لطالما كانت سوريا، بتاريخها العريق وحضارتها الضاربة في جذور التاريخ، رمزًا للصمود والتحدي. واليوم، بعد سنوات طويلة من المعاناة تحت قبضة حكم استبدادي أنهك البلاد وأرهق العباد، تقف سوريا أمام مرحلة فاصلة تحمل بوادر تحول جذري نحو الحرية والانفتاح.
إرث الاستبداد وآثاره
عانت سوريا لعقود من نظام حكم اعتمد على تكميم الأفواه وإقصاء الآخر، ما أفضى إلى تدهور اقتصادي واجتماعي عميق. تلاشت فرص العيش الكريم أمام السوريين، وتحولت البلاد إلى ساحة مفتوحة للصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية. لكن، وسط كل هذا الظلام، لم يخفت أمل الشعب السوري في التحرر وبناء وطنٍ يُنصف الجميع ويُعيد الحقوق إلى أصحابها.
بوادر التحول
اليوم، تلوح في الأفق ملامح نهاية الحكم الاستبدادي، وهو ما يمثل ولادة جديدة لسوريا . هذه المرحلة ليست مجرد تحول سياسي ، بل نقطة انطلاق لمشروع و طني كبير يستند إلى مبادئ الحرية و العدالة و المساواة. الشعب السوري بات أكثر تصميمًا على تجاوز ماضيه المؤلم ، و الدخول في مرحلة تعيد إلى البلاد بريقها و مكانتها بين الأمم.
التحديات و الفرص
رغم إشراقة الأمل، إلا أن الطريق نحو الحرية محفوف بالتحديات. من بين أبرزها:
• إعادة الإعمار: يتطلب إصلاح ما دمرته سنوات الصراع جهودًا جبارة وموارد ضخمة.
• تعزيز الوحدة الوطنية: تجاوز الخلافات العرقية والطائفية لبناء مجتمع متماسك.
• إرساء العدالة: محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وضمان عدم تكرارها من خلال مؤسسات دستورية وقانونية راسخة.
ومع ذلك، فإن هذه التحديات تقابلها فرص هائلة، أهمها استثمار إرادة الشعب في بناء دولة حديثة، متجددة، قائمة على الكفاءات والشفافية.
تطلعات شعب
يحلم السوريون اليوم بسوريا التي تضم الجميع تحت مظلة واحدة دون تمييز أو تفرقة. سوريا التي تحترم التعددية الثقافية و السياسية و تُؤسس لدولة مدنية تحمي حقوق الأفراد و الجماعات على حد سواء. هذا الحلم الذي كان يومًا بعيد المنال، بات اليوم أقرب من أي وقت مضى. كما شهدت العلاقات السعودية السورية تحولات ملحوظة منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. في البداية، اتخذت المملكة العربية السعودية موقفًا حازمًا ضد النظام السوري، داعية إلى وقف العنف واحترام إرادة الشعب السوري. في أغسطس 2011، سحب الملك عبد الله بن عبد العزيز السفير السعودي من دمشق، معبرًا عن رفض المملكة لما يحدث في سوريا. مع تصاعد الصراع، قدمت السعودية دعمًا للمعارضة السورية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية والعسكرية. في مارس 2014، صنفت المملكة جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية كمنظمات إرهابية، ودعت المواطنين السعوديين المشاركين في القتال بسوريا إلى العودة خلال 15 يومًا لتجنب العقوبات. في السنوات الأخيرة، بدأت بوادر تقارب بين الرياض ودمشق. في مايو 2021، التقى رئيس الاستخبارات السعودية بنظيره السوري في دمشق، مما أشار إلى إمكانية تطبيع العلاقات. في مايو 2023، أعلنت السعودية استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في سوريا، وتم تعيين سفير جديد في دمشق، مما يعكس تحولًا في السياسة السعودية تجاه سوريا.
تؤكد المملكة على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتدعو إلى حل سياسي يضمن استقرار المنطقة. كما تعرب عن ارتياحها للخطوات الإيجابية المتخذة لتأمين سلامة الشعب السوري وحقن الدماء، وتؤكد وقوفها إلى جانب الشعب السوري وخياراته في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا.
في ديسمبر 2024، صرح مسؤول سعودي بأن المملكة على اتصال بجميع الأطراف في المنطقة بشأن سوريا، وتسعى لمنع الفوضى بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وأكد أن المملكة تتواصل مع تركيا وأطراف أخرى، معربة عن التزامها بالحفاظ على الزخم الإيجابي في سوريا. 
بشكل عام، تسعى السعودية إلى دعم استقرار سوريا والمنطقة، من خلال التواصل مع مختلف الأطراف والعمل على تحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية.
خاتمة
إن ولادة سوريا الحرة ليست مجرد حدث عابر في تاريخ البلاد، بل هي بداية عهد جديد يكتب فيه الشعب السوري قصته بيده. التحديات جسيمة، لكن الآمال أكبر، والإرادة الشعبية قادرة على تحويل هذه اللحظة الفاصلة إلى نقطة انطلاق نحو مستقبل مشرق. سوريا الحرة التي ينشدها الجميع، قد تكون على وشك الظهور، لتثبت للعالم أن الشعوب لا تقهر مهما طال الزمن.
التعليقات 2
2 pings
مبارك البرقي
09/12/2024 في 4:12 م[3] رابط التعليق
سلمت يمينك أبا سعد ، وفيت وكفيت .
(0)
(0)
مبارك البرقي
09/12/2024 في 4:14 م[3] رابط التعليق
الله يصلح شأن الوطن العربي ، ويجعل ولايته في يد من يخاف الله .
(0)
(1)