نحن قوم نعيش في دوامة كبيرة من الحياة العشوائية، والمعيشة الفوضوية؛ إذ لا اهتمام عندنا بإدارة الوقت واستثمار الفراغ، ولا عناية عندنا بعمليات التخطيط الدقيق، والاستثمار الثمين ، مما نتج عن ذلك : ضعف في الأداء، وقلة في العطاء، واعتماد على الغير في كافة المتطلبات، وجميع الاحتياجات.
كم عز أقوام جنوا من وقتهم ... أغلى الثمار فهم به أحياء.
وهناك من ماتوا بقتل زمانهم ... ضلوا وللعمر الكريم أساؤوا.
ونأسف أن يكون الوقت ـ بوجه عام ـ ليس له في حياتنا قيمة مادية أو معنوية ، فكم هي الدقائق التي نهدرها، والساعات التي نتلفها ؛ في تسالي فارغة، وأفعال خاوية، كالتسكع والتجول، والإسراف في زمن الأكل، ومدة النوم، ووقت الكلام ، وما ذلك إلا نتيجة لجهلنا بالطريقة السليمة لإدارة الحياة، وبالكيفية الصحيحة لتوظيف الفراغ، واستغلال الزمان.
إن الحياة برمتها قصيرة، ومدتها قليلة، وللنفس مدة محدودة، وساعات معدودة، وما الوقت إلا رأس مالها، والطريق الممهد لحياتها الأبدية، وهو أنفس النفيس، والذي يجري جري الريح، ويمر مرّ السحاب، تراه يأتي بسرعة محددة وثابتة، ويسير إلى الأمام بشكل متتابع، لا يعود ولن يرجع، ولا يمكن تعويضه ، ولا توفيره.
دَقَّاتُ قَلْبِ المَرْءِ قَائِلَةٌ لَهُ
إِنَّ الحَيَاةَ دَقَائِقٌ وَثَوَانِ.
ويعدّ زمن الفراغ وراء كل معصية وبلية ، وقضية ومشكلة، فهو سبب من أسباب الجنوح والانحراف، ووسيلة من وسائل الشيطان؛ الذي يوسوس فيه للفرد بالأفكار المضرة، والأعمال المفسدة.
فمن أجل حياة أفضل، ومعيشة أحسن؛علينا تعديل الرؤية، وتغيير العادة، وتحسين الفعل، وتصحيح المسار؛ بحيث نستغل أيام العمر، وأجزاء الزمن؛ في أعمال روحية تسمو بأنفسنا، وترفع من مقامنا، فما من إنسان يموت إلاّ وسيندم؛ ففي الحديث الشريف: (إن كان محسناً ندم؛ أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً؛ ندم أن لا يكون نزع).
كما أن هناك برامج ذهنية ونفسية واجتماعية كثيرة، تنفع الشخصية ، وترفع من مستوى المعيشة ؛ كالقراءة المنوعة والجادة، والمشاهدة النافعة للبرامج النقية، ويلحق بذلك الكتابة، وتعلم صناعات حرفية، ومهارات حياتية، فضلاً عن المناشط الرياضية المباحة، والبرامج الترويحية المعتدلة، والأعمال التطوعية العديدة، وكل ما يجدد القوة والحيوية، وما يصلح الحياة النفسية، والهوية الذاتية.
[COLOR=#FF0064]د.عبدالله سافر الغامدي ـ جده.[/COLOR]