السعودي عماني والعماني سعودي، شعار انتشر في الآونة الأخيرة بمواقع التواصل الاجتماعي بين الشعبين الشقيقين، السعودي والعماني ، وكذلك موقع "التواصل الحكومي" التابع لحكومتنا العمانية الرشيدة، نشر قصيدة عمانية خاصة وبرعايته بعنوان : "اختصار القول في وقت الحميا .. السعودي عماني، والعماني سعودي". انتشرت مختلف الشعارات والتغريدات والقصائد والأغاني بين الشعبين الشقيقين، أثناء زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم _أيده الله_الى المملكة العربية السعودية، حيث تعد هذه الزيارة الرسمية الأولى لجلالة السلطان هيثم خارج السلطنة. وقد لاحظنا حسن الضيافة وفخامة الاستقبال وروعة الحفاوة بجلالة السلطان، ورأينا حجم الفرحة والبهجة، والصور العفوية التي تشرح الصدر بين جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وهذا يدل على المحبة المتبادلة بين القيادتين والشعبين الشقيقين، وأن هذه الأخوة والرابطة هي فعلاً رابطة راسخة رسوخ الجبال، عبرالأزمان. فالسلطان قابوس _ رحمه الله وطيب الله ثراه _ توجه الى المملكة العربية السعودية في أول زيارة رسمية له خارج السلطنة، فهذه الزيارات تدل على أهمية المملكة لدى سلاطين السلطنة وشعبها وعلى أن المملكة بصدق هي أهم الدول الشقيقة لديهم، فهي بلاد الحرمين ومهد الإسلام ومولد النبي محمد (ﷺ) وهي الدولة الجار والشقيقة الكبرى في دول مجلس التعاون الخليجي، فالسلطنة والسعودية ودول الخليج والجزيرة العربية، هم امتداد قبلي وحضاري من نبع واحد، فدماؤهم واحدة ولغتهم واحدة ودينهم واحد، وهم شعب واحد وحضارة واحدة، ومصيرهم كذلك واحد، وإن عز وقوة أي دولة منهم هو عز وقوة للجميع. فالسلطنة حالياً لديها رؤية (2040) وكذلك المملكة لديها رؤية (2030) ، وكلتا الرؤيتين تسعيان للازدهار والتنمية الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية وتنويع مصادر الدخل وتطوير وصناعة الانسان العصري الناجح في مختلف الميادين التنموية والعلمية والاقتصادية والفكرية، وبذلك فإن التعاون بين البلدين الشقيقين هو أمر إستراتيجي ومهم ولصالح الجميع، فالتنسيق المشترك بين الجانبين وتبادل الأفكار والخبرات سوف يساهم في تطوير وإنجاح الرؤيتين في البلدين. ومن خلال موقع السلطنة الإستراتيجي، الذي يطل على خليج عمان وبحر العرب والخليج العربي والمحيط الهندي، يمكن للمملكة أن تستفيد من الموانئ العمانية كميناء الدقم و صلالة وصحار في الاستيراد والتصدير من وإلى آسيا وشرق إفريقيا، ويمكن للمملكة أيضاً أن تستثمر في كثير من المشاريع الاقتصادية في السلطنة، والتي سوف تعود بالنفع والفائدة على الجميع، وكذلك يمكن للسلطنة أن تستثمر في مشاريع اقتصادية مختلفة في المملكة، فالفرص الاستثمارية موجودة ومتوفرة في المملكة والسلطنة، والأمر يحتاج فقط الى تنسيق مستمر بين الجانبين العماني والسعودي، ولذلك فقد قرر الجانبان العماني والسعودي أثناء زيارة جلالة السلطان أن ينشئا مجلس تنسيق مشترك، يهدف إلى وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بين البلدين، والرفع من مستوى التكامل بين البلدين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والتنمية البشرية، وإلى وضع الاتفاقيات والمشروعات المشتركة بين البلدين، فيقول الله عز وجل : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)، ويقول النبي محمد (ﷺ) : (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم، مَثلُ الجسدِ إذا اشتكَى منه عضوٌ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى) ، ويقول النبي محمد (ﷺ) : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، فالتنسيق هنا في مختلف المجالات، ومنها التنسيق السياسي والعسكري والأمني، فأمن الخليج هو مسؤولية كافة دول الخليج، فقد أثبت أن السلطنة تاريخياً هي البوابة الأولى للخليج العربي، للتصدي لأي عدوان يهدد الخليج، سواءً تهديد الفرس أو البرتغاليين أو غيرهم. فالبرتغاليون عندما احتلوا أجزاء من الخليج، فالذين طردوهم هم العمانيون، وكذلك الفرس عندما احتلوا البحرين واحتلوا أجزاء أخرى من الخليج العربي، فالذين حرروا البحرين والمناطق الخليجية المحتلة من الفرس هم العمانيون، وكذلك عندما حاصر الفرس البصرة العراقية، فالذين تصدوا للفرس وفكوا حصار البصرة هم العمانيون، فالدولة العمانية تاريخياً هي القوة العربية الأولى لحماية الخليج العربي من التهديدات الخارجية، سواءً تهديدات الفرس أو البرتغاليين أو غيرهم. وفي العصر الحديث وبسبب تغير موازين القوى، فإن المملكة العربية السعودية هي القوة العربية الأولى لحماية الخليج من التهديدات الخارجية، (إضافةً للسلطنة وباقي دول الخليج) ، سواءً تهديدات الفرس وحلفائهم أو غيرهم. فالسلطنة حالياً تمارس في الغالب ادواراً أخرى لحماية الخليج ، وخاصة أدوارها السياسية والدبلوماسية ، ولكن لو اضطرها الأمر لحمل السلاح وحماية الخليج، فلم ولن تتردد في ذلك، مثلما شاركت بالقوة العسكرية في تحرير الكويت، فهنا السلطنة والمملكة تكملان بعضهما البعض، وتتبادلان الأدوار لمصلحتهما المشتركة، ولمصلحة دول الخليج والأمة العربية والإسلامية، لتحقيق الأمن والازدهار ، ولحماية الخليج العربي والجزيرة العربية من الأخطار الخارجية، فالتنسيق العماني السعودي سوف يرفع من مستوى التكامل بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والتنمية البشرية، إلى أن يصل إلى الاتحاد الخليجي بإذن الله، فالنظام الأساسي لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي وضعته واتفقت عليه دول الخليج، ينص في المادة الرابعة، على أن من أهداف المجلس : "تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا الى وحدتها". يقول الله عزوجل : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) ، ويقول الله عزوجل : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) ويقول جلالة السلطان هيثم : "سنواصل مع الأشقاء قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الإسهام في دفع مسيرة التعاون بين دولنا لتحقيق أماني شعوبنا لدفع منجزات مجلس التعاون"
بقلم الكاتب/محمد اليافعي
alkanackanac@gmail.com