في تغريدة للدكتور الأديب الأريب محمد بن راشد الهزاني صاحب المصنفات الكثيرة , أثار مسألة ما زالت موضع جدال كبير ومنذ القدم بين علماء اللغة والتاريخ وحتى الأن . من هم أصل العرب الحجاز أم اليمن ؟! . الحقيقة إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب إجراء الكثير من البحوث في (اللغة , التاريخ , علم الآثار , علم الأنساب الجيني .. إلخ) . في مجال اللغة يحتج البعض بأن القرآن الكريم نزل باللغة العربية الفصيحة وهي لغة أهل قريش . طبعا عدد أفراد قبيلة قريش في ذلك الحين لم يكن يتجاوز (5000) آلاف نسمة , والرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الاسلام وبخلاف كل الأنبياء كانت دعوة عالمية , ولا يمكن مخاطبة العالم بلغة قوم لا تتجاوز أعدادهم بضعة الآف . القرآن الكريم فيه بعض الكلمات غير العربية مثل (سندس , إستبرق , سجين .. إلخ) , ولكن تم تطويعها كي تتماشى مع إيقاع اللغة العربية , كما هو الحال مع الأسماء الأعجمية التي وردت في القرآن الكريم , مثل إبراهيم عليه السلام (إبراهام) , يوسف (جوزيف) , موسى (موشى) , عيسى (إيسوس).. إلخ . اللغة مثل الإنسان تمر بمراحل كثيرة , من لغة بدائية إلى عالمية إلى مرحلة الانحطاط ثم الانكماش ثم النهاية , كما حصل مع الكثير من اللغات التي انقرضت عبر التاريخ . اللغة العربية لا يمكن اختزالها في قبيلة قريش , لأن قبيلة قريش من العرب المستعربة (العدنانية) وليست من أصل العرب , وهي تنتمي إلى النبي اسماعيل عليه السلام , وكما هو معلوم فإن إبراهيم عليه السلام كان لا يتكلم العربية بل السريالية القريبة من العربية وأيضا العبرانية . قبيلة جرهم التي تزوج منها اسماعيل عليه السلام كانت من القبائل القحطانية اليمنية . العرب القحطانية في جنوب الجزيرة العربية وبالذات (اليمن) أو ما يطلق عليهم أصل العرب , كانوا يتكلمون اللغة العربية الفصيحة كما هو الحال مع كل القبائل العربية الأخرى , طبعا مع اختلاف في اللهجات كما هو الحال في الدول العربية في الوقت الحاضر . ولكن الله سبحانه وتعالى حفظ اللغة العربية بحفظه للقرآن الكريم والذي هو خلاصة لغة العرب جميعا . لا يوجد نص صريح في الإسلام يؤكد أن القرآن الكريم نزل بلغة قريش العربية , بل كلها أقوال مرسلة لا يوجد مايسندها , حتى الآيات القرآنية التي تتحدث عن لغة القرأن الكريم العربية , نزلت كلها بصيغة التعميم وليس التخصيص . في المقابل تجد اللغات الأوروبية كلها انبثقت عن اللغة اللاتينية القديمة (اليونان) ومع ذلك لا تجد الفرنسي يعرف شيء في اللغة الإيطالية , ولا الإيطالي يفهم شيء في اللغة الإسبانية ..إلخ , والسبب في ذلك أنه لا توجد مرجعية أو (حاضنة) يحتكم إليها الجميع كما هو الحال في اللغة العربية (القرآن الكريم) , العرب في الوقت الحاضر رغم الاختلاف في اللهجات , ولكن عندما يشاهد المواطن العربي نشرة الأخبار تجد الجميع يفهم المحتوى دون وسيط , في المقابل تجد أن الخطابات التي كان يلقيها الإمبراطور الياباني “هيرهيتو” في الحرب العالمية الثانية لا يستطيع الياباني في الوقت الحاضر أن يعرف الكثير منها (مهجورة) . وقس على ذلك بقية اللغات , ماذا يعرف الإنجليزي المعاصر من لغة شكسبير مثلا ؟! . في المقابل بإمكان “امرؤ القيس” الجاهلي أن يتجول الآن في أي حي شعبي وفي أي دولة عربية ويتفاهم مع العامة دون أي صعوبة تذكر . القراءات السبع في القرآن الكريم تؤكد بما لا يدعو للشك بأن لغة القرآن الكريم كانت عربية فصيحة تتعامل معها جميع القبائل بكل أريحية وبدون الحاجة إلى ترجمان , مع اعتقادي الشخصي بأن القراءات السبعة لم تأت من أجل التيسير على الناس