من قلب مدينة الدمام، انطلقت قبل ستة أعوام جمعية “ترميم”، حاملةً رسالة إنسانية نبيلة تتجاوز إعادة بناء الجدران لتصل إلى إعادة بناء حياة الإنسان، وتحت شعارها الملهم “نرمم المكان لتنمية الإنسان”، امتدت أنشطتها إلى مختلف مدن ومحافظات المملكة، وكان لمدينتنا حفرالباطن نصيب وافر من هذا العطاء.
وفي حفرالباطن استطاعت الجمعية من إحداث أثر ملموس في حياة الأسر المحتاجة؛ إذ رممت حتى اليوم 263 منزلًا، استفاد منها أكثر من 1311 شخصًا، وتحولت تلك البيوت من أماكن متهالكة إلى بيئات سكنية كريمة وآمنة، شكّلت بداية لتغيير حقيقي في حياة ساكنيها.
ما يميز “ترميم” لا يقتصر على خدماتها الإنشائية، بل يتعداها إلى برامج تنموية تهدف إلى تمكين الأفراد وتعزيز اعتمادهم على أنفسهم، فقد أطلقت الجمعية أكثر من 20 برنامجًا، شملت السلامة المنزلية، والإدارة المالية، ومبادرات نوعية أخرى، استفاد منها أكثر من 450 فردًا، بهدف الارتقاء بجودة حياتهم ودعمهم نحو مستقبل أكثر استقرارًا.
كما برزت الجمعية كنموذج رائد في تفعيل المشاركة المجتمعية، عبر فرق تطوعية فنية وتخصصية تعكس عمق ثقافة العطاء المتجذرة في مجتمعنا السعودي، وقد تُوّجت هذه الجهود بعدد من الجوائز المرموقة، أبرزها جائزة الأمير صيتة للعمل الاجتماعي، تقديرًا لتفانيها في خدمة الفئات الأكثر احتياجًا.
“ترميم” ليست مجرد جهة خيرية، بل تمثل رسالة أمل تنتشل البيوت من التهالك، وتنهض بالأرواح، مؤمنةً بأن بناء الإنسان يبدأ من مكان يشعر فيه بالأمان والكرامة.
وقد سعدت مؤخرًا بحضور اجتماع في غرفة حفرالباطن، جمع قيادات الجمعية والغرفة التجارية، جرى خلاله استعراض إنجازات الجمعية وشراكاتها وجوائزها، استوقفني المستوى المهني العالي لفريق العمل؛ من دقة جمع المعلومات وتطبيق الشروط، إلى المصداقية في عرض الإحصائيات، وحرصهم الدائم على احترام خصوصية المستفيدين في كل مرحلة من مراحل العمل.
كما سرّني إشادة الفريق بعدد من رجالات حفرالباطن المبادرين بدعم الجمعية، وحرص المقاولين الحفراويين على المساهمة في أعمال الترميم، في تجسيد صادق لقيم ديننا الحنيف ومبادئنا الأصيلة، لتواصل “ترميم” مسيرتها متناغمةً مع رؤية المملكة الطموحة التي جعلت من العطاء والعمل الخيري والتطوعي دعامةً أساسية لبناء مجتمع متراحم، لا يُترك فيه أحد خلف الجدران المتهالكة، بل يُعاد إليه الأمان والكرامة، حجرًا بعد حجر، وأملًا بعد أمل.
ختاما، طوبى لقلوبٍ نبضت بالرحمة، وأيادٍ امتدت بالعطاء، وأرواحٍ اختارت أن تكون بلسمًا لوجع المحتاجين.