لا تخلو كتب الطرائف وتراث النوادر والملح من جوانب اقتصادية بديعة، وفيما يلي نعرض بعضاً من هذا التراث.
قسمة مواريث: سئل بهلول عن رجل مات وخلف ابناً وابنة وزوجة ولم يخلف من المال شيئاً كيف تكون القسمة؟ فقال: للابنة الثُّكل وللزوجة خراب البيت وما بقي من الهم فللعصبة!!.
ضيافة: قال أبو عبدالله بن الحجاج:
يا ذاهباً في داره جائياً بغير معنى وبلا فائدة
قد جن أضيافك من جوعهم فاقرأ عليهم سورة المائدة
وقال آخر:
ودعوتني فأكلت عندك لقمة وشربت شرب من استتم خروفاً
وسألتني في إثر ذلك حاجة ذهبت بمالي تالداً وطريفا
فجعلت أفكر فيك باقي ليلتي ما كنت تفعل لو أكلت خروفا
وقال ابن الحجاج:
يا صاحب البيت الذي ضيفانه ماتوا جميعا
أدعوتنا حتى نموت بدائنا عطشاً وجوعاً
مالي أرى فلك الرغيف لديك مشترفاً رفيعا
كالبدر لا ترجو وقت المساء له طلوعا
نوايا اقتصادية: كان أشعب كثير الإلمام بسالم بن عبدالله فأتاه يوماً وهو في حائط بستان مع أهله، فمنعه البواب من الدخول عليه من أجل عياله وقال: إنهم يأكلون، فمال عن الباب، وتسور عليهم الحائط، فلما رآه سالم قال: سبحان الله يا أشعب! على عيالي وبناتي تتسور. فقال له: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ﴾ [هود: 79].
فقال له: انزل يأتك من الطعام ما تريد.
رغيف: قال ابن طباطب:
يجوع ضيف أبي نوح بكرة وعيشة
أجاع بطني حتى وجدت طعم المنية
وجاءني برغيف قد أدرك الجاهلية
فقمت بالفأس كيماً أدق منه شظية
تثلم الفاس وانصاع مثل سهم الرمية
فشج رأسي ثلاثاً ودق مني الثنية
وقال عباس الخياط:
لأبي عيسى رغيفاً فيه خمسون علامة
فعلى جانبه الواحد لُقِّيت الكرامة
ثم لاذاقك لي ضيف إلى يوم القيامة
وعلى الآخر سطر نسأل الله السلامة
وقال أبو نواس في بخيل:
سيان كسر رغيفه أو كسر عظم من عظامه
فارفق بكسر رغيفه إن كنت ترغب في كلامه
وتراه من خوف النـزول به يروَّعُ في منامه
الجزاء من جنس العمل: قال الجاحظ: مررت بمعلم وقد كتب لغلام ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ﴾ [لقمان: 13]، ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً﴾ [يوسف: 5]، ﴿وَأَكِيدُ كَيْداً * َفمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً﴾ [الطارق: 16 ـ 17 ] فقلت له: ويحك! فقد أدخلت سورة في سورة! قال: نعم إذا كان أبوه يدخل شهراً في شهر، فأنا أيضاً أدخل سورة في سورة فلا آخذ شيئاً ولا ابنه يتعلم شيئاً!!
توقيعات اقتصادية: اشترى بعض البخلاء إبريقاً وصحناً من الفخار وقال للفخاري: اكتب عليها شيئاً فقال له: ماذا تريد أن أكتب؟ وكان بعض الظرفاء حاضراً. فقال اكتب له على الإبريق ﴿فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي﴾ [البقرة: 249]، وعلى الصحن ﴿وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [البقرة: 249]فضحك السامعون وأعجبوا بفطنته.
أكول وبخيل: قال رجل لبعض البخلاء: لم لا تدعوني إلى طعامك؟ قال: لأنك جيد المضغ سريع البلع، إذا أكلت لقمة هيأت أخرى فقال: يا أخي، أتريد إذا أكلت عندك أن أصلي ركعتين بين كل لقمتين.
شراء حمار: خرج أبو جوالق يوماً فلقيه بعض أصدقائه فقال: إلى أين يا أبا جوالق؟ فقال: اشتري حماراً، فقال صديقه: قل إن شاء الله.
فقال: ماهذا موضع إن شاء الله، الدراهم في كمي والحمار في السوق ومضى إلى السوق، فسرقت دراهمه، فعاد فرآه صديقه، فقال له:
اشتريت الحمار؟ فقال له: سرقت الدراهم إن شاء الله.
تقويم أعور: اشترى أبو الأسود الدؤلي حصاناً بتسعة دنانير، واجتاز به على رجل أعور، فقال: بكم اشتريته؟ فقال: قوّمه، فقال قيمته أربعة دنانير ونصف، فقال معذور أنت، لأنك نظرته بعين واحدة فقومته بنصف قيمته، ولو نظرته بالعين الأخرى لو كانت صحيحة، لقومته ببقية القيمة!!
خوف اقتصادي: قال أحدهم في بخيل:
رأى الصيف مكتوبا على باب داره فصحفه ضيفا فقام إلى السيف
وقلنا له خيراً فظن بأننا نقول له خبزا فمات من الخوف
[COLOR=#FF001F]
أ . د / زيد بن محمد الرماني [/COLOR]
ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : [email]zrommany3@gmail.com[/email]