الحمد لله الذي أنعم وأكرم، ووهب وأحسن، وأعطى ومنح، فبيده الخير كله، وإليه يُرجع الأمر كلّه.
حينما تُذكر المملكة العربية السعودية، يتحيّر العقل، ويصغي السمع، ويتشوّق المتلقي لهذا الاسم العظيم. وكيف لا، وهي قبلة المسلمين، ومهبط الوحي، ومبعث الرسالة، ومهد الإسلام. فيها بيت الله المعمور، ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم المنوّر، وفيها الأمجاد والتاريخ.
إنها من الدول القليلة التي لم تُستعمر، ولم تُقد أو تتبع لغيرها. ومنذ عهد المؤسس -رحمه الله- وأمجادها تتوالى عزًّا وفخرًا ورقيًّا، وتبعه من بعده أبناؤه الكرام -رحمهم الله-، وكلّ منهم أعطاه الله ميزة اتّصف بها: فسعود والخير، وفيصل والعروبة، وخالد والتقدم، وفهد والسياسة، وعبدالله والمحبّة، وسلمان والحكمة، ومحمد بن سلمان هبة الله للعالم؛ هذا الهمام الذي جعل المملكة محطّ أنظار العالم ومركزه السياسي والاقتصادي.
واشهد يا زمان أن بلادي لها من الخيرات الكثير والكثير على سائر العالم، في إسلامهم وإنسانهم، غنيّهم وفقيرهم؛ فهي الدولة التي تعطي بلا مَنّ، وتمنح بلا تَمَنّن، وتقف بلا مقابل. والتاريخ يشهد؛ فما الكويت، والبحرين، واليمن، وسوريا، وغيرهم الكثير، إلا نماذج لمواقف مشرفة كان للمملكة النصيب الأكبر فيها، إما بإعادتها، أو استقرارها، أو دعمها، أو حمايتها. فليس كل دولة تُعدّ دولة، إنما الدول تُعرف بمواقفها التي ارتبطت بأسمائها.
وفي هذه الأيام العظيمة، أيام الحج المباركة، التي من حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل مشاعرها في كنف هذه الدولة المباركة، نقول: والله أعلم حيث يجعل رسالته، وقد جعلها سبحانه في هذا الحكم السعودي البارّ بالأمة كلّها، وهو علم من أعلام الله.
فمن قال إن الحج غير آمن، فهو حاسد، فالواقع يشهد أن الحجيج يتنقلون ويسيرون بكل راحة وطمأنينة، ولا غرابة في ذلك؛ فمن بعد أمن الله سبحانه، سخّرت دولتنا المباركة مئات الآلاف من رجال الأمن والخدمة وغيرهم من رجالات الدولة لخدمة ضيوف الرحمن. فلا توجد دولة تستنفر كل قواها وجهدها لخدمة الناس بلا مقابل، إلا هذه الدولة؛ فهي لا تبتغي من حجاج بيت الله الحرام شيئًا سوى أن يتقبل الله حجهم، ويعودوا إلى ديارهم سالمين غانمين.
ومن يظن أن الدولة تجني أموالًا من الحج والعمرة، فهو واهم؛ إنما تجني الأجر من الله سبحانه وتعالى. وليس هناك دولة نجحت في تسيير هذه الحشود الهائلة، والسيطرة عليها بدقة وتنظيم، رغم اختلاف أجناسهم وثقافاتهم ولهجاتهم، إلا هذه الدولة المباركة، وذلك من توفيق الله لها.
فمن أخلص النيّة لله أعانه، ومن ابتغى الأجر منه، كان الله له سندًا ومعينًا.
فهنيئًا لهذه البلاد، قيادةً وحكومةً وشعبًا، ما حباهما الله من هبات عظيمة، ميّزتها عن سائر الدول، فحقّ لنا أن نفخر، ونشكر الله سبحانه على دوام النعم.