قي قراءة القرآن الكريم فحسب , بل يتعدى الأمر ذلك إلى أنها جاءت لتوضيح بعض المسائل من جوانب متعددة , مثل الاختلاف في الظرف الزماني والمكاني , على سبيل المثال نجد في قوله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبان فتبينوا , وفي قراءة أخرى فتثبتوا (هنا تأتي كلمة “تثبتوا” طلب حقيقة الأمر والواقع , بينما كلمة “فتبينوا” تأتي لاحقا من أجل بيان الشيء بعد التثبت منه , الأولى للمقدمة والثانية للنتيجة (ابن عثيمين) , وأيضا في قوله تعالى : حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة , وفي قراءة أخرى حامية . كلمة (حامية) تتحدث عن اللحظة التي تغرب فيها الشمس وينعكس فيها الشفق الأحمر على صفحة الماء ويبدو وكأنه نارحامية (كتلة من اللهب) , و(حمئة) هي الفترة التي يختفي فيها الشفق الأحمر ويحل الظلام وتتحول صفحة الماء إلى ما يشبه الطين الأسود . طبعا الشمس لا تغيب أبدا إنما تهيأ ذلك لذو القرنين . يعني لو كانت هناك طائرة تسير بسرعة تزيد عن (2000كم) في الساعة , وتسير في اتجاه غروب الشمس فسوف تظل على هذه الحالة إلى مالا نهاية . القراءات السبعة ما زالت بحاجة إلى دراسات متعمقة لمعرفة دلالاتها . وكذلك الحال مع تطوراللغة العربية , فهي تعتبر من اللغات السامية التي سادت في الجزيرة العربية , وبين هذه اللغات توجد قواسم كثيرة مشتركة , تحتاج إلى دراسات متعمقة بل ويجب تدريسها كمقرر في المرحلة الجامعية تحت مسمى (علم اللغات المقارن) , وكذلك تدريس الأثار المتعلقة بالحضارات السامية في الجزيرة العربية (علم الآثار المقارن) , كل الأبحاث الحالية في اللغة العربية تقتصر على نواحي البلاغة وأغراض الشعر وخصائص الشعر في كل مرحلة زمنية يعني تكرار المكرر (الاجترار) . لقد نبغ العديد من الشعراء في جميع العصور العربية , مثل إمرؤ القيس , الأعشى , جرير , الفرزدق , المتنبي , البحتري ..إلخ , يا ترى كم شاعر نبغ من قبيلة قريش ؟! , لقد كانت قريش ترسل أطفالها الرضع إلى القبائل العربية , كي يتعلموا منها الفصاحة والبلاغة والرجولة والشجاعة , لذلك لا غرابة أن قريش تعد من أكثر القبائل التي أنجبت القادة والزعامات وليس الشعراء والأدباء , وهذه حكمة من الله سبحانه وتعالى لأنه لو اشتهرت قريش بالأدب والشعر لكان من السهولة بمكان اتهام الرسول صل الله عله وسلم بـ (الشاعر) , قال تعالى : وما هو بقول شاعر . أكثر الشعوب العربية تحدثا باللغة العربية الفصيحة حاليا هم أهل اليمن . للأسف نحن في دراستنا للتاريخ ما زلنا في مرحلة (التدوين) ولم نصل بعد إلى مرحلة التحليل فما بالك في مرحلة التفسير . استخدام علم الأنساب الجيني سوف يطرح الكثير من الأسئلة ؟! . جنوب الجزيرة العربية كان بمثابة الخزان البشري الذي يرفد الجزيرة العربية ودول الجوار بالبشر ( القبائل) ، وبالذات بعد انهيار سد مأرب . من ضمن الأسباب التي أدت إلى ضعف وسقوط الأندلس , كان الصراع المستمر بين القبائل القحطانية والعدنانية (القيسية واليمنية) .
من أصل العرب


بقلم ـ فوزي محمد الأحمدي

أضواء الوطن
- منذ أسبوعين
- 12690
شاركها
-
الأهلي يقصي الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلممنذ 3 أسابيع
-
“السماوي”.. يواصل سلسلة الانتصاراتمنذ أسبوعين
-
عبدالله ابومحمد.
النص يُنتقد بهدوء وذكاء التغيرات السطحية في المجتمعات الحديث...
-
عبدالله
الذهب يابى الا ان يكون ذهبا من بعضه ذهبا....
-
اسماعيل محمد
كلام رائع في حق الملك عبد العزيز، ومهما قيل فانه لا يكفيه حق...
-
محمد سحاري
جزيت خيراً دكتور زيد مقالة جميلة كتب الله اجركم...
-
صالحه حمد ان خلف
نشر...
أخبار المجتمع