هل أخبرتكم مرة بحكاية زميلنا الأستاذ الجامعي الذي روى لنا على سبيل النكتة ما حدث له في مطار جدة حين كان يصحب أمه ذات الثمانين عاماً في رحلة خارج السعودية وفوجئ بأن ضابط الجوازات يقول له إنه لا يمكنه أن يصطحب أمه معه، ولا بد من إذن زوجها، فقال له الأستاذ الجامعي: «والدي أعطاك عمره منذ زمن»، فسأله ضابط الجوازات الذي يعرف عمله جيداً «حسناً ومن هو وكيلها الشرعي؟»، قال له الأستاذ: «أخي الأكبر»، قال موظف الجوازات: «إذاً لا تخرج أمك إلا بموافقة خطية منه هو». يقول الأستاذ الجامعي ذو اللحية البيضاء: «من شدة شكّي في منطق القرار التفت إلى أمي الهرمة ذات الثمانين عاماً أتفحصها لأفتش عما يمكن أن يخيف هذا النظام الذي وضعنا أنا الأستاذ الجامعي في عمر الستين وأمي في الثمانين في ورطة من هذا النوع».
قصة زميلنا انتهت عند امتثاله للنظام، أو ربما أن أخاه سكت عن تجاوزه فلم يشتكه بأنه يفسد أمه ويخرجها في سفر خارج المملكة من دون إذنه، فهذا بالضبط ما حدث مع الرجل الذي أعلنت «الحياة» عنه بأن المحكمة الجزائية في الرياض تنظر في قضية تهريب «مواطنة» إلى أميركا من دون إذن زوجها!
الخبر يشي بقضية تهريب سيدة، لكن في التفاصيل حيث تكمن الشياطين -أعاذنا الله منها- تكتشف أن هذه السيدة هي أم لديها أبناء يدرسون في أميركا، يعني بلغوا العشرين عاماً، وأن الشيطان الكبير الذي ضحك عليها وهربها إلى أميركا هو أخوها، والسبب الشيطاني الذي هربت من أجله كان كي تزور أبناءها المبتعثين. والواضح طبعاً من الخبر أن هؤلاء الأبناء ليسوا أبناء الزوج المشتكي بل هم أبناؤها من زوج آخر. هل هذا آخر شيطان يخرج علينا من القصة؟ طبعاً لا، فالشياطين لا تهرول عبثاً، والقصة تقول، أو توحي من رؤوس شياطينها أن الزوجة تقيم مع أخيها ويبدو أن العشرة بينها وبين زوجها متعذرة، كما ولا شك أنها غير قادرة على أن تحصل على الطلاق، لأن الرجل الذي اشتكى أخاً تسافر معه أخته لن يهديها الطلاق هكذا بسهولة، بل سيستخدم حقه المطلق بالطلاق وسيمرمر حياتها، وإن كانت بنت أبيها فلتطاولْه.
الواضح أن الأخ غاوي تهريب، فهذه ليست المرة الأولى التي هرَّب فيها الأخ أخته فقد هربها من قبل إلى دبي، وهذه المرة طالت خطاها فهرَّبها إلى أميركا، لاحظوا أن التهريب في لغة أخرى سفر، ويأتي في لغة أخرى تهريب.
الزوج الذي اشتكى الأخ يقول إن الأخ استغل جهل الجوازات، فأخته بعد طلاقها الأول احتفظت بوضعها مطلقة ولم يسجل زواجها الثاني حتى يتم نقل الملكية له، هذه تحتاج شرحاً لكن ليس وقته الآن. المهم أن هذا الأخ الشيطان ضحك على الجوازات وعلى الزوج وهرَّب أخته التي يبدو أنها تقيم معه منذ وقت. الله أعلم ماذا سيصدر في حق المهرِّب والمهرَّبة في المحكمة الجزائية، هل يسجن الأخ أم سيلاقي تهمة كبيرة سمعنا بها من وقت قريب استخدمها أحد القضاة ضد مساعدة زوجة؟ هذه التهمة اسمها «التخبيب»، وهي إفساد الزوجة على زوجها. أما منذ متى كانت المرأة كيساً من الحجارة تنتقل من ملكية الأخ أو الأب إلى ملكية الزوج فيصبح سفر المرأة مع أخيها من دون موافقة الزوج مشكلة قانونية ينظر فيها القضاء ويعاقب عليها وليست مشكلة عائلية تحل بالتراضي وكل ينام على الجنب اللي يريحه، فهذا حدث مراراً عندنا، ولو أخذتكم إلى أكثر الصور الحالكة التي تجلى فيها أوسع أشكال ملكية الزوجة لزوجها في قضائنا، فهي أن الزوج إذا قتل زوجته عمداً مثلما فعل زوج القتيلة السعودية «دليل» التي كتبت عنها الصحافة، فلن ينال سوى 12 سنة سجناً، وحين تقتل الزوجة زوجها تنال الإعدام من غير كلام. لذا تعوذوا من الشيطان ولا يوسوس أخ لأخته بأن يسافر بها كي تزور أبناءها حتى لا يجدا نفسيهما في الجزائية.
[COLOR=#FF0064]
الكاتبة : بدرية البشر [/COLOR]