عندما ولدنا وعشنا مرحلة الطفولة كنا نتمنى أن نكبر بسرعة , وعندما كبرنا عدنا من جديد لحنين الماضي , إنه شريط الذكريات التي عبرت عنه سيدة الغناء العربي أم كلثوم حين غنت : ذكرياتٌ عبرت أفق خيالي , بارقاً يلمع في جنح الليالي , نبهت قلبي من غفوته ,وجلت لي ستر أيامي الخوالي.
وبالرغم من أننا لا نشعر بسنين العمر ومرورها , لكن عندما نسترجع الماضي نجد مسافة زمنية شاسعة قطعناها بسرعة لتكن تلك الأيام الجميلة مجرد ذكريات نراها جميلة رغم المرارة والألم الذي عاشه جيلنا مقارنة بجيل اليوم الذي ولد وفي يده جهاز بلاك بيري وآيفون , عندما نتذكر ذلك الزمن فإنه يبدو جميلاً بكل ما فيه من بساطة .!!
ياترى هل هو الحنين لأن نعود للوراء..!! أم الحنين لأيام الطفولة البريئة والنقاء والطهر .
كنا في مراحل الطفولة المبكرة نصنع العابنا بأنفسنا , لم نعرف المحلات الخاصة بلعب الأطفال التي تملأ شوارعنا الآن , كنا نستمتع بيومنا الطويل , نقضيه وتسلينا أبسط الأشياء ,كنا نرى الأحجام من حولنا كبيرة رغم صغرها , كان شعارنا نحو معلمينا في المدرسة قول أمير الشعراء أحمد شوقي: قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا, بالرغم مما نعانيه من تسلط وشدة في محيط المدرسة كما هو سائد تلك الفترة , كان الوقت يمر طويلاًً خلال الإجازات المدرسية بل يشعر الطفل بطفولته ويعيشها , لا يعاني من تسارع الأيام , إنه الزمن الجميل الذي ما إن يمضي نتذكره ونتمنى أن نعود له حتى وإن كان مراً علقماً .
قبل أكثر من عقدين كان التلفزيون - السعودي - هو الجهاز الالكتروني الأبرز والوحيد تقريباً , كنا نرقب عقارب الساعة ننتظر موعد افتتاحه رغم إن بثه الصباحي لا يتجاوز الساعتين فقط , أما في المساء فإننا نتسمر انتظاراً لنهاية الأخبار الرئيسية التي عادة لا ُيلتزَم فيها بوقتٍ محدد تنتهي فيه حتى نتابع مسلسل المساء اليومي , وكثيراً ما نصاب بخيبة أمل عندما يلغي عرض هذا المسلسل "حفل تخريج عسكري" أو "زيارة ما "أو "تغطية خاصة" أقحمنا فيها ونحن لا ناقة لنا فيها ولا جمل , وبين الفينة والأخرى لابد أن يتحفنا الإعلامي القدير ماجد الشبل بترانيم شعرية وجدانية وإلقاء فريد ومميز.
كنا نستمتع بالمسلسلات البدوية الأردنية التي في الغالب تنقل حياة مغلوطة عن البدو مع ذلك نستمتع بها ونعيش أحداثها ونتحمس لوقائعها نحزن تارة ونفرح أخرى حسب مسيرة المسلسل لكننا دائماً ضد الأشرار في تلك المسلسلات .
كان الراديو له حضوره ودوره البارز في ذلك الزمن الجميل , كان يردد الراحل طلال مداح الأغنية الوطنية ألشهيرة " روحي وماملكت يداي فداهُ , وطني الحبيب وهل أحب سواهُ "من خلال برنامج وطني الحبيب , عندها كان الراديو رافداً من روافد الثقافة والمعرفة والتواصل الاجتماعي بينما نجده اليوم لاقى جفوةً وصدوداً في ظل زحمة الأجهزة الإلكترونية المختلفة الآيفون والآيباد والبلاك بيري والأنترنت عموماً وماتحمله من برامج اجتماعية متنوعة تتيح التواصل الاجتماعي بمن نعرفه ومن لانعرفه وبكل سهولة .
كانت جميع فصول السنة لها ذكريات جميلة رمضان- العيد الصيف الشتاء الربيع - تميزها الطفولة البريئة والبعد عن المسؤوليات وتكاتف أبناء المجتمع الواحد سواء في القرية أو المدينة .
بالتأكيد لكل جيل " زمن جميل" فكما كان آباؤنا لهم زمن جميل يحنون إليه بل وتخنقهم العبرات حينما يتذكرونه وكنا نحن الأبناء نرى ما يتحدثون عنه ويعتبرونه ماض جميل لهم حينما يصفون مسلياتهم البسيطة وتمضية وقتهم في مراحل طفولتهم فقد كنا لانراه يناسب جيلنا ذلك الوقت بل ولا يشدنا ذلك الوصف لعدم ملائمته لجيلنا , فأصبحنا اليوم نعيش نفس المرحلة الآن مع أبنائنا .
اليوم أصبحنا نتذكر أيام الطفولة بحلاوتها ومرارتها وشقاوتها , نسترجع ذاكرة المكان بحثاً عن عبق الماضي الجميل .
[COLOR=#FF002E]براك البلوي
[email]nn55mm@hotmail.com[/email] [/COLOR]
التعليقات 3
3 pings
07/11/2012 في 5:22 م[3] رابط التعليق
ذكرتني بالزمن العجيب
ذكرتني بالماضي
ذكرتي بماجد الشبل رحمه الله
ثورة التقنية نعمة من الله التواصل الآن بعدة طرق وكأنك بقرية تجمع العالم ككل
لله درك من قلم
07/11/2012 في 5:25 م[3] رابط التعليق
شكرا براك البلوي مقال جميل وظروف الناس ايام زمان صعبة وعربسات ونايلسات ريحتنا من الاحتكار والفخششه
الطفولة جميلة والتقدم بالسن فضيلة
اشكرك مره اخرى على اسلوبك
07/11/2012 في 11:00 م[3] رابط التعليق
اشكرك كاتبنا المتميز .. طرح جدا راقي لاهنت