# لايخفى على كل مهتم بمحتوى تاريخنا الإسلامي المكتوب والمتداول بين أيدينا أن صفحاته لم تكتب وتوثق في حين وقوع تلك الأحداث المضمنة فيه. فلم يبدأ التدوين في علم التاريخ على وجه الخصوص إلا متأخرا بعد البعثة النبوية الشريفة وانتشار الإسلام خارج جزيرة العرب باستثناء(المغازي والسيرة النبوية التي دونت في النصف الثاني من القرن الأول الهجري). ولم يحظ التاريخ المدون عند ولادته بعناية الفحص والتدقيق وعلم (الجرح والتعديل) للتثبت من أقوال الرواة الذين اغلبهم غير متعلمين ولا يعرف أكثرهم القراءة والكتابة واعتمدوا المشافهة والقصص والشعر في حفظ الأنساب والأيام . ناهيك عن تباعد أمكنة تواجدهم وتواجد من نقل عنهم من بلاد فارس شرقا إلى بلاد الأندلس غربا وإلى بلادالشام شمالا إلى الحجاز واليمن جنوبا..إضافة لصعوبة المواصلات والاعتماد على الدواب في التنقل الذي يطول أمده. ولم يطبق في مجمله على رواة هذا التاريخ بعد ظهور الإسلام وفي صدره من المدونين كماطبق على تدوين أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في (علم أصول الحديث) مع أن أقوال المصطفى عليه السلام الوحي الثاني (إن هو إلا وحي يوحى) سورة النجم آية (٤)
ونهيه صلى الله عليه وسلم من التقول عليه بحديث غير صحيح..فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (من تقول عليّ مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار).وإن كانت بعض الروايات القليلة التاريخية مسندة. ولهذا لم يسلم التأريخ من تضارب الروايات وطغيان العاطفتين الدينية المذهبية والعنصرية القبلية والتحزبات والميل لأصحاب العطاءات والمنتصرين . والاعتماد على الذاكرة الحكواتية غير الثابتة في وصف الأحداث المتعاقبة من راوٍ لراوٍ ..فكان من نتائج ذلك مايحفل به التأريخ المدون من تناقضات..!
ومن يتفحص أسماء أبرز ورواد مؤرخي تاريخنا الإسلامي المعطاة أدناه. سيلحظ للتو وفيات هؤلاء المؤرخين الذين لم يعش ويعاصر أحد منهم أول صدر الإسلام (عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عهد خلفائه الراشدين ولا عهد الدولة الأموية التي انتهت ١٣٢ هجرية.ومطلع عهدالدولة العباسية ..!)
فمن الطبيعي أن ينتاب مادونه هؤلاء المؤرخين الذي أصبح مادونوه أهم مصادر التاريخ بعض القصورالملحوظ . مما كان له الأثر لاحقا فيمن نقل عنهم منْ خَلَفهم من المتأخرين بعد أن توسعت جغرافية الدولة الإسلامية في الشرق والغرب..!
فمن أبرز المؤرخين :
* محمدبن إسحاق(ت: ١٥١ للهجرة) عربي مدني الميلاد بغدادي الوفاة مؤرخ ومحدث وكاتب المغازي ..وهو أول من كتب سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام.
* الواقدي(ت:٢٠٧للهجرة) سِير ومغازي . كان مولى لبني سهم أُتهم بالتشيع . .ضعيف عند أهل الحديث و تورد آثاره دون احتجاج أحيانا.!
* ابن هشام (ت: ٢١٨للهجرة) كاتب سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم..حميري ..بصري نقل سيرة الرسول عليه الصلاة السلام عن ابن اسحاق .
* البلاذري (ت:٢٧٩للهجرة) مؤرخ أصله فارسي.وهو نسابة قيل عن بعض مروياته فيها شك!
* اليعقوبي (ت:٢٨٤للهجرة) شيعي وقيل أنه سني طاف وعاش في عدة بلدان !
*الطبري( ت: ٣١٠للهجرة) مفسر ومؤرخ أُختلف في نسبه ويرجح أنه أزدي عربي الأصل أُتهم بالتشيع أَواخر حياته من قبل حنابلة بغداد.!
* شمس الدين المقدسي (ت: ٣٩٠للهجرة) مقدسي شامي ورحالة جغرافي.
*ابن عساكر(ت: ٥٧١ للهجرة) الدمشقي مؤرخ ومحدث وفقيه .اشتهر كمؤرخ بكتابه تاريخ دمشق.
* ابن الأثير (ت: ٦٣٠للهجرة) موصلي جَزري عاصر صلاح الدين الأيوبي.
* ياقوت الحموي ( ت: ٦٢٦للهجرة) أديب ومؤرخ أصله رومي!
* ابن العبري (ت:٦٨٥للهجرة) مسيحي سرياني كتب في اللاهوت والتاريخ.!
* أبو الفدا الأيوبي(ت:٧٤٢ للهجرة ) جغرافي ومؤرخ أيوبي.!
* أبو الفداء ابن كثير (ت:٧٧٤للهجرة) قرشي شامي صاحب البداية والنهاية في التاريخ.
* ابن خلدون (ت: ٨٨٠للهجرة) حضرمي أندلسي برز في علمي الاجتماع والتاريخ .!
* تقي الدين المقريزي(ت: ٨٤٥للهجرة) في القاهرة عَبيدي النسب مؤرخ الديار المصرية ..قيل أن أصله من بعلبك .!
إن مشروعا كإعادة كتابة تاريخنا الإسلامي وتنقيحه أمنية يجمع عليها الكثير. ولمسيس الحاجة لذلك .فلن تستطيع جهود العلماء الفردية القيام به .وخير من يقوم به من وجهة نظر الكاتب تلك المؤسسات العربية والإسلامية الكبيرة كمنظمة التعاون الإسلامي بالتعاون مع المؤسسات العلمية الأكاديمية والمختصين فيها من العلماء المؤرخين ودعما من جامعة الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي قد يحقق الغرض.ولعل في تجربة مجامع اللغة العربية كمجمع الملك سلمان بالرياض ومجمع اللغة العربية في القاهرة ومجمع اللغة العربية في دمشق .خير مثال لتبني هذا المشروع وولادته على أيدي المخلصين من أبناء خير أمة أخرجت للناس والله ولي التوفيق.
✍️ : غازي أحمد الفقيه