جاء العنوان إيماناً من عبارة شهيرة للصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف ( دلوني على السوق ) وهذه العبارة العميقة، تختصر منهجاً واسعاً يحتاجه كل طموح يرغب أن يصبح في يوم ما ذو مكانة .
كثير من الناس أتعبتها أحلامها، ولم تحقق شيئاً على طول الزمن، لأن الطريق الذي سلكوه كان خطأ منذ البداية.
والبداية هنا نطرح فيها سؤال مهم، فقد يتسأل البعض كيف يمكن لمولود في بيئة غير قادرة على مواكبة التعلم أن يرتقى سلم النجاح؟
ومن وجهة نظري أن النجاح ليس دوماً مرتبطاً بالمؤهلات العلمية. وكثير من أصحاب الشهادات المتخصصين يعملون لدى رجال أعمال كبار لم يحضوا بوافر من التعليم. لأن النجاح هنا له مسببات كثيرة، وما التعليم إلا إحداها.
ولا نجهل الكثير ممن وُلد نجاحه الباهر من رحم المعاناة. في رحة طويلة من الشقاء والبؤس إلى بهو القصور والرخاء. بدأت مسيرة هؤلاء العصاميين في سوق المال والأعمال، حتى باتوا اليوم من المؤثرين في الاقتصاد. والتجارب كثيرة في وطننا العربي، وفي داخل بلادنا المباركة نماذج أكثر نفتخر بها، وتترأى أمامنا قدوة ومثل حسن. والبعض منا عاش بدايتهم، ورافق تطور أعمالهم، وما نشهده ونشاهده في قراءتنا لتاريخ عمالقة المال والأعمال أمثال (الراجحي، الجريسي ، وابن سمار وغيرهم كثير) سندرك أن البدايات الصعبة هي وحدها من تصنع رجال أعمال أقوياء. وفي تجاربهم فرصة لنتأمل كيف بدأوا وأين وصلوا؟
وفي مسيرتهم الحافلة نجد تجارب مشرقة، وملهمة تستحق ان تدّرس للاجيال. وستبقى أهمية العلم والشهادات المتخصصة كرافد مهم لكل تاجر.
وعلى الشباب المقدم لسوق العمل أن يقرأ قصص النجاح ويستدرك الصعوبات التي تجاوزوها، فرواد المال والأعمال يستقون خبرتهم ممن سبقهم.
والخبرة تقدم أكثر مما يبقى في الذاكرة مما تقوله الكتب.
وهذه رسالة لأبناءنا، في الجامعات أو الباحثين عن وظيفة. ونقول لهم لاتنتظروا إعلانات الوظائف، بل اذهبوا أنتم لسوق العمل وانطلقوا في سبل الرزق المكفولة. واكتبوا قصص نجاحكم وارسموا طريقكم.
من يرغب أن يدخل سوق العمل عليه أن يتجه للسوق مباشرة، ويبدأ سلم المجد من الصفر، فليس هناك ضير في ان تبدأ عامل بسيط، ومع الوقت وتراكم الخبرات سيتدرج وظيفياً حتى يصل لكرسي الإدارة.
ماذا نقرأ في هذه الجمل البسيطة والواضحة، وكيف نقرأ شخصية هذا التاجر العظيم في زمنه. نعم أدرك أهمية البداية من ساحة السوق. ومنها انطلق في التجارة من عقال بعير حتى أصبح أغنى الصحابة في عصره.
من تجارب من سبقنا يمكننا أن نخلص إلى عدة دروس تكون شموع ومنارات في الطريق الطويل. وكما قال الفلاسفة طريق المئة ميل يبدأ بخطوة.
التجّار الناجحون يجتمعون على خصال مهمة ربما هي سر نجاحهم، أولها الإخلاص ، وثانياً الصبر. ووجدت صفات شخصية مهمة تكاد تكون مشتركة بين من عرفت منهم مثل الجدية، واحترام الوقت.
هذه الصفات المهمة أنجبت عمالقة يصنعون الأحداث. واسباب النجاح والفشل ليس الحظ والطالع بل الصفات الشخصية التي سبق شرحها.
خلاصة القول :ابعد عن المهبطين تفتّح لك الأبواب.
بقلم : عبدالعزيز بن رازن.