استكمالاً للمقال السابق الجزء الأول من سته على سته - ٢٣ - نورد تكملته بعرض الجزء الثاني رحلة في ربوع بلاد الأناضول في مناكب تركية الأرطغرلية بشطريها الآسيوي والأوروبي، سيدة البحار في زمن سلطتها ، وذروة سلطانها ، وقوة سلاطينها . لا تعبر السفن الأروبية إلا بأذنها ، ودفع جُعْلٍ معلوم ، تدفعه للخلافة الإسلامية من أجل عبور سفنها إلى حوض البحر الأبيض المتوسط بين القارات الثلاث أسيا وأفريقيا وأوروبا ( الشعوب السامية والحامية والنافثية بني الأصفر ) وبين حوض المحيط القارتين أفريقيا وأسيا ( المحيط الهندي ) ، وبين بحر الظلمات المحيط الأطلسي بين أوروبا الهمجية ، وأفريقيا مشعل ومنار الإسلام( القارة العسلية ) وكانت الخلافة الإسلامية لها سلطة ، ونفوذ على هذه البحار، والمحيطات، أول من نعتت بسيدة المحيطات والبحار، وريثة بني العباس الخلافة الإسلامية الثانية بعد الأموية الأولى وريثة الخلافة الراشدة التي يقول خليفتها الخليفة/ هارون الرشيد مخاطباً السحابة (سيري حيث شئتِ فسوف يأتيني خراجك ) دلالة على سعة واتساع مساحة الخلافة الإسلامية في المعمورة .
استقبلنا سائق المركبة مكروباص نصرة من أصول عربية من أنطاكية عند بوابة المطار للخروج ، وحمل الأمتعة والأغراض بالمركبة ، واستوينا بالمركبة ، وذكرنا اسم الله ، وتوكلنا على الله سبحانه وتعالى ، وتحركت المركبة على بركة الله ، والمركبة تسير بين سكك معبدة فسيحة . تتسع في بعض المواقع ، وتنحسر في البعض تكتنفها أشجار خضراء ، وتتخللها بعض أشجار الزهور حمراء وصفراء وبنفسجية نيلية اللون تسر الناظرين ، ويشرح لنا قائد المركبة أثناء السير بعض المعالم من أجل تكوين فكرة ومعلومة عن طبيعة البلد حتى وصلنا مرفأ يلوا ، ودخلنا بالمركبة داخل عبَّارة ( سفينة ) ، ومعنا مركبات عدة مختلفة الأحجام ، وكلاً داخل مركبته ، وتحمل العبَّارة على ظهرها مجموعة من المركبات مختلفة الأشكال والأحجام في ثلاث مسارات ، والبعض يتدرج داخل العبارة راجلاً ( متمشياً ) . تحركت العبَّارة ، وتسمع البسملة ملء أفواه الركاب ( بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ) سورة هود آية ٤١ بما حملت باتجاه الضفة الاخرى يلوا . داخل العبارة بوفية من أراد شرب مشروبات باردة أو ساخنة مع بعض قطع الماكولات من حلوة ، وبسكوت ومعجنات وغيرها . يحق لك التجول داخل العبارة ، والعبارة تربط بين شطي أو ضفتي إسطنبول ويلوا بما يعرف منفذ ينيكابي . وقد تعجبت أن جميع المركبات داخل العبارة ، وبعضها لوحات سعودية ، وعوائل سعودية تتميز من خلالها الأصوات وعبايات عوائلهم . في تمام الساعة الثانية بعد ظهر ذالك اليوم الموافق ١٤٣٨/١٢/٨ هجرياً ( ٢٠١٧/٨/٣٠م ) رست العبَّارة بالضفة الشمالية الشرقية من يلوا ، وتحركت المركبات من العبارة في انتشاراً كالجراد إلى مقاصدها ومآربها.
يلوا وما أدراك ما يلوا ؟ الطبيعة الخلابة "روضة الناظر وجنة المناظر " والخضرة الجذابة ، وحسن الجمال ، والجو العليل ، ونسمات باردة تدغدغ الجسم بالنعاس . يلوا مدينة جميلة ليست بالمدينة الكبيرة ، ولا بالصغيرة متوسطة بينهما . أجمل الأماكن الطبيعية يقصدها ملتمسو الراحة ، والاستجمام فيها ينابيع حارة ، وطبيعة خلابة تتميز بإطلالة ، ومطلات جذابة ، وتلالها الجميلة مغطات بالغابات ، والغطاء النباتي . شجيرات وأشجار زمردة خضراء جنة الله في أرضه . تقع على شاطي بحر مرمرة الشمالي الغربي فيها قرية ترمال بينابيعها المعدنية الحارة تنبع من أعالي تل ترمال بن كرمان ، والقرية من أهم الأماكن للاستشفاء بمياهها أو الاستحمام ، وخير مايميزها شلالتها رائعة تشعر بالراحة ، والارتياح هادئة ، والنوم بها ممتع . يقصدها ملتمسوا الهدوء طبيعتها طيبة وجميلة . تجمع الحسنيين، سكانها خليط من أعراق لها ذكر غير خامل . أخذنا جولة ممتعة داخل المدينة ، والأنطاكي يشرح ويوضح بعض المعالم . مررنا بالحمامات الكبريتية المعدنية مزدحمة بالسياح، ثم انتقلنا الى سفح جبل بإطلالة جميلة ، وطبيعة خلابة، به مطعم ومقهى بمقصورات عائلية يطل على وادي فسيح وسحيق بين سلسلة جبلية تكتسيها أشجار عملاقة ، وشماريخ شجيرات شديدة الاخضرار منظر جميل وخلاب ، وإذا بمجموعة عوائل خليجية الأغلب الأعم سعودية من المنطقة الغربية في انتظار تحديد أرقام مقصوراتهم بينما الأطفال يلعبون في ملاهي المطل ، ودخلنا في احدى المقصورات العائلية بمفردنا رقم ( ٢٢ ) نشاهد الطبيعة بما كساها الله من حسن وجمال يصعب وصفها للقارئ.
