على مدار الأربعين عامًا الماضية أو نحو ذلك، قفز عدد الأشخاص المصابين بداء السكري من نحو 100 مليون إلى أكثر من 500 مليون، مع ارتفاع مماثل في المشكلات الصحية المرتبطة به، وهذه مشكلة صحية كبيرة تزداد سوءًا، ولهذا يبحث الباحثون في القضايا الأساسية وراء هذا الاتجاه.
ومن المحتمل أن تكون إحدى هذه المشكلات هي النظام الغذائي، وفقًا لدراسة جديدة أجريت على مرض السكري من النوع 2، والذي يمثل 95% من إجمالي الحالات.
وقام الباحثون بتحليل البيانات من 184 دولة التي تم جمعها بين عامي 1990 و2018، وسحبوا الإحصاءات من قواعد بيانات الصحة العامة، والدراسات السابقة، والسجلات الديموغرافية للسكان، ووجد الفريق أن النظام الغذائي السيئ يمكن أن يمثل ما يصل إلى 14.1 مليون حالة مرض السكري من النوع 2 التي تم تحديدها في عام 2018، وهو ما يمثل نحو 70% من التشخيصات الجديدة على مستوى العالم.
ومن بين 11 عاملًا من العوامل الغذائية المختلفة التي تم أخذها في الاعتبار، تبيّن أن ثلاثة منها هي الأكثر أهمية: الحبوب الكاملة غير الكافية، والكثير من الأرز والقمح المكرر، والكثير من اللحوم المصنعة، ويبدو أن العوامل الأخرى، مثل عدم تناول ما يكفي من المكسرات أو الخضار غير النشوية، لها تأثير أقل.
ويقول داريوش مظفريان، أخصائي أمراض القلب وأستاذ التغذية في جامعة Tufts في ماساتشوستس: “تشير دراستنا إلى أن نوعية الكربوهيدرات السيئة هي المحرك الرئيسي لمرض السكري من النوع 2 الذي يُعزى إلى النظام الغذائي على مستوى العالم، مع وجود تباين مهم حسب الدولة وبمرور الوقت”.
ووجد الباحثون أن النظام الغذائي السيئ مرتبط بشكل أكثر وضوحًا بحالات السكري لدى الرجال مقارنة بالنساء، ويبدو أنه كان له تأثير أكبر على الشباب مقارنة بكبار السن، والمناطق الحضرية بدلًا من المناطق الريفية.
وكانت أوروبا الوسطى والشرقية وآسيا الوسطى هي المناطق التي تم ربط معظم حالات مرض السكري من النوع 2 بالنظام الغذائي، ربما بسبب انتشار اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة في النظام الغذائي المتوسط، وكانت الأرقام مرتفعة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي أيضًا.
ويقول “مظفريان”: “تكشف هذه النتائج الجديدة عن مجالات مهمة للتركيز الوطني والعالمي على تحسين التغذية وتقليل الأعباء المدمرة لمرض السكري”، بحسب “روسيا اليوم”.
وشهدت جميع الدول الـ 184 المشمولة في البحث ارتفاعًا في حالات الإصابة بمرض السكري خلال فترة الدراسة، ما يشير إلى أن هذه مشكلة عالمية؛ حيث نجحت قلة من الدول، إن وُجِدت، في الحد من ارتفاع معدل الإصابة بمرض السكري بين سكانها.
ويقترح الباحثون أن الأساليب المختلفة -من التركيز بشكل أكبر على اتباع نظام غذائي صحي من المعلمين إلى تحسين الملصقات الغذائية على الطعام- ستكون مطلوبة في بلدان مختلفة لبدء إحداث فرق هنا.
وفي حين ربطت الدراسات السابقة أيضًا النظم الغذائية الأقل صحةً بمزيد من حالات مرض السكري، فإن هذا هو أقوى ارتباط حتى الآن، ولأعلى نسبة من الحالات، وبدون تدخل جاد، إنها مشكلة ستزداد سوءًا.
وتقول ميغان أوهيرن، عالمة الأوبئة التغذوية، من منظمة Food Systems في معهد المستقبل في إلينوي: “إذا تُرك مرض السكري من النوع 2 دون رادع، ومع توقع ارتفاع معدل الإصابة به، فسيستمر في التأثير على صحة السكان، والإنتاجية الاقتصادية، وقدرة نظام الرعاية الصحية، وسيؤدي إلى عدم المساواة الصحية في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تساعد هذه النتائج في تحديد الأولويات التغذوية للأطباء وواضعي السياسات والجهات الفاعلة في القطاع الخاص؛ لأنهم يشجعون الخيارات الغذائية الصحية التي تتصدى لهذا الوباء العالمي”.