الاحتكار بالمعنى التقليدي والبسيط , يتمثل في قيام تاجر أو جهة بإخفاء سلعة ما , لفترة زمنية معينة من أجل (تعطيش السوق) , ومن ثم يقوم بعد ذلك بعرضها وببيعها في وقت لاحق , ويتحكم في السعر نظرا لعدم وجود منافس له (البديل) . هذا النوع من الاحتكار ما زال موجودا حتى الآن ولكن على نطاق ضيق جدا . لا أريد أن أتطرق إلى أنواع الاحتكار التقليدية فهي تكاد تكون معروفة لدى الجميع . بعد سقوط الشيوعية التي كانت فيها الدولة تحتكر كل شيء حتى الإنسان (الاشتراكية) !! . كان البديل هو (الرأسمالية) المتوحشة ولكن بقفاز ناعم , وتحت غطاء دعه يعمل , دعه يمر , والغاية تبرر الوسيلة عفوا الجريمة , تم بعد ذلك تقنين الاحتكار , بل أن هناك أنواع من الاحتكار لم تكن معروفة من قبل وبعضها غير مرئية , لا تجد أحد من الناس يستنكرها حتى من علماء الاقتصاد ؟! , بل تجدهم يقدمون لها المبررات , مثل الدراسات والأبحاث والنظريات (التقنين) . على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية عندما يستحوذ (5%) من السكان على (95%) من الثروة . يعني (95%) من الشعب يعمل كـ (عبيد) عند الأقلية التي تحتكر المال والنفوذ , أو ما يطلق عليه تحالف أو زواج (السلطة والمال) . بل أن هؤلاء المساكين الذين يشكلون الأغلبية المطلقة من السكان , يدفعون ما يقرب من (50%) من رواتبهم كضرائب أو رسوم أو تأمينات , أقساط .. إلخ . يعني نحن أمام اقتصاد رأسمالي ولكن بنكهة (اشتراكية) . أذا لم يكن هذا احتكار فما هو الاحتكار إذا ؟! . عندما تفرض الولايات المتحدة الأمريكية الدولار (الفالصو) كعملة وحيدة يجب أن يتعامل معها العالم في التجارة العالمية , وفي المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي , أو حتى في التحويلات الدولية (سويفت) , أحيانا تحت غطاء محاربة الإرهاب , غسيل الأموال , التهريب .. إلخ (الجزرة) . إذا فشلت كل هذه المبررات فالبديل يكون في استخدام (العصا الغليظة) , كما حصل مع العراق (الغزو) , وإيران وفنزويلا (الحصار الاقتصادي) , لأنها قامت باستبدال الدولار بعملات أخرى مثل اليورو في تعاملاتها التجارية . ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من فرض رسوم على العالم , بل وإحبار العالم على شراء النفط والغاز الأمريكي وبالسعر الذي تحدده يعد احتكار بالقوة . الهدف منه هو أن تظل الشركات الأمريكية الفاشلة هيي المهيمنة على السوق المحلية والعالمية (الاحتكار) . عندما يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب السيطرة على كندا وغرينلاند والمعادن النفيسة في أوكرانيا وأيضا فنزويلا ..إلخ) , على الرغم من أن هذه الثروات تكفي العالم كله , والهدف من ذلك هو التحكم في هذه الثروات (الاحتكار) . وقس على ذلك فرنسا التي كانت تضع يدها على ثروات الدول الإفريقية وكانت حكرا عليها , وتشتريها بأسعار أرخص من طين الأرض . أما الاقتصاد من الداخل فيكاد يكون كله قائم على الاحتكار . ما الفرق بين من يحتكر سلعة معينة في دولة ما , ويتحكم بسعرها ولا أحد يستطيع أن ينافسه وبقوة القانون , مثل ما يسمى بــ (الوكيل الحصري) طبعا هذا في عالم الواقع , وبين (شايلوك) اليهودي المرابي في مسرحية شكسبير (تاجر البندقية) , والذي يتحكم في في أسعار الفائدة على القروض (المال) في عالم الخيال ؟! . عندما تجتمع أكثر من شركة وتشكل (تكتل اقتصادي) , وتتفق على تحديد سعر معين للسلعة التي تنتجها , تحت مسمة (ميثاق شرف) , وبالتالي لم يعد أمام المستهلك أي خيار إلأ شراء السلعة بموجب الأمر الواقع , وغالبا ما تكون بأسعار مرتفعة , قال ميثاق شرف قال ؟! , والسؤال الذي يطرح تفسه أين الدور الذي يجب أن تقوم به الجهات الرقابية ؟! . عندما تقوم جهة بتوقيع اتفاقية مع مؤسسة ما لتأمين (سلعة) , أو إيداع مستحقات مالية في بنك دون غيره , أو تقديم خدمة تكون حصرا على هذه المؤسسة أو تلك , فهدا هو بحد ذاته يعد شرعنة للاحتكار . بغض النظر عن المبررات التي قد تقدمها هذه الجهات . هذا بدوره يؤدي إلى تسمين هذه المؤسسات وتغولها , وبالتالي تجدها تهيمن على السوق المحلي , وتتحكم في الأسعار , والأخطر من ذلك كله