حرِص الفراعنة (قبل 3500 سنة قبل الميلاد) على تعويد أطفالهم أن يصنعوا بأيديهم الدمى والعرائس على هيئة بشر أو حيوان من مواد أولية بسيطة كالورق والخشب والخيوط, لكي يتسلوا بها مما ساعد ذلك على تنمية مهاراتهم وميولهم الفنية.
الجميل في ذلك الأمر أننا الآن في عام (2014م) ونجد بأن متحف اللوفر في باريس يحتفظ بدمية على هيئة ذئب مصنوعة من الخشب وتعود للعصر الفرعوني, ولكي أكون أكثر دقة فهي من عمل يد الأطفال الفراعنة!!
وفي الجانب المقابل (السعوديين) نجد بأن بعض الآباء والأمهات يمنحون أطفالهم الأجهزة الإلكترونية سواءً (جوال, آي باد .. ونحوها) من باب التسلية.
ومن المؤسف بأنه في وقتنا الحالي أصبحت أفضل وسيلة عند البعض لإسكات الطفل عند بكائه أو إزعاجه لأهل البيت بأن يعطيه الأب أو الأم الجهاز النقال (الجوال) فيأخذ الطفل الجهاز ويبدأ في البحث والتصفح واللعب والتصوير ..الخ.
والسؤال المطروح لأولئك الآباء والأمهات .. هل ترون بأن الفئة العمرية للطفل مناسبة لكي يقتني بين يديه جهاز إلكتروني ليجد ضالته بها؟ وهل تلاشت جميع الألعاب المادية (الممتعة والمفيدة في الوقت نفسه) من محلاتنا التجارية؟ أم أنها أصبحت عديمة الجدوى في عصرنا هذا؟ أم أنكم للأسف لا تعون مدى أهمية أن يستمتع الطفل عند اللعب بتحريك يديه ورجليه, وأن يستخدم ذكائه في تركيب القطع الصغيرة لتكوين مجسمٍ كبير, وأن تُكتشف مواهبه وقدراته في ذلك وتُفعل بشكلٍ إيجابي مستقبلاً؟
فأنا لست ضد تسلية الأطفال, ولكنني ضد هذه الطريقة العقيمة التي تجعل من الطفل ذو الطاقة الحركية الإيجابية طفلاً آخر يتصف بالسكون والانعزال.
لذا نتفاجأ بوجود أطفال يعانون من السمنة وهذا أمر طبيعي في ظل قلة حركتهم, ونشاهد أطفالاً يصابون بضعف النظر نتيجة مكوثهم على أجهزة التقنية لفترة من الزمن, ونسمع بأن هناك أطفالاً أصبحوا معزولين عن مخالطة أقرانهم بسبب استحواذ الأجهزة عليهم.
أُضيف لذلك بأن الطفل قد يتصل بشخصٍ ما وهو لا يدرك ذلك, مما قد ينتج عنه استجابة الطرف الآخر للاتصال وسماع نقاش أهل المنزل وهم لا يعلمون, وقد يمسح الطفل صورة أو مقطع فيديو مهماً لأبيه أو أمه بدون وعي منه بذلك.
مما سبق يتضح بأن المحصلة النهائية من إعطاء الطفل للهاتف النقال (الجوال) أو الآي باد وغيرها من أجهزة التقنية الحديثة لكي يتسلى بها (ضررها أكبر من نفعها).
قد يتساءل البعض ما الحل إذاً؟ الحل موجود, وهو ليس بالجديد, وهو أن يُعطى الطفل احتياجاته من الألعاب المُسلية والمُفيدة كألعاب الذكاء, والدراجة الهوائية, وكرة القدم, وغيرها كثير.
وأخيراً .. يا تُرى ما هو النموذج الأمثل في نظرك؟ النموذج الفرعوني الذي جمع بين اكتشاف الموهبة واكتساب المهارة وزرع الثقة بالنفس مما جعل لهم ذلك تراثاً يُحفظ في المتاحف بعد مرور الآف السنين, أم أن النموذج السعودي هو الأمثل وسيحفظ بعد قرونٍ عدة!! .. أترك الخيار لك؟؟
حكمة .. يقول السباعي -رحمه الله-: رأيت كثيراً من الآباء أفرطوا في تدليل أبنائهم, ردة فعلٍ لقسوة أبائهم معهم, وهكذا يؤدي عدم الحكمة في التربية إلى متاعب جيلين فأكثر.
الكاتب/ مساعد بن سعيد آل بخات
Mosaedsaeed@hotmail.com
@Mosaedalbakhat