يبدو أن تنظيم الإخوان قد فشل في التوصل لأي حل لأزمته الخانقة، التي تعقدت خلال الأيام القليلة الماضية إلى حدِ غير مسبوق، بعد التضييق الركي على التنظيم، مما اضطره لوقف نشاطه السياسي والإعلامي وحل مكتبه في إسطنبول.
ووفق مراقبون يسعى القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم، إبراهيم منير، إلى القيام بخطوات متسارعة لإيجاد حل عاجل للأزمة العاصفة، التي كادت تنهي التنظيم تماماً، خاصة بعد تصاعد وتيرة الخلافات الداخلية والاتهامات المتبادلة “العلنية”، بين قيادات التنظيم بالفشل والتورط بالقضاء على مستقبل التنظيم.
إعادة تشكيل الإخوان
ويصف الباحث المصري المختص، بالإسلام السياسي عمرو فاروق ما يحدث في التنظيم بأنه “إعادة تشكيل جماعة إخوان جديدة”، هذه الجماعة لديها توجهات دولية وليس محلية في مصر، موضحاً أن المحاولات تتم داخل التنظيم بشكل مكثف في الوقت الحالي لصياغة خطاب إعلامي على المستوى الدولي لمخاطبة جهات ودول بعينها ولا يركز على الشأن الداخلي المصري كما كان الحال خلال السنوات الثماني الماضية.
ويقول فاروق في تصريح لـموقع “سكاي نيوز عربية” إننا أمام نسخة جديدة يمكن أن نسميها “جماعة الإخوان الليبرالية”، يتم هيكلتها وصياغتها برعاية أميركية وبريطانية.
ويرى فاروق أن الجماعة سوف تتخلى عن أدواتها التقليدية في اختراق المجتمعات العربية ممثلة في الاعتماد على الانتشار والتجنيد من خلال المساجد والمدارس والأنشطة الاجتماعية، لأنها لم تعد قادة على فعل ذلك، مما اضطرها لتغير استراتيجاتها في التأثير واختراق المجتمعات باستغلال وسائل “التواصل الاجتماعي”. والاكتفاء بذلك والتوقف عن أي نشاطات تتم على الأرض.
ويلقي فاروق الضوء على نقطة غاية في الأهمية فيما يتعلق باستراتيجية التنظيم للتعاطي مع الضغوط الراهنة وحالة التضييق الخانق عليه في معظم البلدان التي مثلت ملاذا آمناً له بعد عام 2013 وأبرزها تركيا، تليها بعض العواصم الأوروبية التي كانت حاضنة للإخوان ثم غير سياستها في التعاطي مع التنظيم ضمن استراتيجة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب والتطرف.
أسلوب الأكاديميات
ويقول الباحث المصري إن الجماعة سوف تعتمد على الأكاديميات التعليمية والتدريبية خلال الفترة المقبلة كوسيلة بديلة للانتشار وتجنيد الأعضاء الجدد، كذلك بعض المؤسسات الأخرى التي تسعى لصناعة خطاب إعلامي يخدم مصالح الإخوان دون أن يعلن عن تبعيته بشكل مباشر مثل “رابطة محرري الشرق الأوسط”، التي تحاول اختراق المجتمعات العربية باستغلال بعض الكتاب والمفكرين لخدمة أهداف التنظيم.
وحول القرارات الأخيرة للمرشد العام إبراهيم منير، والتي أشعلت فتيل الأزمة الداخلية بين عناصر التنظيم، يقول فاروق إن القرارات قديمة وكانت مؤجلة للإعلان في الوقت المناسب، وما يحدث في الوقت الحالي هو إحكام السيطرة من جانب منير لتصفية جميع خصومة وحسم الخلافات الداخلية لصالح جبهته، مشيراً إلى أنه رجل بريطانيا، ويحظى بدعم كبير من المسؤولين البريطانيين.
ويتوقع فاروق أن ينجح المرشد الحالي في حسم الخلاف لصالحه خاصة في ظل ترهل الأوضاع داخل الجماعة وغياب القيادة التاريخية عن دورها التنظيمي، وكذلك الأحكام القضائية الباتة بشأن إعدام عدد من قيادات مصر، وهو ما يؤكد أن هناك تغييرات داخلية كبيرة ستحدث داخل الجماعة على مستوى القيادات.
ووسط حالة من الارتباك والتخبط، أعلن القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان إبراهيم منير، السبت، رسميا قرار حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا وكذلك مجلس شورى القطر، كما قرر تأجيل الانتخابات الداخلية التي كان من المزمع إجراؤها خلال أسابيع لاختيار أعضاء مجلس الشوري العام، لمدة 6 أشهر.
غضب في التنظيم
ووفق مصادر مطلعة، أثار قرار منير غضب قطاع كبير من قيادات الجماعة التاريخية، مؤكدًا أنهم أجروا عدة اتصالات خلال الساعات الماضية مع قيادات داخل مصر وخارجها لإقناعهم بإصدار بيان موحد بعزل منير، كخطوة استباقية قبيل إعلان قرار حل اللجنة بشكل رسمي.
وتشير المصادر إلى الخلاف القديم بين اللجنة التي تضم في عضويتها محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم، الذي ألغى منير منصبه في سبتمبر الماضي بعد أن أعلن نفسه مرشداً للجماعة عقب القبض على محمود عزت من جانب السلطات المصرية.
وترجح المصادر أن تعلن اللجنة من خلال بيان إعلامي موقفها الرافض لقرارات منير، فيما تتخذ إجراءات لترتيب قرار عزله والإعلان عنه.
ووفق المصادر ستشهد الفترة المقبلة خلافات حادة بين المرشد وقيادات التنظيم في تركيا حول إجراءات تعيين مكتب جديد وكذلك اختيار مجلس شورى عام للتنظيم وفق الآليات التي وضعها منير مسبقاً والتي تقضي بعدم ترشح أي قيادة حالية للمجلس المقبل، وهو ما يثير حالة من الغضب.