الهيمنة على السوق , وتراجع دور المؤسسات الأخرى بل وإغلاق أبوابها (البطالة) , على سبيل المثال كنا نرى في الماضي هيمنة بنك ما على معاشات التقاعد ، وآخر على تقديم قروض البنك العقاري , أو موسسة طبية في تأمين الدواء إلى وزارة الصحة بل والمرضى مباشرة .. إلخ . ايضا نرى هناك نوع من الاحتكار غير المرئي , مثل هيمنة المؤسسات التجارية الكبرى واحتكارها للسوق , وبالتالي أدى هذا إلى إعلاق الكثير من المؤسسات الصغيرة تحت مسمى (التقبيل) أو عدم التفرغ أو حتى بداعي السفر ؟! . وهذا بدوره سوف تكون له تداعيات كبيرة على الطبقة الوسطى في المستقبل (الكساد) , ولأن هذه الطبقة هي (الدينمو) الذي يحرك الاقتصاد . المؤسسات الصغيرة كما هو معروف عالميا هي التي تستوعب ثلثي الأيدي العاملة في أي دولة . شركات الدواء العالمية تجسد الدور القبيح للاحتكار , ناهيك عن المتاجرة بآلام المرضى والمعذبين في الأرض , بل وفي نشر الأمراض وإيجاد الأمصال لها (الدواء) , لا غرابة عند انتشار أي وباء أن ترتفع اسعار أسهم شركات الأدوية العالمية إلى عنان السماء . من يبتكر طريقة ما أو علاج فعال لمرض ما , ويحرم هذه الشركات من المليارات من الدولارات سنويا , سوف تحاول شراء حقوق أبحاث هذا الدواء كي يبقى حبيس الأدراج ولا يرى النور أبدا , أما إذا ركب دماغه ورفض بيعه لدواع إنسانية , فسوف يتم تصفيته وسرقة أبحاثه , وفي النهاية تسجل القضية ضد مجهول . مثل الطبيبة والمخترعة السعودية سامية الميمني في أمريكا , الباحثة المصرية ريم حامد في فرنسا .. إلخ . لوبي النفط العالمي الذي يحتكر النفط في العالم لن يسمح بأي بدبل للنفط وما أكثر البدائل , العالم اللبناني العبقري حسن الصباح (أديسون الشرق) , له أكثر من (130) اختراع , الاختراع الذي عجل في قتله هو جهاز تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية مستمرة , بحيث اذا تم وضع كمية من هذه الأجهزة في مساحة ميل مربع تكفي لإنتاج (200) مليون كيلو وات من الكهرباء . الخصخصة نوع من أنواع الاحتكار غير المرئية , تبدأ أولا بشراء الشركات الناجحة مثل الماء والكهرباء والتي لا يوجد منافس لها أصلا ، وتقوم الدول ببيعها لتسديد العجز في الميزانية (السيولة) ، ثم تقوم هذه الشركات بتطوير الخدمة وبعد ذلك تكشر عن أنيابها من خلال تقليص أعداد الأيدي العاملة ثم التحكم في الأسعار , والتدخل في الشأن المحلي والهيمنة على القرار السياسي . الاحتكار يؤدي إلى الجمود وإلى ارتفاع الأسعار وبالتالي التضخم وعدم الاستقرار . الاحتكار والخصخصة والبنك الدولي والاستثمارات (رباعي الشر) , يمثلون الوصفة السحرية لسقوط الدول (يوغسلافيا) سابقا .
- الأرز لا يسبّب السمنة بمفرده.. الدكتور النمر يوضح العوامل المؤثرة
- “الداخلية” تتوعّد المتسترين وتطيح بـ 17 متورطاً.. 18 ألف مخالفًا للإقامة والعمل في قبضة “الحملات الميدانية”
- هيئة الزكاة توضح ضوابط إعفاء المبتعث من الرسوم الجمركية
- المرور السعودي يحذّر من خطورة استخدام أكتاف الطريق للتجاوز
- وزارة الحج والعمرة: الحفاظ على نظافة المسجد الحرام سلوكٌ حضاريٌّ واستشعارٌ لقدسيته
- نظام الأرصاد.. ضوابط كاملة للظهور الإعلامي ونشر معلومات الطقس وعقوبات بشأن المخالفين
- وزارة العدل: إحالة محامٍ للتحقيق لنشره معلومات مضللة على وسائل الإعلام
- «الأرصاد» عن طقس السبت: أمطار خفيفة ورياح نشطة على عدة مناطق
- “الأرصاد”: مؤشرات أولية بـ”صيف ساخن”.. والمناطق الشرقية الأكثر حرارة
- الاتفاق يفرض التعادل على الهلال ويقدم هدية للاتحاد للابتعاد بالصدارة
- المملكة تدين أوامر إغلاق أصدرتها “إسرائيل” بحق 6 مدارس تابعة لـ”الأونروا” في القدس الشرقية
- فرق “الهلال الأحمر” تنقذ حالتي توقف قلب وجلطة دماغية بالحرم المكي
- مكافحة المخدرات تطيح بمروّجي “إمفيتامين” في الشرقية
- «المرور»: احرص على استخدام «الفليشر» عند ظهور أي مفاجآت على الطريق
- “الأمن البيئي” يحذر من الصيد في أماكن محظور الصيد فيها ويكشف الغرامات
02/04/2025 8:19 م
بقلم ـ فوزي محمد الأحمدي
0
155081
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3637622/