طلبنا الغداء وما لبثنا قليلاً حتى أحضر الساعي المقبلات والسلطة وقطع من الخبز الريفي المتميز بريف يلوا ، وغرشات من الماء وذكرنا اسم الله وسمينا بالله اثناء تناولها ، وأعقبها بوقت يسير المشويات التركية مختلفة الأشكال ، والكفتة التركية ، والطاوق ، وقطعاً من جذور الفجل مختلف الألوان مصاحبها مشروب الكاكولا ، فأكلنا من لحم وأسماك وطير مما يشتهون وحمدنا الله بعد الانتهاء منها بالحمد لله أن يسر لنا هذا الطعام الذيذ ، ودفعنا ثمنه بما يقارب مائة ريالاً .
- انتقلنا بعدها إلى ساحة شرقية تطل على ذلك الفياض الفسيحة بجمال الطبيعة وتناولنا حساء من الشاي وتردد في الأسماع أذان العصر فارشدونا للمصلى الرجال والنساء ، وصلى المسافرون صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ثم انصرفنا بعد أداء الصلاة إلى المطلات نستمتع بالجلسة في جو عليل ، ومنظر خلاب ، وحساء شاهي مذاق طعمه لذيذاً ، ومازالت براريد الشاي تتعاقب بين مرتادي هذا المطل ، ومذاق الشاي يدفع للمزيد من طلبه . الأولاد والعوائل لا يرغبون الخروج من المطل مستمتعين بالمناظر وجمالها وحساء مذاق الشاي . خيل لي في المطل سحر يأبى أن ننتقل منه ، وعند مغيب الشمس ، واشتداد البرودة خرجنا من المطل بإتجاه بورصا مقر الإقامة.
- بينما نسير بإتجاه بورصا أو بورصة ، وقد أرخى الليل سواد سدوله من عتمته إلى اشداد سواده ، ونشاهد من بعيد في الأفق شعاع مصابيح مدينة بورصا . تصارع سواد الليل ،وتبدد ظلمته وكأنها تلوح من بعيد بالتحية لزائريها مرحباً في معاقل بني عثمان وسلاطينها عاصمة الخلافة الإسلامية الإبداع والابتكار الأول في التقنية والصناعة ، ودهن الورد والمسك ، والسجاد وأول أبتكار العاجور الأحمر ، ومعدات الحرب المنجليق والقاذفات والعصملي وعربات الخيول ومازالت منطقة صناعية بالإجماع ، وعصب الاقتصاد ، وتجارته وشريان السياحة ، ومقصد السياح . يرفل فيها المترفون الطبقة المخملية . نورد لمحات سريعة عنها قبل الوصول كمايلي :
- بورصا رابع مدينة بتركيا وأول مدن تركيا الصناعية تقع في الشمال الغربي من تركيا وتبعد عن اسطنبول مائة وأربعة وخمسين ( ١٥٤ ) كيلومتر . يمكن الوصل اليها بأربعة وسائل نقل من اسطنبول القلب التركي بالتاكسي البري ( السيارة ) أو بالتاكسي البحري والباص والعبارة . بورصا عاصمة بني عثمان العاصمة الثانية بعد سوغوت وتعرف خداوندكار تعني هدية الله . يطلق عليها عدة نعوت وتكتسب أهميتها من تعدد نعوتها منها بورصة الخضراء ومنتزهات الخلفاء والأمراء ، والطبقة المخملية ، ودرة الصناعة ، ومدارج الخيل ، ومحاضن الطبيعة ، وجبال السلاطين وغيرها ، وسمية بورصا لكثرة تبرصها بالحدائق والمنتزهات ، والمساحات والمسطحات الخضراء ، وكثرة الغابات المتنوعة الشاسعة ذات الانتشار حولها . بها جبل أولوداغ منتجع سياحي شهير للتزلج ، وبها أضرحة عديدة لسلاطين العثمانيين الأوائل ، تتميز بالعديد من مباني العهد العثماني . تشكل معالم رئيسية لها ، وخير ما يميزها أيضاً تعرف بألف مئذنة وأشهر الجوامع بها الجامع الأخضر ، وجامع أولو ، وجامع بايزيد الأول إذا صدح الأذان من المآذن كان له صدى بأركان المدينة . أغلب سلاطين بني عثمان دفنوا فيها أولهم عثمان بن أرطغرل . مدينة صناعية كبرى كصناعة السيارات والأقمشة والملابس والسجاد وكثير من الصناعات المتعددة ، ومدينة زراعية من الدرجة الأولى وتشتهر بالزيتون والتين والخوخ والمشمش والعنب والرمان وغيرها من الزروع الحقلية .
- دخلنا مدينة بورصا مدخلها فسيح ، وشوارعها نظيفة ، ومصابيح أعمدة شوارعها وضاءة جميلة . دلالة وجود بلدية تعتني بالتنمية المكانية ، ومداخل ومظاهر مدينتها بكل مايشرح الناظر والزائر والسياح . نشاهد حدائق متعددة مع كل اتجاه مزوده بألعاب الأطفال . يلعب بها لا حدس أطفال سياح ويخالطهم أطفال محلين .
انتظروا الجزء الثالث من المقال في العدد القادم ان شاءالله نسأل الله التوفيق لنا وللجميع .
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
- تركي آل الشيخ يفوز بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير من MENA Effie Awards 2024
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
بقلم_ خالد بن حسن الرويس
ستة على ستة – ٢٧ –
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3532706/