في البداية كان عنوان المقال مختلفاً ، لكن ما رأيته بأم عينيّ بعد دخولي السوق أثار حفيظتي وحرك قريحتي كأي مواطن سعودي ، فقد عنونته بــ " السعودة نامت والهندوة قامت " لكن الواقع فرض أسم المافيا على سوق السمك وعمالته ، لما يجري فيه من أحداث لا تخطر على بال !
في الأسبوع الماضي ، طلبت زوجتي سمكاً للغداء ، فاتجهت إلي سوق كيرلا للأسماك بمنطقة سوق الخضار بالدمام ، وما إن دخلت السوق حتى وجدت نفسي قد سافرت إلي مدينة كيرلا بالهند ، إذ شغل الهنود كل المحلات ، وأكتملت الهندوة بنسبة 99 بالمائة ، المهم أخذت جولة بدهاليزه وكلي شغف لمعرفة مايجري هنا ، إذ الأسعار موحدة بينهم كما يريدون ، وكأن عصابة تدير كل شئ بالسوق ، والزبون السعودي والمقيم تحت رحمتهم ، وما إن رفعت رسوم الإقامة عليهم ، حتى هبوا جميعاً بوضعها أتاوة على أسعار الأسماك كي يدفعها المشتري المسكين ، الذي لا حول له ولا قوة ، فزادت الطينة بله ، مع قل الغلة !
من محاسن الصدف أني شاهدت بائعاً مواطناً يدعى ( أبوعلي ) ضائعاً بين المحلات ، وكأن الماء البارد قد صب على رأسه ، فجلست معه ، وطلبت منه مساعدتي ببعض المعلومات ، ووضحت له أني أعلامي وكاتب ، فقال : متى جلستم من النوم ؟ ومنذ متى وأنتم تسألون عن السعودة ؟ فأخبرني إنه يعمل هنا منذ خمسة وعشرين سنة ، وأن الوضع مزري لأبعد الحدود .
أخذنا الحديث عما يجري هنا ، وقال أن معظم المحلات تشتري الأسماك الفاسدة المتبقية من سواق حراج السمك ، ومن أسواق السمك المجاورة ، كسوق السمك بالقطيف الكبير، وتباع هنا بشكل طبيعي منذ سنوات ، وتوزع تلك الأسماك على المطاعم ، وقال أيضاً : إن سوق اللحوم أيضاً يحمل تسلط العمالة وهيمنتها ، وكأنهم عصابة مافيا منظمة ، وكشف لي سراً يحدث بالمواسم ، وخاصة شهر رمضان ،وهي أن اللحوم المبردة تقطع بغرفة خاصة موجودة فوق السوق وتوزع على المحلات وتباع أنها طازجة .
الغريب بالأمر، أني رأيت فريق من صحة البلدية لأول مرة بسوق السمك ، طبيعي كونهم أقاموا إدارة جديدة للبلدية بالمنطقة ، وهذه خطوة جميلة تشكر عليها الأمانة ، ويرافقهم رئيس صحة البيئة وبعض المفتشين ، فرافقتهم بعد تعريفي بنفسي ، فقدموا تعاونهم ، فاكتشفوا باليوم نفسه عشرات المحلات التي تبيع الأسماك الفاسدة دون رقيب أو حسيب ، وقاموا بإغلاق عدة محلات .
رسالة أوجهها من سوق كيرلا للأسماك إلي وزير العمل الموقر : سيدي ، إن بالسوق أكثر من ثلاثمائة محل ، وكلها تحت رحمة الأجانب ، فيا حبذا تأخذك رحمة بالمواطن ، وتفرض بوجود مواطن بكل محل ، ولم لا ، فسوق السمك بورصة قوية ، ودخله بعشرات الملايين التي تدخل بجيوب العمالة التي تتحكم به ، وكأنهم ببلادهم ، وكذلك رسالة إلي رئيس الأمانة الموقر ، بأن توضع رقابة لأسعار الأسماك يومياً ، وبما يتناسب مع تسعيرة سوق الحراج ، كما يفعل إخوتنا بالكويت وقطر وعمان ، والأهم وضع مكتب للبلدية بسوق السمك ، وهذا سوف يضع العين على السوق ومايجري فيه ، فإن لم يجدي ندائي نفعاً ، فحياك أخي الوزير وكذلك رئيس الأمانة بزيارة إلي سوق كيرلا .
[COLOR=#F72205]فوزي صادق / كاتب وروائي[/COLOR]
: [url]www.holool.info[/url] @Fawzisadeq [email]alholool@msn.com[/email]