أضحى التعليم العالي والنيل من شهادة الدكتوراه بمختلف تخصصاتها العلمية والأدبية والثقافية والتقنية، من مقتضيات حياتنا المعاصرة، في ظل ما يشهده عالمنا اليوم من رقي وتطور، مُذهل، وتقدم حضاري، مُتناغم، ولكن شتان بين من يحصل على هذه الشهادة، بدراسة أكاديمية، بأحد الجامعات المرموقة، طمعاً في الاستزادة العلمية، والتأهل لتسنم أعمال، استشارية أو اكاديمية أو، وظائف قيادية عالية المستوى، وهو ما نعتبره، توجهاً سليماً وطموحاً وخلاقاً، لاسيما إذا ما تم ذلك عن جدارة، وأمانة علمية تخضع لأصول البحث العلمي، وبين من يتحصل على هذه الشهادة بطرق ملتوية من خلال جامعات مُخالفة للمنهج الاكاديمي الصحيح أو، وهمية ولا وجود لها على أرض الواقع لدن بعض الدول، لأجل فقط تحقيق مكاسب مالية طائلة بأي شكل من الاشكال، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما أصل كلمة دكتور، والتي بات أناس كُـثر، يتسابقون إليها ويتشبثون بها ؟ الإجابة بحسب ما قرأناه في بعض المؤلفات العربية والأجنبية بهذا الخصوص، تعني باللاتينية المعلم، وفي معجم وبستر، تعني العالم الديني الذي برز في دراسة اللاهوت، بينما أطلقها اليهود على الحاخام العالم بالشريعة، وأطلقها المسيحيون على الذين يقومون بتفسير الكتب المقدسة، أما في معجم أكسفورد، فتعني كلمة دكتور، وجمعها دكاترة، طائفة من الآباء النصرانيين الأوائل ممن اشتهروا بالعلم والقداسة، وفي مقدمتهم القديسون( آمبروز، وأوغسطين، وجرومي) وهي شهادة مُستحدثة تم منحها في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي، وأن جامعة بولوينا الإيطالية هي أول جامعة أوروبية منحتها للأطباء، ومع مرور الوقت شملت تخصصات أخرى، فيما توضح مراجع تاريخية إلى أن جامعة برلين بألمانيا هي أول المانحة لهذه الشهادة عام1810م تلتها جامعات أمريكية، كجامعة هارفارد، ومن بعدها جامعة أكسفورد ببريطانيا عام 1916م فبقية دول العالم وفق شروط ومعايير تحددها كل دولة بما توافق مع سياستها ويخدم مصالحها العامة، ولهذه الشهادة أنواع: فلسفية، وتُعنى بالبحوث النظرية، ومهنية، وتهتم بالجوانب التطبيقية والعملية، وفخرية وتُمنح لمن يقوم بإنجاز عمل مميز، له أهميته البالغة على المحك الخدمي والإنساني، تقديراً له، وهي تأتي عقب شهادة الماجستير، وتتطلب دراسة، سنتين إلى ثلاثة سنوات، وتقديم بحث حديث أو نادر في مجال مُعين، يُشرف عليه مُتخصص، حتى إذا ما أنهى الدارس فترة دراسته تمت مُناقشته علناً أمام لجنة تحكيم معنية بذلك، ومن ثم يُمنح هذه الشهادة، مع الدرجة التي يستحقها ( درجة الشرف الأولى، أو الثانية وهكذا ) فشهادة الدكتوراه إذاً ليست هي مجرد درجة شرف أو لقب مُغري، يناله الدارس، ويصوغ له بوضع حرف الدال قبل اسمه، ويُذيل به مكاتباته ومخاطباته الخاصة أو على مستوى عمله الرسمي، أو يتباهى بها ويتفاخر، أمام أقرانه وجلسائه، بقدر، ما لها دور عظيم في توسيع مداركه العلمية والمعرفية، واكتسابه لمهارات بحثية، وإلمامه الكافي بفحوى رسالته، وتطوير ذاته كلما أمكن من خلال الاطلاع على كل جديد، واجادته للحوار الهادف والبناء، والتحدث بثقة ولباقة وسلاسة بما تزود به من علم نافع في الندوات والمحاضرات متى أتيحت له الفرصة، وليس العكس لا يفقه من رسالته سوى عناوينها، كناتج حتمي لإسناد مهامها التخطيطية والبحثية والتوثيقية والكتابية لشخص مُتخصص مقابل إعطائه مبلغاً مالياً لا يستهان به نظير جهده وتعبه، بعدما جرد نفسه من كل القيم والمُثل العليا، واستبدلها بالغش والخداع والخيانة، لأجل تحقيق هذا المأرب المُخجل، ولربما بالشراء أو التزوير، والذي يُعد مُحرماً في الشرع الاسلامي؛ إما تقليداً أو محاكاة، أو وجاهة، هذا إذا لم يصطبغ بصفات التكبر، والتعالي والتسلط، الذي ينبذه كثير من الناس، وعلى كافة الأصعدة، ولعل الموقـفين التاليين، واللذان