عندما ننظر إلى العلاقة بين المدينة والإنسان لا بدَّ أن تكون رؤيتنا متكئة على فرضية أخلاقية مهمة، هي أننا نصف سكان الأرض نبحث عن دور المدينة الذي يتمثل في تحقيق طموحات ساكنيها من الحياة بكل مفردات, واليوم يعيش أكثر وفاعلية اكبر من وتماشياً مع التركيز على التنمية المستدامة، وتحقيقاً لأهدافها، ظهرت الحاجة إلى إجراءات تحول التخطيط العمراني للمدن، والتركيز على الإنسان، وإعادة إضفاء الطابع الإنساني على المدن من أجل جعلها أكثر شمولاً، وأماناً، ومرونةً، واستدامةً، مع مراعاة أن يكون ذلك متسقاً مع الثقافات المحلية للمجتمعات؛ ولذلك ظهر في السنوات الأخيرة مفهوم «أنسنة المدن»، الذي يُعنى به تحسين مستوى الحياة في المدن بطُرق تركز على البعد الإنساني في التخطيط والتطوير العمراني، حتى يمكن الوصول إلى مختلف زوايا المدن، وتوفر مساحات للمشي، وتكون آمنة، ومريحة، وقابلة للعيش فيها، وشاملة، وتحقق سهولة العلاقات المجتمعية بين سكانها.......
ومن هنا تبرز العلاقة بين أنسنه المدن وأمن المجتمع، التي تبدو عميقة، ومرتبطة ارتباطاً كليّاً وشاملاً؛ وهي -من وجهة نظري- علاقة دائرية؛ فكلاهما يبني على مخرجات الآخر؛ ذلك أن أنسنة المدن تسهم في تحسين جودة الحياة للسكان، وهذا عنصر مهم في تحقيق الأمن المجتمعي؛ فكلما شعر الإنسان بالأمن داخل المجتمع، أسهم في تحقيق الرفاهية والسعادة للآخرين، وهذا ينعكس على تعميق أثر أنسنة المدن في تحقيق الهدف الرئيسي لها، الذي هو في الوقت نفسه هدف رئيسي للأمن المجتمعي، وهو الإنسان، وتهيئة أفضل بيئة معيشية له.
ولعل من أهم أركان أنسنة المدن مراعاة الجوانب الاجتماعية والثقافية والبيئية، بحيث تتجاوز مفهوم التخطيط العمراني فقط؛ وأهمُّ هذه الجوانب العمل على تعزيز التفاعل الاجتماعي، بإنشاء المساحات العامة المفتوحة، والحدائق التي تعمل كأنها نقاط تجمع للأنشطة الجماعية والفعاليات المحلية؛ ما يسهم في تقوية الروابط المجتمعية. ويتمثَّل جانب آخر في الحفاظ على الهوية الثقافية عن طريق الحرص على إظهار العناصر الثقافية والتراثية في تصميم المدينة، وجميع جوانبها، وهذا يعمّق الهوية الوطنية للمجتمع، ويزيد شعور الإنسان بالاعتزاز بتاريخه وهويته.
ولو نظرنا إلى الجانب الاقتصادي لأنسنة المدن تتعدى -وهو جانب مهم –وهذه الجوانب لا تعود فحسب بالفائدة على السكان فقط، بل على الاقتصاد المحلي والوطني أيضاً؛ نظراً إلى دورها في تعزيز السياحة، وجذب الاستثمارات، وتحسين الإنتاجية، وتشجيع الابتكار، وتعزيز الاستدامة الاقتصادية.
وغالبًا ما تكون المدن، التي تركز على البُعد الإنساني، أكثر جاذبية للسياح؛ ذلك أن تحسين البيئة الحضرية، والحفاظ على المعالم التاريخية، وإنشاء مساحات عامة جذابة، عوامل يمكن أن تزيد عدد السياح؛ ما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي؛ وكذلك يفضّل المستثمرون والشركات الاستثمار في مناطق توفر بيئة حياة جيدة؛ وهو ما يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي، ويضمن بيئة صالحة للتسويق؛ كما أن أنسنة المدن تسهم بصورة فاعلة في تحسين الحالة النفسية والمزاجية لأفراد المجتمع؛ ما ينعكس على إنتاجيتهم بطريقة إيجابية، ويدعم الابتكار والإبداع؛ وهذه كلها عوامل تساعد على تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيزه بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
وأيًّا يكن الأمر؛ فإن أنسنة المدن تواجه عدداً من التحديات، من أهمها مقاومة الإنسان للتغيير؛ فالإنسان يميل دائماً إلى البقاء في منطقة راحته، وقد يقاوم أي خطط عمرانية جديدة تغير مفردات ما يحيط به، وهذا تحدٍّ مرتبط بمدى نمو الوعي عند المجتمع. ويوجَد تحدٍّ آخر يتصل بالتوازن بين تحقيق الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي، إلى جانب تحدي تحقيق التوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية للمدن، والمعاصرة وإعادة التخطيط لتحقيق الأنسنة.
