تعد الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع ، ومن خلالها تتشكل شخصية الأفراد ، وبجانب ما يأخذه الفرد من رعاية واهتمام داخل الأسرة ، إلا أنه بحاجة أيضاً إلى سلطة ضابطة توجه سلوكه وتضبط تصرفاته تتمثل في الأبوين أو من يقوم على رعايتهم .
ولمعرفة المزيد حول دور الأسرة تجاه الأبناء ، والمخاطر التي تحيط بأبناءنا وكيفية التعامل معها ، وأثر التفكك الأسري عليهم ، يسرنا أن نلتقي وإياكم مع الأخصائية الاجتماعية والمستشارة الأسرية “عالية الشمراني”
فأهلاً وسهلاً بك
بدايةً حدثيناً عن أهمية دور الأخصائي الاجتماعي في الأسرة ؟
بلا شك دور الأخصائي الاجتماعي في الأسرة أصبح ضرورة مُلحة وخصوصاً مع كثرة القضايا الأسرية والمشاكل الاجتماعية وضغوطات الحياة التي قد تنتج عنها مشاكل نفسية يصعب حلها مالم يتم تناولها منذ بداية نشأتها ، لذلك أصبح وجود الأخصائي الاجتماعي ضرورة لما يقدمه للأسرة من حلول للمشكلات .
برأيك هل لمشاهير السوشيال ميديا تأثير على الأبناء وخصوصاً في سن المراهقة ؟
بكل تأكيد هناك تأثير كبير على الأبناء ويظهر ذلك بوضوح عند غياب دور الأسرة تجاه الأبناء في سن المراهقة ، حيث نجد المراهق لديه شغف كبير في تقليد كل ما يشاهده من مشاهير السوشيال ميديا ، وفي الغالب يكون هذا التقليد مجرد من التفكير ، ويركز على طريقة اللبس والموضة التي يتبعها المشاهير ، وطريقة حوارهم ومعرفة كيفية تناولهم الطعام وغير ذلك ، وكل هذا بسبب غياب الوعي لدى المراهق في هذا السن وكل ما يشغل تفكيره واهتمامه هو أن يصبح مشهوراً .
ما الحلول الممكنة للحد من انتشار ظاهرة التقليد ؟
هناك عدة طرق يمكن من خلالها الحد من انتشار ظاهرة التقليد ، ومنها الحوار الهادف ، وما يتخلله من نقاشات تتناسب مع أفكارهم واحتاجاتهم ، ولتحقيق ذلك يتطلب من الأبوين الإنصات والاستماع الجيد مما ينتج عنه غرس الثقة في أنفسهم ، وتنشأ لدينا جسور المحبة والثقة ، وهنا تظهر أهمية توعية الأباء لأبنائهم من خلال الحوار والنقاش الهادف ، وهناك طرق أخرى مثل التعليم بالترفيه وما يدور خلالها من نقاشات وحوارات تساهم في معرفة ميول ورغبات الأبناء وطريقة تفكيرهم ، وكذلك تنمية مداركهم وتطوير مهاراتهم الذاتية .
هل ينعكس تقدير الإنسان لذاته على سلوكه وتفاعله مع المجتمع ؟
سؤال في غاية الأهمية ، نعم ينعكس ذلك وبوضوح ، وهناك لغط كبير لدى البعض في فهم “تقدير الذات” حيث أن البعض يرى أن قيمة ذاته تكون في المظهر الخارجي فقط ، وهذا من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها الإنسان ، لأنه يجب أن تكون قيمة الإنسان لذاته نابعة من الداخل ، وهنا سيظهر الفرق من خلال سلوك الفرد داخل المجتمع ، ونحن بحاجة إلى أن نمنح أنفسنا الفرصة لتحقيق ذاتنا ونثق بقدراتنا الداخلية ونجتهد في اكتشافها .
ما مدى تأثير الألعاب الإكترونية على الأبناء ؟
هناك أنواع عديدة من الألعاب التي تؤثر سلبًا على الأبناء ومنها لعبة “الببجي” الشهيرة التي تعتمد فكرتها على البقاء ، وتعتمد على القتل المباشر والرابح فيها هو من يصمد للنهاية ، ولهذه اللعبة خطورة كبيرة لأنها تجعل الطفل يهرب من واقعه ليعيش في عالم آخر بعيداً عن الحقيقة ، وتنمي لديه العنف في العقل اللاوعي ويصبح مهيأ لارتكاب جريمة ، وهنا تظهر خطورة هذه الألعاب على الطفل من خلال سلوكهم العدائي المستمر فيما بينهم .
