في الوقت الحاضر نحن نعيش في عصر الاستثمارات إلى درجة (الهوس) . حتى يخال إليك أن الاستثمارات هي كلمة السر في نهضة أي أمة , وانتشالها من براثن الجوع والفقر والجهل والتخلف ؟! . من يعتقد أن الشركات العابرة للقارات سوف تقود هذا البلد أو ذاك نحو الرقي والتطور , وتقدم له النهضة على طبق من فضة عفوا من ذهب , فعليه أن يعيد النظر في حساباته , أو حتى في سلامة قواه العقلية . الشركات الغربية يمكن أن تستثمر في مشاريع على وزن (المشروبات الغازية , الكحول , الشيبس , الوجبات السريعة ، المناديل الورقية .. إلخ) . ولا مانع لديها من إقامة المشاريع التي تسبب التلوث للبشر والشجر والحجر والماء والهواء (البيئة) , كما هو الحال مع مصانع (البتروكيماويات) , مواد البناء , الإسمنت , الفوسفات , مصافي النفط , البلاستيك ، أدوات التنظيف ..إلخ) . أو الاستثمار في المعادن حيث تحقق أرباح خيالية ولا ينال أهل البلاد منها ألا الفتات (النهب) . الشركات الغربية لا تستثمر إلا في المشاريع الاستهلاكية التي تحقق العائد السريع . هل رأيتم استثمارات أجنبية في الصناعات الثقيلة , الزراعة , التقنية , القطاع الصحي , أو حتى مياه الشرب ؟! . تعد تايلند والفلبين من الدول التي فتحت أبوابها مبكرا للاستثمارات الأجنبية , ومع ذلك ما زالتا حتى الآن تعيشان تحت خط الفقر , والاستثمار في الدعارة يدران عليهما المليارات من الدولارات سنويا , تعد بانكوك عاصمة الرذيلة في العالم حسب توصيف قاموس أكسفورد الإنجليزي (الترفيه) . الشركات الغربية التي تستثمر في العالم الثالث لها مخالب وأنياب , وفوق القانون ولا تستطيع أي دولة محاسبتها , لأن هناك دول كبرى تقف إلى جانبها (اللوبيات) , بل أن هذه الشركات تقف وراء الكثير من الحروب في العالم . الكونغو (زائير) هذا البلد المنكوب والغارق في الحروب الأهلية منذ نصف قرن من الزمان , الشركات الغربية التي تستثمر في ثروات هذا البلد ( النحاس , الألماس , الذهب , المعادن النادرة ..إلخ) , لدى كل شركة منها جيش من المليشيات المحلية , ومعظمهم من الأطفال من أجل حماية مناطق نفوذهم , قال حقوق الطفل قال ؟! . بل تجد أن المتنفذين في الكثير من الدول النامية شركاء لهذه الشركات في السرقة والنهب والسلب . الاستثمارات الغربية غالبا ما تضر بالمصالح الوطنية لهذه الدول . حيث نجد أبناء هذه الدول يعملون كعبيد في هذه الشركات وبأجور زهيدة وبالعملات المحلية (الساقطة) عالميا , أما الأرباح فتكون بالعملات الصعبة , وتقوم الشركات الغربية بتحويلها إلى بلادها من أجل دعم الاقتصاد وتعزيز الاحتياطي النقدي لبلادهم , وبالتالي لا تساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي من خلال إعادة تدوير الأموال في الداخل , بل والأسوأ من ذلك كله قيامها بتصدير المنتجات إلى بلادها أو الخارج بالعملات الصعبة , في الوقت الذي تكون فيه هذه البلاد المنكوبة أحوج ما تكون إلى هذا المنتج أو ذاك . الصين تقوم باستثمارات ضخمة في القطاع الزراعي في الكثير من دول شرق أسيا , لسد احتياجاتها من الغذاء والتصدير إلى الخارج تحت مسمى صنع في الصين , في المقابل يعاني المواطنين في هذه البلاد من النقص في المواد الغذائية وارتفاع أسعارها , ويعملون في الشركات الصينية بأجور زهيدة . سلسلة متاجر (سينسبري) الإنجليزية قامت بافتتاح العديد من الفروع لها في مصر , في البداية كانت تعطي رواتب خيالية للعاملين وتبيع بسعر التكلفة , حتى أغلقت الكثير من المحال التجارية أبوابها , ثم بدأت تشتري خطوط انتاج الكثير من المصانع في مصر بالكامل , ثم لجأت بعد ذلك إلى تعطيش السوق (الاحتكار) , ثم قامت برفع الأسعار , هنا قام الشعب المصري بمقاطعتها , فاضطرت الشركة إلى