أجزم بأن عدد مطالعة هذا المقال أكثر من أي عدد مطالعات لمقالاتي السابقة، فالعنوان يمتلك الحروف الساحرة لجذب أي شخص من أي فئة كان، فالعالم مأخوذ بالفضائح -حد الهوس- وينجذب لكل ما فيه معلومة فضائحية، وهذا السبب هو ما جعل منظمة مثل ويكلكس تأخذ هذه الشهرة بغض النظر عن دقة أو صحة المعلومات التي تبثها، إنما تجد سوقًا رائجة في مجتمعات تعشق الفضيحة وتبحث عنها وتعمل على ترويجها.
تزيد الفضائح في الإعلام الغربي وهناك صحف وقنوات وبرامج مخصصة للفضائح، بل إن ولع الإعلام الغربي بالفضيحة هو ما أدى إلى جريمة مقتل الأميرة ديانا التي لاحقها الصحفيون والمصورون إلى أن أوقعوها في حادث أفقدنا إياها. وما زال مستمرًا في نشر صور أهل الفن والفكر والسياسة وفي مواضيع تعمد على نشر الفضيحة، لأن هذا النوع هو الذي يبيع في السوق ويكسب صاحبه من ورائه الذهب.
أتذكر عندما زارني قبل عدة سنوات، المؤرخ والكاتب البريطاني روبرت ليسي بمكتبي في جريدة الوطن، طلب مني أن أشرح له ماهية قسم المجتمع الذي كنت أرأسه -آنذاك- سألني ألا يوجد قسم مخصص لفضائح المشاهير، فأجبته بالنفي، أبلغني أن قسم المجتمع مفهومه لدى البريطانيين -غالبًا- يقوم على نشر هذه النوعية من المواضيع والصور والأخبار، أتى ردي عليه: ماذا يستفيد القارئ بهذه المواضيع؟ أنا أبحث في هذا القسم عما يفيد القارئ ويضيف إلى حصيلته ويعود بالفائدة على المجتمع، وتهمني الإثارة الصحافية، لكنني أهتم بأن لا تكون الإثارة من النوع الرخيص!
في الحقيقة، وإن كانت صحافتنا المحلية تتسم بالرزانة، إلا أن بعض الصحف الالكترونية أقرب ما يمكن وصفه بـ»المطفوقة» فلا هي استخدمت أسلوب الإثارة الراقي، وتعمل على نهج فضائحي إنما على خجل.. الإعلام الغربي وإن قام بنشر فضائح إلا أنه يستند على وثائق وصور تُثبت حقيقة ما تم نشره وتداوله، في حين إعلامنا الإلكتروني قائم على وكالة «يقولون» فينشر دون وثائق ودون ما يثبت صحة معلوماته، بل إنه من زيادة «الطفاقة» قد ينشر أقوالاً من حسابات تويترية أو فيسبوكية مخترقة، المهم أن ينشر!
هذا الشغف المهول بالفضائح يذكرني بمقولة نيتشة: (نحن مهووسون بالفضيحة حد الخلاعة) وإن كان هذا الفيلسوف الألماني قد غادرنا قبل أكثر من قرن، إلا أن مقولته هذه كأنه يصبها في هذا الزمان، فقد قالها وهو لم يرَ في زمانه لا صحافة إلكترونية ولا تويتر وفيسبوك، فيا ترى لو عاش في زماننا هذا فما الذي يُمكن أن يكتبه عن ولع الناس بالفضيحة؟
في تصوري، أن الشخص السوي لا يميل إلى الفضائح، بل إنه بطبيعته يعمد إلى الستر لأن أخلاقياته تفرض عليه أن تتوقف الفضيحة عنده إن هي وصلت إليه، فلا يساهم في نشرها ولفت النظر حولها حتى وإن كانت صحيحة، فما بالك بكونها كذبة وشائعة لا أخلاقية، أظن أننا مع الواتسأب والتواصل الاجتماعي لا يوجد فينا شخص لم يساهم بعمل كهذا إلا من رحم ربي!
[COLOR=#FF00DF]سمر المقرن [/COLOR]
الجزيرة
[url]www.salmogren.n[/url]