الكل في هذه الدنيا تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى ، فإن شاء أغناه ويسر له معيشته ، ورزقه بنين وحفدة وحفظهم ويسر عليهم حياتهم وحقق لهم مايطمحون إليه ، وإن شاء أفقره وجعل حياته شقاءُ وكد وكدح حتى السبعين من سلالته والعياذ بالله ، ولربما رزقه أيضاً بمن يُشقى به في حياته وينشغلُ به .
فلا تظن وتعتقد أخي الرجل الغني صاحب المال والأولاد والسلطان والجاه ، أن كل ذلك بتدبيرك ووعيك وسعيك وذكائك وعبقريتك فإن إستطعت أن تبني مجداً كما تدعيه ، فهذا تيسيرٌ من الله عليك وهيئك هو لذلك ، ثم بعد ذلك فما تدري هل هي نعمة أم نقمة ، ( وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ ) .
وفي الجهة المقابلة أن هناك
من يعيشون عيش الكفاف لا لهم ولا عليهم ، وآخرين لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك فمرةً في الطين ومرةً في العجين ، ولكنهم على فطرتهم وحياتهم التي يغلبها الظن الحسن في الله و طيب العيش والمقام وبينهم التواد والحب والتفاني ، والإيثار مقتنعين بما رزقهم الله ، ( لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ) ،
فإذا أتاك سائلاً أو صاحب حاجة أو هم أو دين ، أخي صاحب المال و السلطان فلا تتحدث له عن كِفاحك فهذا لا يعنيه ولا تُلقي عليه تلك المناظرات الطويلة العريضة والخِطب العصماء و بأنك رجلٌ عصامي تحديت المصاعب وكسرت الظروف ثم سافرت على بساط الريح هنا وهناك وإغتربت عن الأهل والخِلان حتى حصلت على تلك الثروات وتلك الوظائف عالية الرتبة والمراتب ، حتى حزت ما أن عليه من رغد العيش وسعة الرزق في المال والأولاد والأهل وهذا ليس له علاقة بالذكاء والغباء وإنما هو الحظ الذي إختاره الله لك ، والدنيا حظوظ ،
( إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ) .
فكم كادحٍ لم يجد من الكدح إلا العُسر وكأنه يكدح في صفاة ملساء بليلٍ بهيم لأن الله قَدر عليه رزقه (أي ضيق عليه في رزقه ،،، وكم من جنينٍ في بطن أمه وقفت عليه الإجراءات في المحاكم حتى يلد ويخرج على هذه الدنيا وفي فمه ملعقة من الذهب والمجوهرات والأرصدة بملايين الريالات في البنوك وهو لم يعي ما حوله حتى .
( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ )
نعم السعي في طلب الرزق والإجتهاد والصبر والأناة هي مطلب شرعي ومنطقي ، ولكن كل ذلك بعد مشيئة الله وتيسيره فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم وهذا تدبير الله لهم (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ) ، فلذلك الناس في هذه درجات بعضهم فوق بعض ولكن محاولة الإنتقاص من الآخرين أو ذمهم أو الإستهزاء بهم هو خُلق ذميم وكفرٌ بأنعم الله وليس شكراً له فإما عطاءٌ بلا مّن أو منعٌ بلا ذُل ،
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
التعليقات 1
1 pings
توفيق غنام
29/09/2022 في 9:43 م[3] رابط التعليق
ابدعت ابا فواز فكلنا تحت رحمة الرحمن وتدبيره فلا تفاخر بنجاح ولا بمال وبنون ولا سخط وتجزع من الكفاف والعوز ..
(0)
(0)