لا أعرف عند أية محطة من محطات إخفاقات الإعلام السعودي ممكن أن أقف ؛ لاسيما وأنني أسير على خط طويل من العتب على إعلامنا الذي أراه قد اختزل نفسه في : مذيع نشرة الأخبار الرسمية ورئيس تحرير ورقي (عتيق) ورئيس تحرير إلكتروني (متمعرف) وكاتب مقالات يدور بأفكاره في حلقة مفرغة ومحرر ينسخ ويلصق الأحداث كما هي وقليل من الشباب المتحمسين الذين يرصدون الخلل على خجل عبر هواتفهم وينشرونه عبر الأجواء ويحسبون أنه عظيم وهو عند الناس هيناً , وعلى وقع تلك التذبذبات يقتنص البعض الفرصة للظهور الإعلامي في ظل غياب توصيف واضح للإعلامي الحقيقي .
وسأبدأ الآن بسرد بعض البراهين على صحة ماسبق ذكره فمثلاً :
* المملكة العربية السعودية منذ عقود وهي تواجه هجمات إعلامية ممنهجة ومركزة ومحترفة ضد نسيجها الوطني ولحمتها لهدم كل لبنة بناء فيها ؛ ولا تزال الهجمات حتى اليوم تتوالى والسبب أن الآلة الإعلامية السعودية منعدمة ولذا فالساحة فارغة من المنازل .
* المملكة تتبنى مواقف سياسية واقتصادية وعسكرية مفصلية وتأريخية ولا يوجد ذراع إعلامي يسند ذلك ولا أدل على ذلك من تصدير الصحفي توماس فريدمان للمبادرة العربية للسلام التي حصل عليها من مكتب ولي العهد آنذاك الأمير عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – وقدمها للعالم قبل أن يعلنها ولي العهد في قمة بيروت .
* السعودية عانت كثيراً من تبعات هجمات سبتمبر 2001م ولم يكن الإعلام السعودي يوازي حجم التهجم والافتراء على الأقل من باب التطمين للداخل السعودي .
*في الأزمة الاقتصادية العالمية وقف الاقتصاد السعودي متيناً شامخاً ولم يحظى هذا الأمر باهتمام إعلامي بالغ في الداخل كذلك .
*على مشارف عهد الملك سلمان تم رسم رؤية مستقبلية شاملة ومتوازنة ومتوازية في وقت وجيز ولم تحظى كذلك بحظها من الإعلام والإعلان إلا بشكل خجول وغير مجدي , وهي بمثابة منهج بلد ومستقبل جيل ومع ذلك لم تتجاوز الحناجر ولأننا كذلك تسابقت وكالات ومحطات إخبارية عالمية كنيويورك تايمز والبي بي سي ووكالة بلومبيرغ لإجراء لقاءات مع عراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان فحضروا وتجولوا في مكتب سموه مثلما تجولوا في مفاصل الرؤية ومكامنها وللأمانة نجحوا في ذلك وصدروا رؤيتنا للعالم مثلما صدروا مبادرتنا من قبل وأصبح بعضنا يلتقط أخبار الرؤية من إعلامهم .
* على مستوى الكتاب وأرباب الفكر : لم أسمع بأن قراراً وزارياً أُصدِر بسبب مقال كاتب أو وزير أُعفي بسبب مقال آخر أو على الأقل مسؤولاً صحح مسار عمل استسلاماً أمام مهابة قلم كاتب
* رؤساء التحرير والمحررين والصحف الإلكترونية (كالماء والهواء) اقلب حجراُ تجد صحيفة إلكترونية أو إعلامياً مزعوماً فماذا أحدثوا من تغيير على المستوى التنموي ؟ لاشيء يذكر والسبب أن أغلبهم صورة إعلامي وليس إعلامي
ياسادة الكلم والقلم : ولأن لكل داء دواء فسأحقن جرعة في جسد الإعلام لعلها تشفي العليل وأقترح على وزارة الإعلام والهيئات المختصة ما يلي :
1- بناء منهج إعلامي واضح ومحدد يتسق مع متطلبات الرؤية مدافعاً عن الدولة ومحصنا لأبنائها .
2- تقوية الجبهة الإعلامية المحلية بتنقيتها من المتطفلين والمتنفعين وذلك بإصدار رخصة مزاولة مهنة تجدد كل سنتين .
3- تحويل أقسام الإعلام في الجامعات إلى أكاديميات مستقلة .
4- فتح الابتعاث الخارجي لتخصص الإعلام .
5- إبرام اتفاقيات تدريب وتأهيل مع كبريات الصحف والوكالات الإخبارية والقنوات العالمية الرائدة .
وقبل أن انتهي من الكتابة أود أن أسأل هل لدينا ديناصورات إعلامية حقاً ؟؟ أم أن حديث مشعل النامي عن ذلك محظ افتراء ونعتبره هجمة جديدة ضدنا ؟؟ تلمَسوا الجواب