الحياة بطبيعتها متغيرة ولا تسير على وتيرة واحدة ما يجعلها لا تمنح الإنسان استقراراً دائماً بسبب متغيراتها الكثيفة والجوهرية كماً ونوعاً حيث تأتي هذه المتغيرات إما فجأة وإما على وتيرة بطيئة ولا نتنبه لها إلا حين نفيق على واقع جديد لم نكن نخطط له أو نتوقعه.
والمتغيرات تعدد أنواعها بتعدد حالاتها فهناك متغيرات مفاجئة مثل فقدان وظيفة أو وفاة شخص عزيز أو أزمة صحية نتعرض لها وهناك متغيرات تدريجية مثل تغير نمط الحياة بعد الزواج أو تغير الحال مع التقدم في العمر كما أن هنالك متغيرات خارجية تتعلق بالبيئة والمجتمع والعالم من حولنا وهنالك أيضاً متغيرات داخلية تلعب دور حساس في تشكيل أفكارنا وطبيعة أدبياتنا كالنضج الفكري أو تغير القناعات أو إعادة ترتيب الأولويات.
ولعل أبرز تحديات التعامل مع هذه المتغيرات ثلاثة تحديات أولاً فهم طبيعتها حيث أن المتغيرات جزء أصيل من الوجود فلا توجد حياة بلا تغيير ولا يوجد نمو بدون مواجهة ما يجعل التغير إما سلبي أو إيجابي لكنه في كلتا الحالتين يحمل معه فرصة للتعلم والنضوج.
ثاني تحديات التعامل مع المتغيرات يكمن في تقبلها لأن المقاومة المستمرة لها تُسبب الخوف والتوتر والتقبل هنا لا يعني الاستسلام للمتغيرات وإنما الاعتراف بالواقع كمقدمة للتعامل معه بوعي فمن طباع الشخص المرن التكيف بسرعة والبحث عن حلول بدلاً من الغرق في الشكوى والتذمر.
وآخر تحديات التعامل مع المتغيرات وجود من يعتبر التغير تهديد له ولثوابته ويرى في التعاطي معه خطر يهدد “عقلية النمو” عنده التي يقول ركنها الرئيس بأن الفشل مؤقت وأن التحديات تصنع القوة وفي المقابل هنالك خطر ما أطلق عليه مسمّى “عقلية الثبات” التي تجعل صاحبها ينهار أمام أي تغير يخرج عن المألوف وعما إعتاد عليه.
ختاماً إن المتغيرات يجب ألا تعتبر نهاية وإنما بداية لمرحلة جديدة تحمل الخير والتطور حتى لو كانت في أولها مؤلمة أو مربكة لأن التوازن النفسي لا يعني الثبات على حال معين بل يعني القدرة على الحركة بمرونة وسط المتغيرات فكما يتغير الطقس ويتبدل الليل بالنهار تتغير الحياة باستمرار على إيقاع يمنح البشر القدرة على العيش بسلام وطمأنينة وازدهار.