يُعدُّ الإشراف التربوي عنصراً هاماً من عناصر العملية التعليمية ، حيث أن له الدور الأسمى في الارتقاء بها ، وتحسين وتطوير أداء المعلمين ورصد الواقع التربوي وتحليله ، وتنمية الانتماء لهذه المهنة العظيمة والاعتزاز بها ، وإبراز دورها في المدرسة والمجتمع .
وخلال مسيرتي التعليمية الممتدة لأربعةٍ من العقود ( طالباً ، معلماً ، مُشرفاً ) تغيّرت المسميات واختلفت الأدوار وتعدّدت المهام بين ( التفتيش والتوجيه والإشراف ) .
فقد بدأ الأمر بالتفتيش وهو مصطلحٌ فضٌّ في مسمّاه ومحتواه ، حيث يرتكز على البحث عن الأخطاء وتصيّد الزلّات ومن ثمّ المحاسبة والعقوبة ، وهذه ودون جدالٍ لا تُناسب عصرنا الحاضر ، ثم وبعد التنقيب بالمصطلحات تفتّق ذهن المسؤولين إلى إستبدال هذا المسمّى بمصطلحٍ آخر وهو الموجّه ، وهي عبارةٌ مهذّبة يُفهم من خلالها أنها تعني بالإرشاد إلى الطُرق التربوية المُثلى بعيداً عن تتبع الهفوات والبحث عن العثرات ، مع رفع الملامة عن المعلم أو عتابه ولومه ، ورغم أن هذا المصطلح مؤدباً ولطيفاً ولكن إستنكاف بعض المرؤوسين من توجيه زميله له بالمقترحات والرؤى و التعليمات جعل منه حاجزاً نفسياً غير مرحب به ، وحفاظاً على مشاعر هذا المعلم فقد إرتأت وزارة التعليم إلى إختيار كلمةٍ عصريّةٍ وأشدُّ لُطفاً وقبولاً وهي كلمة الإشراف ، فأصبح هذا المفتش موجهاً ثم مشرفاً تربوياً .
ولن اخفي واضحاً أن التدريس عملية مركبة تحتاج إلى تكامل الأدوار والتعاون والمساعدة في خلق موقفاً تعليمياً جاذباً ومثمراً ذا مخرجات عالية لذا يسعى المشرف التربوي عادةً إلى إيصال رسالةً واضحة إلى معلم المادة أنه اتى لنقل الخبرات ومعرفة مكامن التأثير في العملية التدريسية وقياس الأثر والناتج التعليمي ، وأن دور المشرف التربوي كمستشار تعليمي هو مساعدة المعلم ومكملاً لهذا المعلم ومتمماً لعمله .
ومن منطلق أهمية الإشراف التربوي فإنه وقبل أن يكون اداءً ومهارات فهو قيمٌ عظيمة ومباديء تعتمد على الإخلاص المهني ، وترتكز على الإنتماء الوظيفي ، وتستند على القبول النفسي من الميدان التربوي ليتمكن من التأثير الايجابي والتغيير المحمود ويجني من عمله نتاجاً تربوياً فاعلاً ، ومخرجاً تعليمياً مثمراً .