ومنذ أن بدأت جهود هذه الرؤية الوطنية الطموحة 2030 ونحن نمضي بخطوات متسارعة وفق رؤية وطنية طموحة تمضي بنا قدما للامام من اجل انسان هذا الوطن الكريم تحقيقا لجودة الحياة وفق بيئة صحية مستدامة السعودية الخضراء حيث رسخ في يقين القيادة المباركة أن الهدف الأهم هو الإنسان، وتحقيق جودة حياة عالية له، وقد انعكس ذلك على تخطيط المدن بأساليب حديثة وضعت نموذجاً لأنسنة المدن حتى قبل أن يظهر هذا المفهوم على الساحة وتُناقَش معانيه؛ فحين ننظر إلى المدن الكبرى اليوم مثل الرياض العاصمة الحبيبة بُني تخطيطهما على أساس تحقيق أنسنة حقيقية؛ نجدها نموذجاً لمفهوم أنسنة المدن، وخاصة في ظل حفاظها على طراز تخطيط عمراني خاص يقوم على فكرة التوسع الأفقي مع انتشار المساحات الخضراء من خلال المشروع الضخم – حديقة الملك سلمان يحفظه الله التي تغطي كل أركان المدينة، وتوفر كل ما يسهم في تحقيق جودة حياة كبيرة لسكانها، مُقدِّمةً نموذجاً فريداً لأنسنة المدن. وتواصِل هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية بطموحات كبيرة ستبتلع كل المعقوقات وتحولها الى فرص تسير بنا في طريق تطوير المدن ودمج الذكاء الاصطناعي والقدرات التقنية من أجل رفع مستوى رفاهية الإنسان ,,,,,,,,.
إن أنسنة المدن ليست مجرد مفهوم حديث، بل هي قاعدة أخلاقية تُبنى عليها أهداف تحقيق التماسك، والأمن المجتمعي، ورفاهية الإنسان،
- هيئة النقل: أكاديمية نقل الركاب تسهم بتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية
- وزير الخارجية ونظيره بهولندا يبحثان هاتفيًا القضايا الإقليمية والدولية
- المجلس الصحي السعودي: هذه علامات الإجهاد أثناء القيادة وهذا ما عليك فعله
- سلوكيّات يومية بسيطة للوقاية من حصيات الكلى
- محافظ حفرالباطن يرأس اجتماع اللجنة الاشرافية العليا لمبادرة حفرالباطن أخضر
- مؤشر سوق الأسهم يغلق مرتفعًا عند 11616.81 نقطة بتداولات قيمتها 6 مليارات ريال
- تعيين 13 حكمًا عربيًا من سبعة اتحادات في مونديال الأندية 2025
- “الغذاء والدواء” تُخالف 13 منشأة صيدلية بـ 426,500 ريال خلال فبراير ومارس
- وزير الطاقة الأمريكي يزور أرامكو السعودية في الظهران وحقل الشيبة بالربع الخالي
- بالمرصاد.. إحالة مواطنين بالقصيم للنيابة لتورطهما في ترويج أقراص خاضعة للتنظيم
- غداً .. ينطلق اللقاء التعريفي بالحملة الشاملة للتوعية بأنظمة وضوابط أسواق النفع العام في حائل
- أمانة الشرقية: الانتهاء من أعمال مشروع الشارع الدائري في أم الساهك في القطيف بطول 1300 متر
- أمين الشرقية يرأس اجتماع تحسين المشهد الحضري ويطلع على مؤشرات الربع الأول من 2025
- دراسة : هذه الفاكهة تحميك من الضغط والشيخوخة.. تناولها يوميًا
- تعليم الطائف ينظم زيارات طلابية لمعرض أسبوع المرورالخليجي 2025م
د. أحمد المعشي

أنسنة المدن طموحات رؤية 2030
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3632426
التعليقات 2
2 pings
صالح سالم الرشيدي
18/02/2025 في 2:05 م[3] رابط التعليق
رؤية مباركة ومقال في الصميم
حمود مجمد
18/02/2025 في 2:06 م[3] رابط التعليق
احسنت يادكتور حفظ الله وطنا وقيادته وشعبه