المثل: إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق.
شرح المثل: قد يتفق الأشرار على الشر فيسرقون أو يقتلون فيظل عملهم في طي الكتمان لا يعرفه أحد غيرهم.
بيد أن هذا الاتفاق الشرير لا يدوم، والأشرار لا يبقى بعضهم على بعض، فكثيراً ما يتقطع ما بينهم من أجل مطمع، يرى أحدهم أن يختص به، فيتهم كل منهم الآخر بالجرم ويلصق به ما اقترف من الإثم، حينذاك يدل كل منهم على الجريمة، فإذا كانت سرقة ظهر المسروق، وإذا كانت جريمة قتل ظهر القتيل.
الدلالة الاقتصادية: وكذلك عندما تختلف الدول المشتركة في احتلال أمة من الأمم إذ تطلب كل منهما لها الحرية والاستقلال، لا عن عقيدة، وإنما لتنزع الفريسة من يد الأخرى، وهنا تنكشف نية كل واحدة، وكذلك عندما يتفق المحتكرون على أثمان سلعة ثم يختلفون يظهر ثمنها الحقيقي، ويعرف الناس كيف غبنوا، وحينذاك يقال: ((إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق))!!
المثل: اشتر لنفسك وللسوق.
شرح المثل: يقال عند التبصير بالمستقبل: اشتر لنفسك وللسوق أي احسب حساب الأيام. فقد تشتري المرأة الحلي الزائفة، تفضلها لرخصها، ولأنها تجزئ ما تجزئ الخالصة، لكنها عندما تحتاج إليها لا تجد لها ثمناً.
الدلالة الاقتصادية: فلو أن رجلاً أراد أن يشتري دابة فاختار القوية الفتية، لكان قد اشترى لنفسه وللسوق، إذ يستطيع الانتفاع بها ما شاء، حتى إذا احتاج إلى بيعها وجد لها سوقاً ومشترين.
ولو أنه اختار الضعيفة أو المسنة لعجز عن أن يجد لها ثمناً أو مشترين إذا رغب في بيعها.
ومن اشترى أرضاً فقدر موقعها ومستقبلها وغلتها وأوجه الانتفاع بها، فقد اشترى لنفسه وللسوق لأنها إذا عرضت للبيع جاءت بثمنها أو بأضعافه.
وكذلك من بنى بيتاً فـأقامه متيناً شديد التحمل فقد ضمن الانتفاع به، كما ضمن أن يجيء بثمن مرض إذا احتاج إلى ثمنه فعرضه للبيع.
المثل ألق دلوك في الدلاء:
شرح المثل: المحتاجون إلى الماء يذهبون إلى البئر ويدلون فيها دلاءهم، ثم يعودون كل بما أخرج، فيسقي دوابه أو أهله، وإن أدلى الدلو ولم تخرج بماء أعادها، ولا يزال حتى يحصل على الماء.
وبجانب هؤلاء المجدين، الكسالى الذين لا يدلون دلائهم فيظلون على عطشهم ولا ينالون الماء الذي يناله أهل النشاط وأصحاب السعي والحركة.
والناس في الحياة مثل رواد البئر ووراده، من تقدم وأدلى دلوه وصل إلى هدفه، ومن وقف بعيداً ظل فقيراً معدوماً متأخراً.
الدلالة الاقتصادية: فمن ضاق به العيش في مكان فلم يرحل إلى أرض الله الواسعة، ومن امتهن مهنة فأخفق فيها فلم يجرب غيرها، فمثله كمثل ذلك الواقف على البئر دون أن يدلي دلوه، سيجد الماء بعيداً عنه وإن طال به الوقت، وحينذاك يقال: ألق دلوك في الدلاء.
المثل: الحاجة تفتق الحيلة:
شرح المثل: عندما عرف الإنسان المرض احتاج إلى الدواء فاحتال لصنعه حتى صنعه، وكشف جرثومة المرض، وتمكن أن يطارد الكثير من أنواعه.
وعندما كثر الإنسان وتفرق في بقاع الأرض، واحتاج إلى الانتقال سخر الحيوان، فلما وجده أداة بطيئة اخترع وسائل أسرع منه.
وهكذا، كلما أحس الإنسان حاجة إلى شيء تفتقت حيلته عما ينيله حاجته، ولو أنه كفي طعامه وشرابه وأمنه، ولم يكن له ما يفكر فيه ويسعى إليه لأخلد إلى الهدوء ولم يجد الدافع إلى الاحتيال والاختراع.
الدلالة الاقتصادية: عندما أحس الإنسان الجوع بحث عن الطعام واحتال للحصول عليه، فأخضع الأرض، يزرعها وينبت نباتها، ويجني ثمارها، وأخضع الحيوان، فاستأنسه وصاده، واحتال لصيده فصنع السهم والقسي والشباك والفخاخ، وخاف الوحوش فاحتال لرد عدوانها فصنع الآلات التي تخيفها، كما صنع البيوت التي تقيه شرها، كما تقيه الحر والبرد وعدوان الإنسان.
المثل: دون ذا وينفق الحمار.
شرح المثل: قالوا: أراد رجل بيع حماره، فذهب إلى المشور الذي يعرض الدواب للبيع (سمسار دواب) وقال له: اذكر محاسن حماري، ولك مكافأة حسنة إذا بيع بثمن غال.
وذهب الرجل بحماره إلى السوق فأقبل عليه المشور وصاح أمام الناس: أهذا هو حمارك الذي كنت تصيد عليه الوحش؟ فأحس الرجل أن هذا المدح مبالغ فيه، وأن هذه المبالغة ربما تفوت عليه ما قصده، فلا يصدق الناس، ولا يقبلون على شراء الحمار، فأسرع يقول للمشور: دون ذا أو ينفق الحمار!
أي قل قولاً أقل من هذا يناسب الحمار. فإن إكثارك قد يعطل بيعه.
الدلالة الاقتصادية: إن المبالغة قد تفوت القصد وتعكس المراد، وحينذاك يقال: دون ذا وينفق الحمار. إلا أن المبالغة لا تجدي، بل قد تجلب الضرر.
فإذا كثر طلب سلعة قيل إن السلعة قد نفقت وكذلك يقال نفقت السوق إذا راجت.
[COLOR=#FF001F]
أ . د / زيد بن محمد الرماني [/COLOR]
ـــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية