الغضب غريزة وضعها الله في الإنسان ، لذا كان هناك غضبٌ محمود ، وغضبٌ مذموم ( فمَن كان غَضَبُه في الحَقِّ، ولا يَجُرُّه لِمَا يُفسِدُ عليه دِينَه ودُنياه، فهو غَضَبٌ مَحمودٌ، ومَن كان غَضوبًا في الباطِلِ، أو لا يَستَطيعُ التَّحكُّمَ في غَضَبِه إذا غَضِبَ، ويَجُرُّه الغَضَبُ لِتَجاوُزِ الحَدِّ، وإفسادِ دِينِه ودُنياهُ؛ فهذا غَضَبٌ مَذمومٌ) الدرر السنيّة
عندما نغضب تتغير الأفعال ، وتخرج بعض الكلمات المؤلمة من سب ، وشتم ، ولعن ، وكلمات بذيئة ، ويغيب العقل عن هذا الموقف ، ويبدأ الشيطان بنفث سمومه، فيحاول أن يفرق بين الزوجين والإخوان والأصدقاء .
وهنا يصبح الغاضب في موقف لا يحسد عليه موقف ضعيف جدا ، فيتبادر إلى الذهن قول معلم البشرية النبي صلى الله عليه وسلم :( ليسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ ، إنَّما الشَّديدُ الَّذي يملِكُ نفسَه عندَ الغَضبِ ) صحيح البخاري
ولخطورة الغضب على صحّتنا وعلى عقولنا وعلى علاقاتنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا نغضب .
أنّ رَجلاً قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ . صحيح البخاري
الغضب طريقك إلى المرض فهو من أسباب الإصابة بمرض السكري، والضغط ، وأمراض القلب، والجلطات.
والأدهى والأمر بأن الغضب الشديد قد يقودنا إلى الوفاة، وفيه من الدراسات ما يثبت ذلك ، والواقع يشهد بذلك.
فعلينا أن نرفق بأنفسنا ونعي ونعلم بأنّ الدنيا لا تستحق كل هذا الغضب لا تستحق كل هذه المواجع.
النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب إلاّ إذا انتهكت محارم الله .
قالت عائشة رضي الله عنها : (ما رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُنْتَصِرًا من مَظْلَمَةٍ ظُلِمَها قطُّ ما لمْ يُنْتَهَكْ من مَحارِمِ اللهِ شيءٌ ، فإذا انْتُهِكَ من مَحارِمِ اللهِ شيءٌ كان أَشَدَّهُمْ في ذلكَ غَضَبًا ، وما خُيِّرَ بين أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُما ، ما لمْ يكنْ مَأْثَمًا ) حديث صحيح
فعلينا أن نروّض أنفسنا وندرّبها على الحلم وعدم الغضب .
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأشجِّ عبدِ القيسِ إن فيك لخصلتَينِ يُحبُّهما اللهُ ورسولُه الحلمُ والأناةُ .
فعلينا قراءة قصص من تجمّل بالحلم لكي نتدرّب على الحلم وعدم الغضب ، ومن الذين اشتهر بالحلم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما .
وعلينا عندما نغضب نبتعد عن الانفعال، والأفعال ، ونسكت إلى أن تهدأ الأمور ، ويرجع العقل إلى وضعه الطبيعي .
قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) حديث صحيح اخرجه أحمد .
وكذلك عند الغضب علينا أن نتعوذ من الشيطان استَبَّ رجُلانِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحنُ عندَه جلوسٌ وأحدُهما يسُبُّ صاحبَه مغضَبًا قد احمَرَّ وجهُه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنِّي لَأعلَمُ كلمةً لو قالها لذهَب عنه ما يجِدُ: أعوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ ) فقالوا للرَّجُلِ: ألا تسمَعُ ما يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: إنِّي لَسْتُ بمجنونٍ .
خلاصة الكلام لا تجعل الغضب يتسلّل إلى حياتك بسهولة ، وإنّما قاومه قدر المستطاع بكل ما وجّهنا إليه الكتاب والسنة في مسألة الغضب ، وستجد نفسك حرةً طليقةً في عالم السعادة .
اللهم نسألك الحلم والأناة ونعوذ بك من الغضب المذموم .
والسلام أجمل ختام.
بقلم : عبدالله بن حامد بن سعيد الشهراني.