كانَ الإسكندر (ذو القرنين) مُحِبّاً للعلم شغوفاً به، ولوعاً في الإستزادة منه، وكان إلى جانب ذلك يحبّ معلِّميه ويجلّهم، فقيلَ له ذاتَ يوم: ما بالُ تعظيمك لمؤدِّبكَ أكثرُ من تعظيمكَ لأبيك؟
قال: لأنّ أبي سببُ حياتي الفانية، ومؤدِّبي سببُ حياتي الباقية يعني ( الآخرة).
وقال الإمام الغزالي (رحمهُ الله)صار حق المعلم أعظمُ من حق الوالدين فإن الوالد سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية والمعلم سبب الحياة الباقية ، ولولا المعلم لأنساق ما حصل من جهة الأب الى الهلاك الدائم و إنما المعلم هو المفيد للحياة الاخروية الدائمة.
ودخلَ مؤدِّب أي (معلم) على الخليفة الواثق،فأظهرَ إكرامه وإعظامه.
فقالَ له مَن حوله: مَن هذا يا أميرَ المؤمنين؟
قال: هذا أوّلُ مَن فتقَ لساني بذكِر اللهِ، وأدناني من رحمةٍ الله!!
وكانَ معلم اللغة العربية (الكسائيّ) يؤدِّبُ (الأمين) و(المأمون) ابني هارون الرشيد، فإذا أراد النهوض من عندهما بعد انتهاء الدّرس، يتسابقان على تقديم نعلِه له، ثمّ يصطلحان أن يُقدِّم كلّ واحد منهما واحدة!
فقال له هارون الرشيد ذاتَ يوم: مَن أعزُّ الناسِ الآن يا كسائي؟
قال الكسائيُّ: لا أعلمُ من أعزَّ الناس الآن يا أمير المؤمنين.
قال: بلى، إنّ أعزّ الناس هو مَن إذا نهض تقاتل وليّا عهد المسلمين على تقديم نعله له!!
فأنظروا كيف بينَ هارونُ الرشيد للناس أن المُعلم أعزُ منه وهو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين، فكيف بغيرهِ من الناس ممن هم أقلُ شأناً من الخليفة ؟
هذا هو حالُ الخلفاء العباسيين في توقيرهم وإجلاهم للمعلم ولذلك هم أنتجوا إنتاجاً أدبياً غزيراً وتفوقوا على كل أهل الأرض في الطب والهندسة والفلك والرياضيات ،حتى أن كُتبهم لازالت تُدرس أساسياتها في أوروبا حتى الآن ، بل وأنتصروا هم والأجيال التي من بعدهم على الشرق والغرب والفرس والروم والفرنجة في ساحات القتال وساحات العلم على حدٍ سواء.
إن إجلال المعلم وتوقيره هو توقير واجلال للتعليم ولايكون التعليمُ قوياً إلا اذا كان للمعلم هيبة واذا قَويَ التعليم تفوقت الأمة في جميع المجالات وتقدمت من العالم الثالث إلى العالم الأول وهذا هو حلم سمو وزير التربية والتعليم الأمير : خالد الفيصل،وهو الآن يعمل من أجل تحقيق حلمه وحلم الأمة كلها ، حيث يفتخر المسلمون كلهم بتقدم المملكة العربية السعودية كونها أرض الحرمين وقبلة المسلمين ، وهي قامت لتبقى رمزاً للدين الذي رفعها الله وأعزها به.
إن الوصول إلى العالم الأول ليس معجزةً في ظل توفر جميع الإمكانات،ولكن هذا التقدم يبدأ من المعلم وذلك بتطويره وتهيئة الفرصة له لمواصلة دراسة الماجستير والدكتوراه ، واعطاؤه التأمين الطبي وبدل السكن وزيادة راتبهِ الشهري أُسوةً بطلابهِ الأطباء والمهندسين والقضاة، أليس هو من علمهم وأدبهم؟
إذاً هو يستحق المكان الأعلى منهم مرتبةً وراتباً،وهذه حقيقية.
فعندما سُئل إمبراطور مملكة اليابان عن أهم أسباب تقدم بلده في جميع المجالات ووصولها إلى دول العالم الأول في وقتٍ قصير قال :
((بدأنا من حيثُ انتهى الآخرون وتعلمنا من أخطائهم ،وأعطينا المعلم حصانةَ الدبلوماسي وراتب الوزير)).
والإجلال للمعلم في اليابان لايتوقف عند الراتب العالي والحصانة فحسب، بل إن الطلاب لابد أن يغسلوا أرجل معلميهم بعد كل مرحلةٍ يجتازونها وذلك تعبيراً عن الإحترام المبالغ فيه لذلك هم تقدموا، أما نحن فإن لم يطرح المُعلم أرضاً فهو بخير !
لذلك تأخرنا وتخلفنا عن ركب التقدم.
إن المعلم هو أساسُ تقدم الشُعوب في كل العصور والأزمان، فإن أُكرمَ أنتج طلاباً جيدين وتقدمت الدولة وهذا مانتمناه،وإن بقي على حاله تقدمت الشعوب ونحن نتأخر ونقبع في وحل التخلف وهذا مالانتمناه.
لقد أُعفيَ وزير التربية والتعليم السابق سمو الأمير: فيصل بن عبدالله،وخلدَ تاريخُ الوزارةِ كلماتهِ وأفعالهُ، وأتى سمو الأمير:خالد الفيصل وأنا متأكد من أنه سيترك بصمةً ينال بها محبة نصف مليون معلم ومعلمة، ويخلدها التاريخ في سجلِ نجاحاتهٍ،ويتقدم بها التعليم في بلدنا الغالي فهو رجل عُرفَ بإخلاصهِ في عمله، فنسأل الله أن يوفقه لعمل كل مافيهِ خيرُ ورفعة للوطن .
[COLOR=#FF0036]ماجد الغامدي[/COLOR]
التعليقات 1
1 pings
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
30/12/2013 في 2:21 ص[3] رابط التعليق
مقال يستحق القراءة اكثر من مرة
مبدع في كتاباتك يا أستاذ ماجد مقالاتك دائماً تترك لها بصمة
ونتمنى عودة هيبة المعلم
(0)
(0)