إغلاق متاجرها ومغادرة السوق المصري عام 2001م . من أهم المخاطر التي تشكلها الاستثمارات الأجنبية (الابتزاز) السياسي , من خلال ربط هذه الاستثمارات بمشاركة دول معادية في الانتاج , أو توفيرها لبعض المكونات أو التسويق (الدمج) . نتيجة الخلافات السياسية قامت تركيا بسحب كل استثماراتها من مصر عام 2013م . اعتقد أن الاستثمارات الأجنبية يمكن أن تنجح في نهضة أي دولة , كما هو الحال في سنغافورة والبرازيل وماليريا وكوريا وتركيا والهند , ولكن بشرط وجود حكم رشيد وحكيم ، واتباع سياسة دولية متوازنة (محمد علي باشا قضى على نهضة مصر بمغامراته العسكرية واصطدامه مع الدول الكبرى) , ولا بد من وجود مؤسسات مجتمع مدني قوية ومستقلة (المساءلة والمحاسبة) . ومن خلال التركيز على الاستثمارات النوعية وفي جميع المجالات ، وبالذات التي تكون البلاد في أمس الحاجة إليها , يعني لا استثمر في الطاقة النظيفة وأنا من كبار المصدرين للنفط أو الغاز ، او أن أكون من أكبر المستوردين للقمح وأقوم بزراعة الفراولة او الورد؟! . ايضا يجب ان تكون المشاركة في الأرباح بالمناصفة مثلا , مع تحديد جدول زمني ينتهي بالتمليك (التوطين) , على أن تكون الأولوية في الإنتاج للسوق المحلي أولا , مع إلزام المستثمرين بتخصيص جزء من الأرباح في دعم الأعمال الإنسانية . مع سن القوانين التي تلزم الشركات المستثمرة بحماية حقوق العاملين , من خلال التأمين الصحي والأجور والتقاعد .. إلخ . خلاصة القول : النهضة مثل الحرية تؤخذ ولا تمنح , وتحتاج إلى قرار سياسي . في المقال القادم سوف نتطرق فيه إلى مخاطر الاستثمار في الدول الغربية .
- تعليم الطائف يطلق غداً دوري المدارس
- براعم و ناشئو الأغر في رنية يتألقون في بطولة الغربية للكاراتيه ويتأهلون لبطولة المملكة للنخبة
- طقس اليوم.. “الأرصاد”: هطول أمطار غزيرة تؤدي إلى جريان السيول بهذه المناطق
- فرع هيئة الصحفيين السعوديين بحفرالباطن يقيم ورشة “صناعة المحتوى الرقمي الهادف”
- على حساب الأخضر.. أوزبكستان يُتوَّج بلقب كأس آسيا للناشئين
- تعليم الطائف يؤهل 24 موجهاً صحياً لتدريب الكوادر التعليمية والإدارية بالمدارس
- الجيش الإسرائيلي: استهدفنا نائب رئيس الوحدة 4400 في حزب الله «حسين نصر» جنوبي لبنان
- وزارة التعليم: 170 مدرسة متوسطة تدرّس اللغة الصينية في المملكة
- “المسند”: لــو كانت الأرض كلها يابسة لأصبح النهار لافحًا لا يطاق من شدة الحر
- تحذيرات طبية من عادة تنظيف اللسان وتأثيرها على صحة القلب
- “هيئة النقل” : إصدار 180 شهادة تأهيلية للقطاع البحري خلال الربع الأول من 2025
- ضبط مقيم مخالف لتلويثه البيئة بتفريغ مواد خرسانية في الشرقية
- 4 خطوات .. “الدفاع المدني” يوضح الطريقة الصحيحة لاستخدام مطفأة الحريق
- ديوان المظالم يطلق حزمة جديدة من الخدمات الرقمية عبر (توكلنا)
- الخضيري: تنظيف القولون قد يسبب أضرارا للجسم
المقالات > #المقالات, أضواء الوطن, مقالات فوزي محمد الأحمدي > مخاطر الاستثمارات الغربية على الدول النامية
25/02/2025 2:31 م
فوزي محمد الأحمدي
2
151901
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3633215
التعليقات 2
2 pings
أحمد عبدالمعين
25/02/2025 في 2:43 م[3] رابط التعليق
السلع الرخيصة تجذب ذوي الدخل المحدود وتؤثر على محلات الماركات الأصلية.
معظم المشاريع حرب وتدمير للتجارة
مقال يستحق الدراسة والتدبر..شكرا اخي فوزي مقال في الصميم
صالح سالم الرشيدي
25/02/2025 في 2:45 م[3] رابط التعليق
نحن بحاجة للاستثمار الزراعي وإقامة سدود لتعزيز مخزون المياه..ربما جائحة كورونا أعطتنا درس في نقص المنتجات الزراعية اليومية ومملكتنا غنية بالمساحات الزراعية المؤهلة للاستثمار