برأيك كيف يمكن حماية الأبناء من خطر هذه الألعاب التي تحاصرهم في كل مكان ؟
العلاج يكون في استبدال هذه الألعاب الإلكترونية بألعاب حركية تناسب قدرات وميول الأطفال ، ولابد يكون لدينا البديل فالطفل بحاجة إلى احتواء ونقاش وأيضاً مشاركة في اللعب ، بحيث نؤسس بيننا وبينهم صداقة مع متابعة طريقة تفكيرهم ونقترب منهم أكثر حتى نتمكن من حمايتهم .
كيف تجدين تقبل الأسر والأفراد لإرشادات ونصائح الأخصائي الاجتماعي ؟
يوجد تباين البعض يؤمن بأهمية المستشار الأسري والبعض الآخر يرفض الذهاب إلى مكاتب الإستشارات الأسرية ، وذلك خوفاً من نظرة المجتمع السلبية وهذا بسبب عدم وجود وعي كافي بأهمية دور الأخصائي النفسي والاجتماعي والمستشار الأسري ، الذي يساهم بشكل كبير في السير بنا نحو الطريق الصحيح ويساعدنا على أن نكون متوافقين مع أنفسنا والمجتمع .
كيف يمكننا تكوين أسرة سعيدة خالية من التفكك ؟
هناك عدة خطوات وهي في غاية السهولة ويمكن لكل إنسان القيام بها منها تقدير كل طرف للآخر ، وتجاوز الأخطاء بقدر الإمكان وعدم الوقوف أمامها لفترات طويلة ، أيضاً عنصر المفاجئة مهم جدًا في تعزيز العلاقات الأسرية بحيث يبادر كل طرف بتقديم هدية مفاجئة للآخر وبكل تأكيد ستترك أثر إيجابي وقوي جدًا ، وأن يبوح كل طرف بمشاعره للآخر واستخدام عبارات المديح والثناء ، والجلوس مع جميع أفراد الأسرة أثناء تناول وجبات الطعام ، وهناك جانب لا يقل أهمية عما ذكرت وهو الوفاء بالوعود وهذا يساهم بشكل كبير في الاستقرار النفسي لدى جميع أفراد الأسرة ، كما أنصح بالابتعاد عن المتشائمين ومخالطة الناجحين في حياتهم الأسرية والمتفائلين أيضاً قراءة بعض الكتب التي تنمي مداركنا وتوسع ثقافتنا الأسرية ، وهناك طرق محببة وجميلة أنصح أن يتبعها الأزواج وهي أن يدون كل طرف ملاحظاته وأفكاره ومفهومه عن الحياة الأسرية على ورقة خارجية ويتم عند الإنتهاء من التدوين تبادل ماتم تدوينه وهنا ستظهر المفاجئة وعنصر التشويق بمعرفة جوانب كل طرف عن الآخر ، أيضاً الاستفادة من البرامج المرئية والسمعية .
حدثينا عن أهم الصفات التي يجب توافرها في الأخصائي الاجتماعي ؟
كما نعلم أن الأخصائي الاجتماعي يسعى إلى الحد من الخلافات والمشاكل الأسرية في المجتمع لذلك لابد أن يتسلح لهذا العمل بمؤهلات علمية تساعده على هذا العمل ، ولابد أن يتحلى بضبط النفس لأقصى درجة ، وأيضاً اللباقة مهمة جداً في هذا المجال بحيث أن يكون قادر على إيصال المعلومات للآخرين ، ولابد أن يكون بصحة جيدة ، والمحافظة على أسرار الآخرين إلى جانب الحيادية التامة .
ماهي رسالتك إلى وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء تجاه توعية الأفراد اجتماعياً وأسرياً ؟
رسالتي هي أن يكون بجانب ما تم طرحه من برامج ولقاءات عبر القنوات المتنوعة ، إلا أنه لابد من تكثيف الجهود عن طريق تقديم بعض البرامج التي تهتم بالقضايا الاجتماعية والتثقيفية ، واستضافة العديد من الأخصائيين الاجتماعيين لينثروا رسائلهم الإيجابية لكل أفراد المجتمع .
رسالة إلى من توجهها الأخصائية الاجتماعية عالية الشمراني ؟
رسالتي هي رسالة شكر وامتنان إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ، لجهوده تجاه تمكين المرأة السعودية في جميع المجالات ، كما أدعو الله أن يتحقق حلمي بمقابلة ولي العهد في المناسبات القادمة .
كلمة أخيرة نختم بها الحوار ؟
أود أن أتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ “حسن علوي” على الحوار الجميل والرائع ، كما أشكر صحيفة #أضواء_الوطن التي أتاحت لي فرصة الظهور أمام قراءها الكرام .