إنَّ هناك علاقة لطيفة بين البُشرى والعبادات التي افترضها الله عز وجل على المؤمنين.
فلقد عُني الإسلام بأمر الصلاة عناية فائقة، وحضّ عليها، ورغّب بمحاسنها، فهي مفاتيح الجنان، ومن خير الأعمال بعد شهادة الإيمان، وأول ما يحاسب عليه العبد بعد مفارقة الأهل والخِلان، عندما يقابل ملائكة الملك الدّيان.
وقد جعل الله تعالى الصلاة صفة كريمة وحلية مباركة للمتقين المسلمين به، والمسلمين له، ((ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين...)) البقرة/2. فهؤلاء لهم رتبة مرموقة يوم القيامة، ومكانة محمودة، لأنهم من فريق المفلحين ((أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون)) البقرة/5.
وفي السنة النبوية دعوة مرغبة إلى أداء الصلاة في جماعة في سائر الأوقات، وخصوصاً في صلاة الصبح والعشاء، حيث جاءتهم البشرى بذلك، فعن بريدة ابن الحُصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) أخرجه أبو داود في سننه.
والزكاة ركن مهم من أركان الإسلام، ودعامة من دعائم الإسلام، أداؤها عنوان على العمل بطاعة الله عز وجل، ((ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)) الحشر/9. فلما سمع المسلمون الأوائل هذه الدعوة المباركة ((فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)) الحج/78، إلى الإنفاق فاضت أيديهم بالمعروف طلباً لرضوان الله سبحانه.
وقد حض الإسلام على الصدقة لما فيها من الخير العميم والثواب العظيم ((الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) البقرة/274.
يقول تعالى ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً...)) آل عمران/97.
إنّ الحج رحلة كريمة يتوجه فيها المسلم إلى البلد الأمين مكة ليؤدي هذه العبادة التي فرضها الله عز وجل.
وقد فرض الله سبحانه الحج على كل مسلم يملك الاستطاعة، والحج فريضة يؤديها المسلم في العمر مرة، حينما تتوافر الاستطاعة من الصحة وإمكان السفر، وأمن الطريق، والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام، يتلاقون فيه عند البيت العظيم الذي صدرت لهم الدعوة منه ذلك البيت الذي جعله الله أول بيت في الأرض لعبادته.
لذا، فإنّ مَنْ يؤدي هذه الفريضة، فإنّ له أحسن الجزاء.
وفي الحج، منافع عظيمة في الدنيا والآخرة، منها الخير العميم من الله سبحانه للمؤمنين الذين يعظمون حرماته، ويبتعدون عن محارمه ((ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه)) الحج/30.
وفي أداء فريضة الحج غذاء روحي كبير، تمتلئ فيه جوانح المسلم خشية وتقوى لله، وعزماً على أداء طاعته، إذ تنمو فيه عاطفة الحب الصحيح لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وكذلك ـ في الحج ـ تأتلف مشاعر الأخوة الصحيحة في كل مكان ويعود الحاج من رحلته هذه وهو أصفى قلباً وأقوى عزيمة على الخير، لأنه قد حظي بالنقاء ونال البشارة بالقبول، لأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاج الذي أدّى هذه الفريضة كاملة دون عوج في الأعمال والأقوال أنه مقبول عند الله تعالى، قد غُفر له، كأنه وُلد وليس عليه من ذنب، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ حج لله، فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه)) صحيح مسلم. وفي الحج بشائر عديدة ونفحات إيمانية حري بالمسلم أن يغتنمها.
إنّ البشرى والاستبشار خلق كريم من الأخلاق الإسلامية التي حض عليها القرآن الكريم والسنة النبوية بل إن البشرى جزء من الهدي النبوي.
فالمؤمن الذي خالطت بشاشة الإيمان قلبه من شأنه أن يكون مبشراً بالخير في كل حين ومبشراً بدعوة الحق في مكانها، ومستبشراً بين الناس.
والبشرى تلقى الضوء على ما يقوم به المؤمن من عمل، لأنه على ثقة من قبول هذا العمل.
وقد بين الله تعالى سرور وفرح الشهداء واستبشارهم عندما قال ((فرحين بما آتهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم)) آل عمران/170.
وللبشرى والاستبشار مكانة سامية في سُدّة الفضائل، فقد أخبر الله تعالى بأنه هو الذي يُبشر من يستحقون البشرى ليكونوا من أهل الاستبشار قال سبحانه ((الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم)) التوبة/20ـ21.
ومما لاشك فيه أن أهل البشرى سيلقون نعيماً وملكاً كريماً عند مليك مقتدر، فهم ضاحكو الوجوه مستبشرون بالنعيم ((وجوه يومئذ مسفرة، ضاحكة مستبشرة)) عبس/38ـ39.
[COLOR=#FF0026]
أ . د / زيد بن محمد الرماني[/COLOR]
ــــ المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : [email]zrommany3@gmail.com[/email]
التعليقات 2
2 pings
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
20/10/2013 في 9:58 م[3] رابط التعليق
جزيت خيرا يا دكتور
وبورك بقلمك
(0)
(0)
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/adwahail/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
20/10/2013 في 10:00 م[3] رابط التعليق
اشكرك د. زيد ونحن نتمنى من سعادتكم الكتابة عن قصور الخدمات الصحية في المناطق والاهتمام بالقضايا الاجتماعية التي تهم المواطن .
(0)
(0)