وانا صغيرة كان هناك سيدة تتردد على بيت جدي تسألهم الطعام والملبس
وكانت تشتكي فقرها وحاجتها وكنت اشفق بقوة عليها فقد كانت تقول ابناء
ابني لا قوت لهم ولا ملبس وابوهم مسكين لا يستطيع توفير لقمة العيش لهم
وكنت احاول ان اجد لهم ما يرتدونه من ملابس وملابس اخوتي ولكن لم تكن
امي وجدتي مرتاحين لها ويتأففون منها وكانت امي لا تحسن استقبالها
ولا تحرص على اعطاءها شيء وكنت استغرب تصرفها هذا الى ان سألتها
عن السبب فأخبرتني امرا اثار دهشتي واستغرابي حيث قالت انها ليست
محتاجة وليست فقيرة لكنها تدعي ذلك لأنها تعودت عليه وعند مناقشة امي
عن كونها هذا الامر اصبح لديها عادة روت لي قصة لسيدة كانت تسأل
الناس طعامها كل يوم الى ان جاء من تكفل بطعامها فأغناها عن سؤال
الناس وبعد مضي زمن اراد ان يطمئن عليها فاسترق النظر لها وتفاجأ
بأنها قد ثقبت عدد من الثقوب في جدار منزلها وكانت تضع في كل ثقب
جزء من طعامها وكانت تمشي بمحاذاة الثقوب وتردد قائلة ( لا غنى الله من
اغناني عن طوافة جيراني )فما كان منه الا ان توقف عن اطعامها وتركها
تعود لسؤال جيرانها لان الشحاذة عادة لها لا حاجة , اشغلت امي تفكيري
بتلك القصة وتلك السيدة التي ما ان علمت بإمرها حتى تغيرت نظرتي لها
من عطف وشفقة الى استغراب وتعجب واستحقار بكل اسف فكيف لشخص
يرضى على نفسة ان يستجري عطف الناس ورحمتهم ويسألهم وهو في غنى
عن السؤال ولدية رزقة وكبرت وكبر المفهوم العام للشحاذة عندي والتسول
بأنهما ليس لحاجة فقط بل هو امر اعتاد عليه بعض البشر لا ارى له تفسيرا
لغوي او منطقي يشفع لهم تصرفهم وما نراه منهم عندما يصطحبون اطفالهم
الصغار ويطوفون بهم الشوارع ويجلسونهم معهم تحت اشعة الشمس
اللاهبة يسألون الناس وهم غير محتاجين لذلك في حين ان هناك من
يسأل الناس وهو في اشد العوز والحاجة لكننا لا نستطيع التميز
بينهم فما نسمعه من قصص لشحاذين اصبحوا مليونيرين بعد وفاتهم
او القبض عليهم من نقود التسول التي حصدوها طوال سنوات عدة
وما يعترف به بعض المتسولين من انه يجني في اليوم ما لا يجنيه موظف
حكومي في شهر خصوصا في وقت الاعياد وشهر رمضان بالإضافة
الى المتسولين في اطهر بقاع الارض مكة المكرمة والمدينة المنورة,
فالباحث عن الخير يجد فيهم افضل وسيلة للصدقة وبذل ذات اليد ,
خلاصة القول ان التسول ظاهرة غير حضارية انتشرت ومازالت تنتشر
في بلدان العالم عامة والسعودية خاصة ومكافحة التسول لا تعير
اهمية للموضوع على الرغم من المطالبات الحثيثة من الجهات الرسمية
المعنية بالأمر بل امتد الى عمال النظافة اللذين باتوا يجعلون من
الشحاذة مصدر دخلهم الاخر فنجدهم يطوفون حول السيارات في
المواقف العامة وامام المدارس والجوامع والمحلات التجارية وبات
الشخص يشعر بضرورة ان يكون معه ( فكّات ) من فئة الخمسة
والعشرة ليعطيها لهم .
[COLOR=#FF00D0]بقلمي / نعيمه الحسيني [/COLOR]
اكاديمية / جامعة المجمعة