إنَّ الأمة في المفهوم الإسلامي، كيان يجمع كل المسلمين. وهكذا فإنَّ مفهوم الأمة الإسلامية أكثر شمولية من مفهوم العالم الإسلامي، فهو يتسع حتى يشمل المسلمين جميعاً في أركان العالم وأقطاره. وبعبارة أخرى فإنَّ مفهوم العالم الإسلامي مفهوم جغرافي، وهو كيان يضم الأرض والناس، بينما الأمة الإسلامية كيان يحتوي الناس فقط، ومعنى هذا أنَّ بينهما عموماً وخصوصاً، فالعالم الإسلامي هو الأمة، وليست الأمة الإسلامية العالم الإسلامي.
إن العالم الإسلامي يمتد على مساحة واسعة، تضم أجناساً عديدة، وثقافات ولغات عدة، وأذواقاً وعادات، تختلف كل الاختلاف بعضها عن بعض، لدرجة أنَّ بعضهم يذهب إلى أنَّ التنوع فيه هو القاعدة لا الاستثناء. ولكن، في واقع الأمر، فإنَّ هذا الاختلاف لا يشكل عقبة تذكر أمام الهوية الإسلامية التي تجعل من المسلمين وحدة متماسكة، مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم ولغاتهم. يقول سبحانه في محكم كتابه: ( إنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/92. ويقول رسول الهدى عليه الصلاة والسلام (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) متفق عليه.
كما أنَّ كتاب الموادعة – الذي كتبه صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار من جهة، وساكني المدينة من جهة أخرى – يُعدُّ وثيقة إعلان وحدة الأمة الإسلامية. وحسب تعبير أحمد القديدي أستاذ جامعي تونسي فإنَّ ما يجمع العالم الإسلامي هو المنقذ من الضلال، إنها تلك الروح الحية المتوهجة من سراييفو بقلب أوروبا، إلى تمبكتو بقلب إفريقيا، حيث ينشط المسلمون بقلب أمريكا، ومن معهد الثقافة الإسلامية ببكين إلى مركز الدراسات الإسلامية بواشنطن، إنها الأشواق والطموحات والتطلعات نفسها، تهز الضمائر وتحرك السرائر، وحدة مثالية وروح إسلامية رائعة، مهما اختلفت الألوان والجنسيات.
وبعد هذه الجولة المفاهيمية يبقى السؤال المهم عن هوية الأمة الإسلامية، إلى أين تتجه، إلى الاستقلال أم التبعية؟ بَيْدَ أنا نؤكد أنَّ هذه الأمة حظيت بعقيدة إسلامية صافية، حافظت على أواصر الوحدة، شهد بذلك البعيد قبل القريب.
تعليق واحد
جزيت خيراً دكتور زيد مقالة جميلة
كتب الله اجركم