حديث الذكريات ما قبل الإفطار.. العثيمين يتحدث عن العادات الاجتماعية الرمضانية قديمًا

ضيفنا اليوم عبدالله بن محمد العثيمين شخصية بارزة في العمل الإداري والقانوني، شغل مناصب قيادية مهمة في الدولة، من بينها منصب محافظ رنية سابقًا، ويواصل اليوم مسيرته المهنية في مجال المحاماة. رحلة طويلة من العطاء والخبرة، امتزجت بمواقف وذكريات لا تُنسى، خصوصًا في شهر رمضان المبارك. في هذا الحوار، نستعيد معه ذكريات الماضي الجميل، ونتعرف على أجواء رمضان في زمن البساطة والتكافل الاجتماعي.
نص الحوار الصحفي
س1: في البداية، نود أن نتعرف على نشأتكم وكيف أثرت على شخصيتكم؟
ج: نشأت في بيئة ثقافية محافظة، متنقلًا بين عدة مناطق في المملكة، نظرًا لتقلّد والدي – رحمه الله – وظائف متعددة بأمر من الملك عبد العزيز – رحمه الله – ثم عمله قاضيًا ومفتيًا. كان والدي من أهل العلم، محبًا للمعرفة، يجلس للطلبة بعد الفجر في المسجد وبعد العصر في منزله، يزوره العلماء وكبار المسؤولين، مما جعلني أعيش في بيئات مختلفة، ولكل منطقة عاداتها وتقاليدها الخاصة، لا سيما في رمضان، حيث كنت ألاحظ كيف يستعد الناس لهذا الشهر المبارك، وكيف يعكس صيامهم أخلاقهم وروابطهم الاجتماعية القوية.
س2: كيف كان استقبال شهر رمضان قديمًا؟
ج: لم يكن رمضان مجرد شهر للصيام، بل كان ضيفًا عزيزًا يُستقبل بفرح وابتهاج. كنا نستعد له طيلة شهر شعبان بالدعاء والتضرع، وعند رؤية الهلال كان الجميع يكبرون ويدعون الله أن يعينهم على صيامه وقيامه. كانت الأجواء مفعمة بالروحانية، حيث تُعمر المساجد بالمصلين، وتكثر صلة الأرحام، ويزداد التكافل الاجتماعي، وكان الناس يشعرون برمضان بكل جوارحهم، وليس مجرد طقوس شكلية.
س3: كيف كانت العادات الاجتماعية الرمضانية قديمًا؟
ج: كان الترابط الاجتماعي واضحًا، حيث تجتمع العائلات حول موائد الإفطار، ويتبادلون الأطباق بين الجيران. المساجد كانت تضج بالمصلين، والديوانيات تجمع الرجال والشباب لمناقشة أمور الحياة، وتبادل القصص والحكايات المفيدة. الأطفال كانوا يلعبون في ساحات الأحياء بعد الإفطار، تحت رقابة الجميع، فالكل كان مسؤولًا عن الكل. رمضان كان شهر المحبة والصفاء، حيث يسود الاحترام والتعاون بين الجميع.
س4: ما أبرز البرامج الرمضانية التي كنتم تتابعونها؟
ج: كنا ننتظر بعد الإفطار البرنامج التوعوي للشيخ الطنطاوي – رحمه الله – الذي كان بأسلوبه الممتع والمحبب يترك أثرًا في النفوس. أيضًا، كانت هناك فقرة فكاهية باسم “أم حديجان”، تعالج قضايا المجتمع بأسلوب خفيف وجميل، وكانت العائلات تترقبها يوميًا عبر المذياع.
س5: كيف كان الناس يتعاملون مع حرارة الصيف خلال رمضان؟
ج: في القرى، حيث لم تكن هناك أجهزة تكييف، كان الناس يتأقلمون بوسائل بسيطة، مثل تبليل اللحاف بالماء أثناء القيلولة لتخفيف الحر. أما الأطفال، فكانوا يقضون أوقاتهم في الهواء الطلق، على أسطح المنازل أو في الأزقة، مستمتعين بضوء القمر، مما أضفى على ليالي رمضان طابعًا مميزًا.