دفعاني لكتابة هذا المقال يترجم صحة ما نسطره في هذا المنحى، أحدهما: لما حضرنا ندوة علمية في أحد المناطق تسارع عدد من الدكاترة المدعوين للجلوس على المقاعد الأمامية في تلك القاعة المُخصصة لتلك الندوة، بينما جلس بقية الحاضرين، ومن بينهم معلمين في المقاعد الخلفية، دونما الالتفات لمقامهم التربوي والتعليمي المُشرّف، وما يستحقونه من احترام وتقدير، بل وأن بعضهم وكما بلغنا قاموا بتدريس نخبة من هؤلاء الدكاترة في سنوات قديمة، أما الموقف الثاني: فعندما قام شخص بمناداة زميل له في حفل زواج، بعد انقطاعه لفترة طويلة، بكلمة يا أستاذ، رد عليه هذا الزميل، وبغلظة، أنا دكتور، يا أستاذ، أما علمت ؟ ليجيبه هذا الشخص وعلى ملئ من الحاضرين، بلا، وعلى كُلٍ مُبارك عليكم يا دكتور، وهو ما نحسبه نزعة فضولية، لا تليق بمكانة من يمتطي جواد هذه الشهادة العلمية العالية، ولعمري كم من العلماء والفقهاء والأدباء والمفكرين والمشايخ الأجلاء والمربين الأوائل، من أمة الإسلام، توجوا أنفسهم بأنبل الأخلاق السامية والتواضع الجُم، على امتداد تاريخهم المجيد بالرغم من عدم حصولهم حتى على أدنى شهادة علمية في زمانهم، عدا ما قدموه لأجيالهم وما بعدهم، من علوم وفنون أدبية وبلاغية وثقافية، وخبرات وتجارب ثرية شكلت مُجتمعة، وعلى مدار قرون متتالية، ينبوعاً متدفقاً يغرف من معينه الصافي كل من تاقت نفسه للاستزادة العلمية أو البحثية، مُعتبرين الخُلق الكريم، والتواضع الجُم، يمثلان أعلى الشهادات وأوسمتها الذهبية لمن أراد الارتقاء والتفاخر، والتي يكفينا منها قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) وفي الحديث (من تواضع لله رفعه ) مُشيدين بالذين تحصلوا على هذه الشهادة بحق وحقيقة، ومع هذا يُحبذون مناداتهم ( أبا فلان ) بدلاً من يا دكتور، امعاناً في تواضعهم، واقتداءً بنبيهم صلى الله عليه وسلم، ولولا الإحراج لذكرناهم بأسمائهم، كما أنه ليس شرطاً بأن، كل من يعمل في المجال الصحي يُطلق عليهم لقب دكتور، فهناك من يشاركهم مهامهم، بمسميات تتوافق مع تخصصهم كأطباء، راجين، ألاّ يُفهم من طرحنا هذا التقليل من شأن أحد أو التشكيك في شهادته، فالواقع فيه ما يُجسد ما ذكرناه بوضوح، ولقد سبق وأن وقفنا على شيء من ذلك، إبان عملنا في مجال البحوث التربوية، قبل عدة سنوات، وللجميع فائق الاحترام.
- معالي وزير السياحة يدشن شركة رملة للرحلات السياحية والمنتجعات البرية في حائل
- التصدي لتهريب 250 كجم قات بجازان ومنع ترويج 5.6 كجم حشيش بعسير والجوف
- 5 مطارات تتصدر تقارير الأداء لشهر أكتوبر 2024
- “الضمان الاجتماعي” يوضح الشروط الملزمة للمستفيدين لقبول الفرص الوظيفية المقدمة لهم
- «الغذاء والدواء»: حظر الإتلاف ومنع السفر لحالات التسمم الغذائي
- “المدني” ينقذ شخصًا عالقًا بمرتفع جبلي في الطائف
- «الزكاة»: مراحل ربط الفوترة الإلكترونية سيتم تحديدها وإشعار الفئات المستهدفة
- “تنظيم الإعلام”: فسح أكثر من 470 من الكتب والمطبوعات و55 محتوى سينمائيًّا خلال أسبوع
- «الصحة العالمية»: جدري القرود ما يزال يشكل حالة طوارئ تثير القلق الدولي
- «النمر»: عدم التحكم في «الضغط» من أكثر مسببات قصور القلب
- الأولى من نوعها.. اتحاد الغرف يعلن تشكيل لجنة للطاقة والبتروكيماويات
- باستثمار مليار دولار.. “أرامكو ديجيتال” تتجه للاستحواذ على حصة كبيرة في “مافينير” الأمريكية
- سقوط 22 متستِّرًا في قبضة الحملات الميدانية.. ضبط 19696مخالفًا
- بطء الكلام والصوت العالي.. تعرَّف على 5 علامات لضعف السمع عند الأطفال
- تأييدٌ من “العُليا” تلاه “أمرٌ ملكي”.. المدينة المنوّرة تشهد تنفيذ حُكم القتل تعزيراً بمهرّبة “الكوكايين”
31/08/2023 11:25 ص
عبد الفتاح أحمد الريس
0
1037101
(0)(2)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3566179/