية تستغرق ساعات وتحلق فوق البحار والمحيطات , حيث لا توجد مطارات قريبة يمكن أن تهبط فيها الطائرات اضطراريا . لا بد من التفكير خارج الصندوق (الأفكار الخلاقة) . يمكن للجامعات السعودية ان تستحدث تخصصات طبية جديدة مثل : (طبيب جوي على الرحلات الدولية , ممرضة جوية على الخطوط الداخلية , مرافق طبي جوي ..إلخ) , يتم إعداهم وتأهيلهم منذ التحاقهم بالكيات الطبية , للتعامل مع الحالات الطبية الطارئة ، وأيضا يكون لهم دور إرشادي وقائي في مواجهة تداعيات الرحلات التي تزيد عن أربع ساعات ، مثل التنقل بين الحين والآخر في الطائرة والبعد عن الكحول والإكثار من السوائل ..إلخ . هناك ما يقرب من (500) مستشفى في المملكة ومئات المستوصفات تخدم ما يقرب من (30) مليون مواطن ومقيم , ويخدمهم ما يقرب من (200) ألف موظف . فمن باب أولى تقديم الحدمات الطبية لأكثر من (90) مليون مسافر تتعامل معهم الخطوط السعودية سنويا . أعتقد ان هذه سوف تكون خطوة (رائدة) سوف يسجلها التاريخ باسم المملكة , وسوف تتبناها العديد من دول العالم شيئا فشيئا . وما المانع من قيام المملكة بإنشاء اتحاد عالمي للخدمات الطبية الجوية المساندة يكون مقره الرياض . هناك تكاليف مادية سوف تترتب على هذا النوع من الخدمات , يمكن تحصيلها عن طريق مبلغ رمزي يضاف إلى قيمة التذاكر . إضافة مبلغ (10) ريالات لكل تذكرة تحت مسمى (تأمين طبي جوي) , لمن ليس لديهم تأمين صحي , سوف يساهم ذلك في تحصيل مئات الملايين من الريالات سنويا . الكادر الطبي على الطائرات يجب أن يرتبط بخدمة الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية , من أجل الاستقسار عن أي إشكاليات طبية يواجهها مع الجهات المتخصصة في المستشفيات التي يتم التعاون معها في هذا الخصوص . أتمنى لو يتم إلزام أي راكب بحمل شريحة طبية تتضمن النقاط الرئيسية عن حالته الصحية , وهذا بدوره يساعد في سرعة إسعافه وإنقاذ حياته ، ناهيك عن كون بعض الحالات الصحية لا يسمح لها بالسفر جوا . ويمكن أن يتم هذا في المرحلة الأولى محليا , وفي حال نجاحها سوف يتبناها العالم تلقائيا . ويتم تعميمها عالميا بعد ذلك من خلال الاتحاد العالمي للخدمات الطبية الجوية المساندة في حال إقراره . قد يتطلب هذا إجراء تعديلات في تصميم الطائرات الحديثة , بحيث يكون هناك حيز صغير يحتوي على سرير طبي وما يلزم من المعدات الطبية . طبعا هذه الخدمات الطبية الجوية المساندة قد لا تتمكن الخطوط السعودية من تحقيقها (الإمكانيات) , ولكن يمكن ترسيتها على القطاع الصحي الخاص .