س6: ما أبرز الأطباق الرمضانية في الماضي؟
ج: كانت المائدة الرمضانية بسيطة لكنها غنية بالمذاق، ومن أشهر الأطباق: الشوربة، السمبوسة، الكاسترد (المهلبية)، المريسة، القهوة والتمر، والتوت. كان لكل منطقة نكهتها الخاصة، لكن القاسم المشترك هو البساطة والمشاركة بين الجيران.
س7: كيف كان يظهر التكافل الاجتماعي في رمضان؟
ج: كان التكافل الاجتماعي ملموسًا، حيث كانت النساء يعددن وجبة الإفطار الجماعي ليلة العيد، وتُقدَّم عند مسجد الحي بعد الصلاة، فيجتمع الجميع حول الموائد، ويتشارك الفقراء والأغنياء الطعام في أجواء مليئة بالمحبة والتآخي. كما كانت العرضة تُقام بعد ذلك، وتحضرها النساء للفرجة والاستمتاع، مما يعزز الألفة بين أبناء المجتمع.
س8: كيف كانت العشر الأواخر تُقضى قديمًا؟
ج: كانت العشر الأواخر تحمل خصوصية كبيرة، حيث يحرص الجميع على التهجد وقيام الليل، وتلاوة القرآن، تحسبًا لليلة القدر. كان البعض يعتكف في المساجد حتى وقت السحر، في أجواء إيمانية عظيمة.
س9: كيف كان الشعور عند الإعلان عن العيد؟
ج: كان الشعور مزيجًا من الفرح والحزن، حيث يفرح الناس بإتمام الصيام، لكنهم يحزنون لانقضاء أيام الرحمة والمغفرة. العيد كان فرصة لتجديد الزيارات، وتعزيز الروابط الأسرية، حيث يحرص الجميع على تبادل التهاني، وزيارة الأقارب والجيران في أجواء مليئة بالمحبة.
س10: كيف ترى الفرق بين رمضان في الماضي والحاضر؟
ج: مع تطور الحياة، تغيّرت بعض العادات، وأصبح التواصل يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما قلل من اللقاءات الفعلية، لكنه سهّل صلة الأرحام عن بُعد. كما أن توفر وسائل الراحة، مثل التكييف والمواصلات، جعل الحياة أكثر يسرًا، ولكننا نفتقد بعض القيم التي كانت موجودة في الماضي، مثل بساطة العيش، وروح الجماعة، والمشاركة العفوية في العبادات والأنشطة الرمضانية.
س11: بماذا تختم حديثك عن رمضان؟
ج: رمضان مدرسة إيمانية عظيمة، تعلّمنا فيها الصبر، والتكافل، والتقرب إلى الله. مهما تغير الزمن، ستبقى ذكريات رمضان الماضي محفورة في القلب، تلهمنا للحفاظ على جوهر هذا الشهر الكريم. أسأل الله أن يبلّغنا وإياكم رمضان أعوامًا مديدة، وأن يتقبّل منا ومنكم الصيام والقيام.
الخاتمة:
في ختام هذا اللقاء الثري، لا يسعنا إلا أن نشكر سعادتكم، الأستاذ عبد الله محمد مسلم العثيمين، على هذا الحوار الممتع، الذي أبحر بنا في ذكريات رمضان الماضي، وأعاد لنا أجواءً جميلة مليئة بالروحانية والتراحم. نسأل الله أن يعيد علينا وعليكم هذا الشهر الفضيل بالخير والبركة، وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار.
كل عام وأنتم بخير.
كل شي ذكرته الا اسم الضيف اللي عملت معه اللقاء كان مفترض بعد المقدمة تذكر اسمه ؟؟؟
لازال مجهول مالم يذكر اسمه