المتفكر في حال الناس، وتنوع العرق والأجناس يعلم بأنّ كل فرد خلق وفق نمط معين ، وفقاً لطريقتهم وحاجاتهم ، ومسؤولياتهم . فليس من المنطق أن يكونوا جلّهم أغنياء ،ولا يكونوا عكس ذلك فيصبحوا فقراء ، فما هم إلاّ بين غنيًا وفقير ، ومأمورًا وأمير ، وبصيرًا وضرير،وصغيرًا وكبير ،وفرحٌ وكسير. ..
يقول الله تعالى (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا)
ومن تمام حكمة ربنا تعالى وتقدّس أن يجعل من يشاء رسولا ، أوملكا ، أو عدوّاً ، أو صديقاً . كما قسّم سبحانه بيننا معيشتنا في حياتنا الدنيا ، من الرزق والقوت ، فجعل بعضنا أرفع من بعض درجة ، بل جعل هذا غنيا ، وهذا فقيراً ، وهذا ملكًا ، وهذا مملوكًا ، والهدف من ذلك قوله تعالى: ( لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ).
وَهذا من التسخير وهو الخدمة، فيخدم كل إنسان الآخر ، حسب مكانته ، واستطاعته ، وموقعه. فقد يجعل الله قضاء الحاجة من شخص أقل أو أرفع منا ، وإن من النظرات المهلكة ، والمؤذية والمحرقة التي قد تهلك الشخص وهو لايشعر بها ، نظراته لمن فوقه، والزهد فيما لديه وفي بيته، وتمني ماعند غيره ، وهو ما قد يؤدي إلى احتقار حاله ، ونبذ نفسه التي قد كتب الله لها رزقها وقدرها.
وإنّ أكبر دليل في واقعنا الحالي هو ما يحصل من كثرة الديون بهدف الإغتناء ، ومواكبة الأثرياء ، والعيش بمنزلتهم ، وموازنة مكانتهم ، وهذا فيه ظلم للنفس ، ونسيان للأمس ، فينتهي به المآل ، لخسارة الحال والمال.
ننظر لمن هو أعلى منا : في العلم ، والخلق ، والدين ، لنتأسى بهم ،
وأما في أمور الدنيا ، من رزق الله ، وعطائه ، فننظر لمن تحتنا ( لكي لانزدري نعمة أنعمها بها علينا ربنا فنقنط ونسخط) .
ولهذا يقول ﷺ: انظروا إلى مَن هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمةَ الله عليكم.
فالنظرة المهلكة داء وعلاجها القناعة والرضا