كان الحرص من أغلب الإعلاميين بمنطقة الباحة للمشاركة في الجولة التي نظّمها المركز الإعلامي وفق توجيه سمو أمير المنطقة يحفظه الله.
البوصلة أشارت إلى البوابة الشرقية للمنطقة “محافظة العقيق” العريقة حيث التاريخ والآثار والأصالة والكرم. انطلقت الحافلة التي ساهمت بتسييرها “شركة أم القرى” للنقل لصاحبها الشيخ أحمد العويفي. حيث انطلقت من وسط “مدينة الباحة” والجميع يدفعهم الشوق للتعرف على معالم هذه المحافظة الجميلة، وكانت أول محطة -على الطريق ببهر- “مزرعة الزيتونة” بروعتها وحسن تنظيمها وتنوّع تفاصيلها، والتي تعتبر أول مزرعة سياحية بمنطقة الباحة. وهناك كان الاستقبال الحافل من صاحب المزرعة د. صالح عباس الذي أخذ يعرّف بتلك المزرعة الجميلة التي تفترش مساحة 150 ألف متر مربع تحوي نحو 4000 شجرة زيتون لاثنين وعشرين صنفاً تنتج أكثر من عشرة آلاف طن من الزيت سنوياً إلى جانب عدد غير قليل من أشجار الفاكهة المختلفة والأشجار النادرة الأخرى.
والمزرعة بدأت تستقطب الكثير من الزائرين والمصطافين والسياح للاستمتاع بمناظرها البديعة وإطلالتها المدهشة تجوالاً على الأقدام أو ركوباً في مقطورات صغيرة مهيأة للاطلاع على محتوياتها المتعددة التي تضم معصرة للزيتون ومناحل للعسل وحدائق للطيور واسطبلا للخيول وأحواضا للأسماك إلى جانب مشاهدة أسلوب الزراعة المائية التي تغذّي ما يقارب 12 ألف نبتة للفراولة.
إضافة إلى تجربة الزراعة البعلية -المطرية- للشعير وزراعة نباتات الطاقة الخضراء وإنتاج الألبان بشكل محدود. وفي هذه المزرعة الحديثة تم توظيف تكوينات الطبيعة الجبلية بإقامة المصاطب الزراعية -المدرجات- حيث أقيم عدد كبير من المدرجات وبناء عدد من الخزانات الكبيرة لاصطياد مياه الأمطار الساقطة على تلك المدرجات والاستفادة منها للرّي طوال العام تقريباً وهناك جانب من المزرعة مخصّص لأبحاث كرسي الزيتون بجامعة الباحة إضافة إلى الملاعب والمسجد التراثي والبيوت المبنية بالطابع العمراني التقليدي بالمنطقة و ما يقدم لزوّار المزرعة من وجبة شهية من منتجاتها الطازجة مع خبز التنور وبها قاعة مجهزة للاجتماعات وفيها شاهد الإعلاميون عرضاً جيداً ورائعاً عن المزرعة والجهود المبذولة لتطويرها حتى أصبحت منتجاً سياحياً راقيا بالمنطقة.
وبعد هذه الجولة الممتعة تحرك الجميع نحو العقيق وصولاً إلى “مركز جرب” للوقوف على أجزاء من الطريق التاريخي المعروف ب “درب الفيل” نسبة إلى فيل “ابرهة الحبشي” الذي استطرقه وجيشه قبل بعثة الرسول عليه السلام في محاولة لهدم الكعبة المشرّفة والتي أشار الله عزّ وجلّ إليها في سورة تتلى من القرآن الكريم والطريق مرصوف بالأحجار الكبيرة المسطحة في مواقع الحرّات وهي المناطق البركانية التي تكثر فيها الصخور البازلتية الصلبة والنتوءات التي يصعب المرور منها وربما كانت مغطاة بطبقة من الطين والرمل وهو بعرض أقل من ثلاثة أمتار تقريبا بطريقة يظهر فيها الجهد الكبير لتسويته بما يسهّل مرور القوافل بشكل سلس سواء الفيل أو الجمال وما تجره من عربات تحمل المؤن والعتاد وغيرها.
وهناك من يذكر بأن هذا الطريق هو طريق التجارة القديم ما بين ميناء عدن وبلاد الشام وآخرون يرجّحون بأنه طريق الحج اليمني في أزمنة قديمة والطريق بشكله ومساراته جدير بالبحث من قبل المتخصصين، خاصة وأن على أطرافه بعض الكتابات والنقوش التي تحتاج إلى جهود الباحثين في علم الآثار، إذ يمتد بشكل متفرق لأجزاء متسعة تصل إلى ما بعد “كرا الحائط”. وقد شاهدنا علامات في الموقع ذُكِر بأنها وُضِعت من قبل هيئة السياحة قبل فترة، ورغم أهمية الطريق التاريخية والأثرية ورغم تردد وصول العديد من المهتمين سواء من العرب أو الغربيين إلّا أنه لم يجد العناية والاهتمام بل ظلّ في خانة النسيان!. وفي المقال القادم نحدّثكم بما حدث للمجموعة أثناء العودة.