لقد قمت بقراءة أكثر من مقال لأحد أعضاء هيئة التدريس قي إحدى الصحف المحلية . لقد وجدت أن كتاباته تحتاج إلى ترجمة من اللغة العربية إلى العربية , ثم بعد ذلك شرح وتبسيط للمصطلحات العلمية التي وردت في كتاباته . لقد وصلت إلى قناعة تامة بأن الكتابات الأكاديمية بشكل عام , والعلمية بشكل خاص (الفيزياء , الكيمياء , الأحياء , الجغرافيا .. إلخ) مكانها الطبيعي هو المعاهد والجامعات وقاعات الدراسة والدوريات العلمية فقط . حيث يمكن من خلالها استعراض العضلات المعلوماتية , والتكلف في الفصاحة والتشدق في الكلام (التنطع) . لذلك لو تأملنا في الكثير من كتاب المقالات في الصحف العالمية (المشاهير) , لوجدنا أن السواد الأعظم منهم لا يحمل أي خلفية أكاديمية , القليل من الأكاديميين نجح بامتياز من التحرر من النهج الأكاديمي الممل (الرتيب) , بل وتوظيفه في خدمة الواقع الحياتي (قضايا الساعة) , بل وجعله في متناول الجميع , بلغة سهلة وبسيطة ومفهومة (د/ زيد الرماني) . لقد فشل الكاتب الأكاديمي من التحرر من عقلية (البحث العلمي) , التي تعتمد على الأدلة والبراهين بعيدا عن الإثارة والعاطفة التي تجذب القارىء . وبالتالي نجد أن هذا النوع من الكتابات يتسم بالجمود لا حياة ولا روح فيها (كتابات ميتة) , لأنه لا يتم ربطها بالواقع , والأهم من ذلك كله أن هذا النوع من الكتاب غالبا ما يتعامل مع القارى كتلميذ مبتدىء (التنظير) . في المقابل انظر إلى النجاح الكبير الذي حققته الكتابات العلمية , التي تتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وفي شتى مجالات المعرفة (الطب , الفلك , الجغرافيا , الجيولوجيا .. إلخ) . ومدى فهم القارىء وتفاعله معها ومتابعته لكل جديد في هذا المجال (د / زغلون النجار) , لأنها كتابات تنبع من القلب وتخاطب القلب , وليس من اللسان إلى الآذان . الدكتور / خالد النمر استشاري أمراض القلب وقسطرة الشرايين , استطاع ومن خلال كتاباته الطبية أن يكسب قلوب وعقول الملايين من القراء , والسر في ذلك يكمن في نجاحه في تقديم المعلومة الطبية بلغة بسيطة وبدون تكلف ويفهمها الجميع (تواضع) العلماء . المقالات الصحفية يجب أن تتسم بالتنوع وتراعي الفوارق العلمية والعقلية بين الناس وأيضا الميول (الأذواق) , ولا مانع من العناوين المثيرة ولكن يجب أن تتناسب مع المحتوى , المقال يجب أن يتضمن العديد من القصص والأمثال والطرائف من أجل التشويق وكسر الملل واستكمال قراءة المقال (السرد الممتع) . لا بد أن تكون العاطفة حاضرة وبقوة في المقالات , حتى تستطيع ان تكسب قلب وعقل القارىء . والأهم من ذلك كله احترام عقله . على سبيل المثال لا يمكن للكاتب أن يتحدث عن الرفاهية والجمال والأرياء والإناقة والنحافة ومشاكل السمنة أو السفر , في بلد يعاني من عدم الاستقرار أو الحروب , ويعيش معظم سكانه تحت خط الفقر . هذا أشبه بمن يطلق النكات في مجلس عزاء , هذا يعد (استفزاز) للقارىء وعدم مراعاة لمشاعره . الكاتب الحقيقي يمثل القلب النابض للمواطن ، وينظر إلى القارىء (كرصيد) وعلى حق ويهمه رأيه ورضاه ، بينما الكاتب الأكاديمي غالبا ما يتعامل مع شريحة محدودة وهي مجرد أرقام .
2 تعليقات
أحسنت..كثير من الكتاب مقالاته ممله ..حشو انشائي
بورك بطرحك الجميل
حقيقة واقع هذا الأسلوب من بعض الكتاب