من أجمل القرارات التي ألهمني الله إياها هو أن أعيش كل يوم بيومه وكل لحظة بلحظتها فأعيش اللحظة على أمل أن التي تليها أجمل.
من نعم الله على الإنسان أن رزقه الأمل والنسيان ليستطيع إكمال رحلته في هذه الحياة.
كل إنسان على وجه الأرض لديه جرعات من المنغصات والآلام سواء كان غنيًا أو فقيرًا ، متعلمًا أو جاهلًا ، معافى أو مريضًا. الفرق الوحيد بين الناس هو في مدى تقبلهم لهذه المنغصات وطريقة تعاملهم معها، باختصار الفرق هو طريقة التفكير.
عندما شرح لي الطبيب مدة علاجي بالكيماوي وطبيعته ، أخبرني بأنهم سيعطونني نوعين من الكيماوي، الأول هو الأقوى من ناحية الأعراض وسيكون على أربع جرعات لمدة شهرين. لم أتصور مدى قوة العلاج على جسدي و توقعت أني لن أخسر شعري قبل ثلاث جرعات على الأقل. وكانت المفاجأة أنني و بعد الجرعة الأولى أصبحت مثل القطة التي يتناثر شعرها في كل مكان تتواجد فيه ، حينها أدركت أنه عليّ أن أكون أقوى ، وأن أزرع الأمل في عقلي وقلبي لتمر الأيام وكأن شيئا لم يكن.
الجرعات التي تلتها كانت أقوى وأشرس وبدأت الأعراض تزيد وتتفاقم وفي كل مرة يظهر عرض جديد كنت أفكر في شيئين: كيف أتأقلم معه؟ وماهو الشيء الجميل الذي سأقوم به عندما ينتهي علاجي؟. أولا وأبدا كنت أحمد الله على نعمة الأمن والأمان وتوفر العلاج والدعم والأهل والأصدقاء، فما أصعب الرحلة وشقوتها إذا غاب شيء من هذه الأشياء.
الحمدلله انتهى العلاج بالنوع الأول من الكيماوي ولكن في مدة أطول بسبب هبوط حاد في المناعة أدى لتأجيل إحدى الجرعات وتنويم في المستشفى لعدة أيام. بدأت النوع الثاني من الكيماوي في اثني عشرة جرعة أسبوعية، فأصبح الخميس الذي ارتبط دوما بـ (الفلّة والوناسة) هو يوم جرعتي ولكن الأمل بغدٍ أجمل زرع في نفسي الطمأنينة ولله الحمد. قالوا لي أن النوع الثاني أخف ولكن مع تراكم الجرعات في جسدي اكتسحني الضعف وخارت قواي حتى أنه في كثير من الأحيان لا أقوى على الحركة من فراشي ولم أستطع حتى القراءة أو الكتابة لتسلية نفسي.
في بداية العلاج كنت أرفض أخذ الأدوية (التي وصفها الطبيب لتخفيف بعض الأعراض) وأجادل طبيبي كثيرا وهو يحاول إقناعي ولسان حاله يقول: هل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها!! ولكن بدأت أستسلم تدريجيا وأتناول نوع من الحبوب الكثيرة التي وصفها لي حتى أصبحت أتناولها كلها بلا تفكير ولا مراجعة. فالحمدلله الذي رزقنا ما يخفف عنا آلامنا وأوجاعنا.
كان من الصعب علي الشعور بأني عاجزة عن القيام بأبسط المهمات في الحياة ولكن الأمل بالشفاء التام خفف عني حدّة هذا الشعور وأصبحت أفكر بغدٍ أجمل بإذن الله لأنسى كل مرّ مر علي.
د.منال باكثير
Twitter @ManalBakathir