لن أكون متشائما كثيرا حيال التعليم في بلادنا الغالية " المملكة العربية السعودية " ، وهذا يعني أنني لن أتهم كل ما فيه بالسلبية ، لأنني أعرف أن هناك تخطيط وبرامج وأعمال مخلصة جاء بها رجال مخلصون ، لا أ شك ولو للحظة في صدق توجههم وقوة فكرهم وممارستهم ، ولكن يبقى أن نذكر هؤلاء وغيرهم بذلك البيت من الشعر الذي يقول :
وقل لمن يدعي في العلم معرفة عرفت شيئا وغابت عنك أشياء
فماذا ينقص تعليمنا في المملكة العربية السعودية ليجعله الأميز على مستوى العالم العربي على الأقل ! ؟؟
إن المتبصر في حال التعليم في المملكة لا يخفاه مدى الفساد الذي بات يؤرق مدارسنا على مستويات متعددة ، ليس أولها حال بعض المعلمين وليس آخرها حال بعض الطلاب ، مرورا بالمقررات وطريقة التقويم سواء للمعلم أو المنهج .
وبحكم أنني عملت مديرا لبعض من المدارس الابتدائية والمتوسطة وما زلت ، وكنت قبل ذلك معلما ، فقد استخلصت دروسا كثيرة وخبرات متعددة ، ووقفت على بعض الأمور التي لو قدر للمسؤولين عن التعليم في بلادنا أن يعملوا بها لتغير الحال بنا إلى الأمام ، ولَكُنا اعتبرنا ذلك بمثابة نقلة نوعية في التعليم .
ومن أول تلك الأمور هو غربلة جميع المتقدمين لكليات التربية ليكونوا معلمين لأبنائنا ، ويكون ذلك في السنة الأولى ويعمل لهم اختبار ( عملي وصارم ) يقيس مدى ثقافتهم في شتى العلوم والمعارف ولا يقبل إلا من يتمكن وبحق من تجاوز تلك المعايير ، وتكون تلك السنة بمثابة سنة تحضيرية تقيس مدى قدرة كل أولئك المتقدمون على تجاوز كل المعوقات التي تجعل منهم معلمين مخلصين وراغبين في أداء رسالتهم على الوجه الأكمل . ومن ثم تؤخذ عليهم إقرارات وتعهدات بأن من لا يجتاز تلك المعايير وبجداره فلا يمكنه الاستمرار .
ولا يمنع أن ينظر في أمر إعادة بعض النخب من المعلمين من الأقطار العربية المختلفة وخاصة في العلوم الطبيعية لأن هؤلاء جربناهم وكانوا متمكنين من عملهم وحريصين عليه ومخلصين في أدائه على الوجه الأكمل ، وهم بلا شك سيثرون الميدان ويخلقون جوا من المنافسة والحراك والتجانس .
والأمر الأكثر إلحاحا هو معرفة أن مبدأ المحاسبة شيء هام وأساسي في أي عمل ، وبدونه لا يمكننا أن نتسابق للمعالي أو أن نخاف من السقوط ، فكل عمل مقترن بثوابه وعقابه ، ولذلك فالطامعون في الثواب يعملون بجد ويتنافسون ، واللامبالون بالثواب أو العقاب يعيشون حائرين ، ولربما سبقت عليهم رحمة فتابوا وآبوا أو غلب عليهم سوء فعلهم فوقعوا ، كما أن الثواب يجب أن يكون مجزيا حتى يكون مغريا في طلبنا له ، وكذلك العقاب يجب أن يكون قاسيا حتى يمكننا تجنبه ، أما اذا تساوت الأمور أو كانت متقاربة ، وديتها معروفة وسهلة فإن المعنيون لا يبالون بثواب أو عقاب لأن تلك الدية سهلة ويمكنهم تحملها . والثواب المطلوب ليس معناه الاكتفاء بشهادة شكر تكتب في ورقة ويستخف بها من أخذها ، بل يجب أن تكون ورقة شكر لها قيمتها في تجديد وضع متلقيها ، ورقة لها رصيد من القيمة التي يشعر بها من أخذها لأنها يمكن أن تضيف إليه في مستواه أو ترشحه أو تقاعده أو نقله أو تحديد مصيره ، ولا يجب أن تعطى شهادات شكر لكل من هب ودب بل يجب أن يكون إعطاؤها مقننا ومدروسا وله آلياته المحددة .، وبعد ذلك تأتي منح أخرى للثواب كأن يكون ذلك المعلم من المعلمين الأولى بالاهتمام لمدة سنة أو أقل أو أكثر وكل ذلك وفق آليات محددة ومعروفة سلفا ولا تخضع لأي اجتهادات أو تخمين من قبل أي كان . والعقاب كذلك يحتاج منا وقفة طويلة عنده ، ويجب أن نغير نظرتنا حياله ، فلا يجوز أن نتعامل مع المقصرين بمبدأ الاحتواء لأن ذلك دليل ضعف وهو بوابة كبيرة للفساد الذي ما يلبث أن يستشري ، لأن كل مقصر يعتمد على هذا المبدأ ويمني نفسه برحمة مسؤوليه وأن الأمور ستكون عاقبتها العافية من كل سوء وبالتالي يستمرئ المسلك المنحرف ويوعز إلى الآخرين بذلك عندما يستخف بهم وبإخلاصهم ويستنكره منهم ثم يغمز لهم ويلمز من قناة أن ........ ( ليس عندك أحد )
وأمر آخر غاية في الأهمية وهو أن يكون هناك آلية واضحة ومقنعة للترقي في السلم الوظيفي للمعلمين ، بمعنى أن ينظر في أمر عدم مساواة كل المعلمين سواء القدماء منهم أو الخريجين الجدد ، وأصحاب الشهادات وأولئك الذين شهاداتهم أقل ، والحاصلون على دورات تأهيلية وأولئك الذين لم يحصلوا عليها ، وكذلك في عدد تلك الدورات فلا يمكن مساواة من يملك دورتين كمن يملك دورة واحدة ، ويفترض أن ينظر في نصاب المعلم فيعطى عشرون حصة كحد أعلى وأن يكون هناك حد أدنى لعدد الحصص كأن يكون ستة عشر حصة فلا ينقص عنها أي معلم مهما كان إلا وفق آليات محددة وواضحة ، ومن الأمور التي يجب أن تكون واضحة هي تقويم أداء المعلم فيفترض أن يخضع لآليات جديدة ومعايير أكثر وضوحا سواء على مستوى العمل أو صاحب التقويم أو المشرف على تنفيذه .
إن التعليم في بلادنا يملك بنية قوية تؤهله لأن يكون منافسا قويا للتعليم في كثير من الدول العالمية المتقدمة ، ولكن تنقصنا الآليات الواضحة دون لبس ، والقادة الذين يديرون الدفة في الاتجاه الصحيح دون النظر إلى المعوقات أيا تكن .
[COLOR=#FF0017]
مسفر بن طالع الحارثي [/COLOR]
- إمام المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة
- متحدث «الأرصاد»: أمطار غزيرة ورياح نشطة على المملكة قبل دخول الشتاء
- تؤكد التزام المملكة وجهودها في مجال الاستدامة بالقطاع السياحي
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
- تركي آل الشيخ يفوز بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير من MENA Effie Awards 2024
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
المقالات > المعلم ماله وما عليه
المعلم ماله وما عليه
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/6652/