لازلت أتذكر ذلك الصباح عندما أتيت إلى المدرسة المتوسطة الثانية عشر بالدمام لكي أعرض فكرة مبادرتي لتقديم برنامج ثقافي في إطار الشراكة المجتمعية والذي يستهدف الطالبات الموهوبات في الكتابة الأدبية ، التقيت قائدة المدرسة السابقة الاستاذة الفاضلة آمنة زينل والتي شعرت بوعيها التربوي المتميز منذ اللحظة الأولى بالإضافة إلى إدراكها لحاجة الطالبات لمثل هذه البرامج لتنمية مواهبهن وفكرهن وأنا يهمني قائد المكان ، لم أكن أعلم أن هناك قائدة تنويرية تربوية أخرى في المدرسة ، رأيتها ، في عينيها نظرات ذكاء ، أظهر حوارها سعة إطلاعها واهتمامها بمواهب طالباتها ، كررت بنبرة صادقة "لدينا طالبات موهوبات " ، وسألت عن أسمها فاخبروني أنها خضراء الدوسري ، رائدة النشاط اللاصفي بالمدرسة ، وتوقفت عند اسمها الذي يعني أفنان مواسم الربيع .
وأتي يوم 14 فبراير اليوم العالمي للقصة القصيرة كنت أتواصل معها ، وشعرت بوجعها لرحيل مديرتها آمنة زينل والذي أوجعني أيضا ،سمعت صوت دموع خضراء أثناء مكالمتي لها ونحن ننسق للفعالية ، وأتي يوم 14 فبراير اليوم العالمي للقصة القصيرة ونفذنا معا برنامج اليوم العالمي للقصة القصيرة ونجحت الفعالية وكان أول نشاط قصصي عالمي ينفذ في المنطقة الشرقية بل في المملكة عن احتفالية ثقافية عالمية .
خضراء الدوسري معلمة ذات شخصية رائعة جادة ،ومنجزة وتحمل حس ثقافي ، تحدثت لي عن مواهب الطالبات وعن أمنياتها بتفعيل المسرح المدرسي ، وعن أحلام كثيرة ،تقاطعت مع أحلامي وتوحدت معها ، ومرت بي صباحات ثقافية فتحت لطالباتي فيها أبواباً نحو الآداب والفنون والمسرح والترجمة وبهاء اللغة العربية .
وأتت احتفالية اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف ، 23 ابريل 2014 م ( احتفالية الكلمة المكتوبة ) ، وحققت نجاحا متميزا ، كان يوما ثقافيا بامتياز .
وفي ورشة بطاقة كتاب التي قدمتها في الاحتفالية ، والتي كانت تتضمن فقرة تسويق كتاب ، كنت سعيدة وأنا اسمع تعليق خضراء الدوسري على كتب الطالبات التي يردن تأليفها بخيالهن الخصب ، كانت تشيد بالأفكار والعناوين المتميزة ، كما كانت تشجع الطالبات على ابتكار قصص متميزة مشوقة ، وعندما ألقت قصيدة د . غازي القصيبي كمشاركة في الورشة سمعت صوتا رخيماً يشعر بكل كلمة في القصيدة .
نجحت فعالية ( احتفالية الكلمة المكتوبة ) ليس بسببي أنا !، ولكن بسبب فكر خضراء الدوسري التربوي التنويري الذي شاركني فكري ورؤيتي ، نعم خضراء هي التي شاركتني في التخطيط للفعالية ، فشعرنا صباح يوم الأربعاء 23 ابريل كما لو كنا بالقرب من موقع هيئة اليونسكو ، وطالبات المدرسة شعرن بذلك ، وكل من في المدرسة امتد إليهن هذا الشعور المبهج . تمنيت تلك اللحظات لو التقيت مدير عام اليونسكو السيدة ايرينا بو كوفا لأقول لها "خضراء الدوسري فكر تربوي نير و(نادر ) في مدارسنا ، أنها تزرع الأزهار في دروب موهوباتنا الواعدات " .
خضراء الدوسري رائدة نشاط مبدعة ومتجددة ، إنها رائدة نشاط العصر الرقمي والتي تعرف احتياجات طالباتها في عالم الإعلام الرقمي الجديد ، رائدة النشاط التي تواجه التحديات بثقة وعلم ووعي وتجديد وأمنيات .
وأنا اختتم الجزء الأول من احتفالية اليوم العالمي للكتاب تمنيت لو كان في كل مدرسة حكومية من مدارسنا رائدة نشاط كخضراء الدوسري ، كانت ستنمو مواهب طالباتنا الفكرية والمعرفية والثقافية واللغوية ، كما ستورق مهارات تفكيرهن الإبداعي والناقد .
عندما كانت خضراء الدوسري تودعني بابتسامة وتشكرني كنت أردد :
خضراء فلتهنأ طالبات المتوسطة الثانية عشر لوجودك الوارف الذي يمنح المكان نهارات حياة وطموح وأمنيات تبقى في ذاكرتهن الوردية ولنهنأ جميعا بك .
خضراء
يحبونك
وأحبك
ويحبك الوطن .

[COLOR=#FF00A1]
* تركية العمري [/COLOR]
* كاتبة ومترجمة في مجال الآداب _ الدمام